تقرير "لجنة مناهضة التمييز" التابعة للجنة حقوق الإنسان في الأمم المتحدة الذي صدر قبل أيام حمل في طياته قضايا عدة عن البحرين يجدر الالتفات إليها رسميا وأهليا.
البحرين وقعت الاتفاق الدولي لمناهضة جميع اشكال التمييز العنصري "ICERD" في العام ،1990 والاتفاق يعتبر واحدا من أهم التشريعات الدولية الداخلة ضمن منظومة "حقوق الإنسان". فالمنظومة تحتوي على عدد من الاتفاقات أهمها: العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية "لم توقعه البحرين"، العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية "لم توقعه البحرين"، الاتفاق الدولي لضمان حقوق العمال الوافدين وعوائلهم "لم توقعه البحرين"، اتفاق مناهضة التمييز ضد المرأة "وقعته البحرين في 2002"، اتفاق مناهضة التعذيب "وقعته البحرين في 1998"، واتفاق حقوق الطفل "وقعته البحرين في 1992".
بالنسبة إلى اتفاق منع التمييز فإن اللجنة التابعة للأمم المتحدة علقت على تقرير الحكومة بالقول إن حكومة البحرين نفت وجود أي تمييز اطلاقا على أراضيها، وهو أمر غير متحقق في أي بلد من بلدان العالم. ففي كل بلد هناك تمييز، والفرق هو أن الدول التي ترضى عنها اللجنة هي تلك الدول التي تعترف أولا بوجود أنواع مختلفة من المواطنين حسب أصولهم الاثنية، ومن ثم تشرع الآليات لتقليل التمييز بحسب مؤشرات واقعية يتم رصدها على أساس احصائي سليم وموثوق. ففي بريطانيا، مثلا، تجد ان كثيرا من استمارات التقدم إلى الأعمال تشتمل على سؤال عن "الأصل الإثني"، وتكتب عبارة تقول إن صاحب العمل يضمن المساواة للجميع وان هذه المعلومات تقدم إلى المسئولين عن الاحصاءات.
لجنة مناهضة التمييز قالت إن البحرين لا تعترف رسميا بوجود أصول إثنية لمواطنيها، ولذلك ليست هناك احصاءات رسمية معتمدة يمكن الرجوع إليها. اللجنة قالت أيضا إن النصوص البحرينية عامة وليست هناك تشريعات محددة، كما أنه ليس هناك آلية محددة وليست هناك معلومات مرصودة رصدا محايدا بحسب مؤشرات تعتمد بنود اتفاق مناهضة التمييز العنصري.
اللجنة التابعة للأمم المتحدة أوضحت من خلال تقريرها أن على حكومتنا ألا تكتفي بالنصوص المجردة، وانما يجب عليها أن تحدد بالتفصيل وبحسب تشريع محدد وعلى أساس وجود آلية محددة لتنفيذ بنود الاتفاق الدولي. كما أن اللجنة قالت إن فكرة "انعدام" وجود أي تمييز غير صحيحة وغير ممكنة من الناحية العملية وغير موجودة في أي بلد في العالم، ولم يتجرأ أحد أن ينطق بهذه العبارة، حتى لو كانت واحدة من الدول الاسكندنافية التي تفتخر عادة بالتزامها بجميع مواثيق حقوق الإنسان.
اللجنة التابعة للأمم المتحدة أشارت إلى انعدام وجود التشريع المحلي التفصيلي الملزم، وهنا يكمن الفرق بين توقيع الاتفاق الدولي وبين اعتماده فعلا. فاعتماد الاتفاق يحتاج إلى أن يصدر من خلال الهيئة التشريعية ليحدد بالضبط المسئوليات ويربطها بأنظمة العدالة والقضاء والتنفيذ، كما يوكل المهمات إلى هيئة وطنية مستقلة لها شخصية اعتبارية بحسب الضوابط الدولية. ومن هذا المنطلق أوصت اللجنة أن تسرع الحكومة في تأسيس "هيئة وطنية" تأخذ على عاتقها تنفيذ بنود الاتفاقات الدولية المعنية بحقوق الإنسان. كما طلبت اللجنة من الحكومة ان توقع وتعتمد العهدين الدوليين الخاصين بالحقوق المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وكذلك توقيع "واعتماد" الاتفاق الدولي الخاص بحقوق العمال الوافدين.
لقد باركت اللجنة الإصلاحات السياسية، ودعت إلى مواصلتها عبر الخطوات المذكور بعضها اعلاه، ونأمل من السلطتين التشريعية والتنفيذية أن تبادرا إلى تنفيذ التوصيات التي فصلها المراقبون الدوليون التابعون للأمم المتحدة
إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"العدد 923 - الأربعاء 16 مارس 2005م الموافق 05 صفر 1426هـ