يشكل الكذب والنفاق أساس السياسة الدولية تجاه إيران. ففي الوقت الذي أعلنت فيه وزيرة الخارجية الأميركية كوندليزا رايس رفع بعض القيود عن هذه الدولة، كان بوش يمدد العقوبات الاقتصادية المفروضة على طهران. وتزامنا مع مبادرة الحوافز الاقتصادية، توعد نائب الرئيس الأميركي ديك تشيني إيران بما أسماه أعمالا أكثر صرامة إذا لم تتخل عن طموحاتها النووية. وقبل ذلك حذر بوش من أن العالم الحر لن يتسامح مع طهران.
إن سياسة العصا والجزرة التي تلوح بها واشنطن تجاه إيران أثارت في الواقع حفيظة العالم الحر الحقيقي. فها هي فنزويلا تعرب عن وقوفها جنبا إلى جنب في خندق واحد مع إيران خلال الزيارة الأخيرة التي قام بها الرئيس محمد خاتمي لكاركاس. أثارت السياسة أيضا حفيظة الإيرانيين الذين لم يروا فيها جديدا واعتبروها نوعا من "السخف". لذلك لم تنجح هذه السياسة سوى في جعل هذه القضية مسألة كرامة وطنية بالنسبة للإيرانيين في الداخل، إذ جمعت حولها الإصلاحيين والمتشددين. ولم يتردد معارضون إيرانيون في رفض أن يكون سعي طهران لإحراز تقدم في مجال التكنولوجيا سببا لاستهدافها أو لفرض عقوبات عليها أو لتهديد أمنها واستقرارها. فامتلاك هذه التكنولوجيا حق لكل دولة، كما أن دخول طهران إلى منظمة التجارة العالمية الذي تعتبره واشنطن ضمن تلك الحوافز، هو في الواقع حق أيضا لكل دولة وليس منحة من الولايات المتحدة. وتعتبر الحوافز الاقتصادية في حد ذاتها متواضعة مقابل المشروع النووي الطموح الذي كرست فيه طهران جهودها لمدة عقود. ومع انتقاء خاتمي للغة شبيهة بالغزل في الرد على الحوافز الأميركية حينما أكد استعداد بلاده لوقف مؤقت لتخصيب اليورانيوم وإعطاء ضمانات أكثر في عملية التفاوض، يبقى التساؤل قائما: هل ستؤتي هذه السياسة الجديدة تجاه طهران أكلها؟ أعتقد أن الإجابة ستفصح عنها الأيام القليلة المقبلة بعد انعقاد الجولة الأخيرة للمحادثات مع الأوروبيين المقررة في باريس في 23 من الشهر الجاري. إذ سيكون هناك خياران فقط إما سلم أو مواجهة
إقرأ أيضا لـ "عزوز مقدم"العدد 923 - الأربعاء 16 مارس 2005م الموافق 05 صفر 1426هـ