العدد 923 - الأربعاء 16 مارس 2005م الموافق 05 صفر 1426هـ

سيف: اعتماد المنطق في التعامل مع إعراب الجمل في اللغة

بعد طول مراوحة... ثمة أمل في التغيير

ظلت أساليب وطرق تدريس اللغة العربية تراوح مكانها، ولم يطرأ عليها تغيير يمكن وصفه بالجذري أو حتى الثوري، بحيث تنشأ طرق وأساليب تستطيع في المقام الأول أن تحبب فيها شريحة من المجتمعات العربية تتلقى تعليمها الأساسي وصولا إلى التعليم الجامعي، وذلك بسبب تقليدية المداخل والطرق المؤدية الى تقديمها.

وعلى رغم حالات التفرد والجماليات التي تتمتع بها اللغة العربية، الا ان الجماليات تلك ظلت مواراة بسبب عقم المناهج من جهة وعدم نجاعة طرق توصيلها إلى تلك الشرائح من جهة أخرى. على أن ذلك لا يحجب عددا من المحاولات القليلة التي سعت إلى كسر الثابت من تلك الطرق والأساليب في توجه إلى تحريك التعامل مع تقديم اللغة وتدريسها. وتبرز في هذا الصدد محاولات الباحث اللغوي لوران سيف الذي بدأ بالاهتمام باللغة العربية منذ 22 عاما إلى جانب مهنته الأساسية كطبيب متخصص في تشخيص الأمراض السرطانية. خلال العامين الماضيين قدم دورات في تدريس قواعد اللغة العربية معتمدا الأساليب الجديدة.

وقال سيف: "ان الأساليب التي اعتمدت في تدريس قواعد اللغة العربية طيلة السنوات الطويلة الماضية لم تخدم اللغة العربية وانتشارها بل شكلت عنصر نفور من هذه اللغة الغنية".

وأشار سيف الذي زار البحرين على هامش ملتقى نظمته جمعية القراءة العربية "تارا" في المنامة أخيرا قدم خلاله دورات على مدار ثلاثة أيام في تعليم قواعد اللغة العربية وتركيب الجملة في حديث إلى "الوسط" أن الأسلوب الجديد الذي قام بوضعه يعتمد على تغيير طريقة التعليم من دون المساس بالقواعد الأصلية للغة العربية.

ويرى سيف ان تطوير أساليب تعليم قواعد اللغة العربية يشكل نهضة تحفظ للغة العربية مكانتها وأبعادها الدينية والحضارية كما تبرز أهميته في التماشي مع الأبعاد العلمية والاقتصادية.

وقال سيف: "لو تطلعنا إلى عدد المستخدمين للغة العربية من الناطقين بها وغيرهم نجدهم في تناقص نتيجة للأساليب التي تدرس بها اللغة العربية ما جعلها تبدو لغة غير قادرة على مواكبة التطورات العلمية والحياتية إذ ان هناك تناقضا ما بين اعتبار اللغة العربية من ارقى اللغات في العالم وسهولتها ومرونتها وقدرتها على التطور ومكانتها الدينية بالنسبة إلى المسلمين وما بين حال النفور التي تشكلت نتيجة للأساليب المتبعة في تدريسها".

وأضاف: "إنها اللغة الوحيدة التي اختارها الخالق لتوجيه آخر رسالة سماوية إلى البشر حسبما جاء في الآية الكريمة "بلسان عربي مبين" "الشعراء: 195" وهذا أيضا يتناقض مع اعتبارها لغة صعبة وغير قابلة للتطور. بل تبين أن اللغة العربية قادرة على إيصال المعاني بصورة أفضل وبأقل الكلمات مما هو عليه الحال في اللغات الأخرى وعلى رأسها اللغتان الإنجليزية والفرنسية".

ويزيد: "الكتابة في اللغة العربية أسهل من اللغات الأخرى فجميع الحروف المكتوبة باللغة العربية يتم نطقها في حين أن لغات أخرى يتم كتابة حروف في كلمات ولا يتم لفظها عند نطقها. كما أن بعض اللغات تنطق بها الحروف بصورة مختلفة بحسب موقعها في حين أن اللغة العربية لا يتغير نطق الحروف فيها فاللفظ والحرف لا يتغيران وهذا ما يجعل اللغة العربية أكثر سهولة فيما لو اعتمدت أساليب متطورة في تدريسها".

فيما اشار سيف إلى ان استخدام علامات التحريك في اللغة العربية جزء لا يتجزأ من اللغة العربية بل تضيف لها ميزة إضافية تجعلها أكثر اللغات ليونة وهذا ما تفتقده اللغات الأخرى.

يقول: "للأسف ان عدم استخدام علامات التحريك عند الكتابة في الصحف جاء نتيجة للأخذ بمشورة إنجليزية على رغم أهمية هذه العلامات في إيصال معاني الكلمات وإعطاء الكلمات قيمتها".

ويضيف: "لو عدنا إلى الوراء وتحديدا إلى ما ذكره الإمام علي بن أبي طالب "رض" على اعتباره مؤسس علم النحو حين قال ان الكلام ثلاثة أنواع: اسم وفعل وأداة وهذا ما ينطبق على جميع اللغات لكن المشكلة في الأساليب المستخدمة إنها لا تطبق هذه المقولة فعليا في تدريس قواعد اللغة العربية على رغم ان هذا التقسيم يسهل عملية تعليم القواعد بشكل كبير عندما يعتمد التعليم على أساس تعليم دور الاسم ودور الفعل ودور الأداة وما أقوم به الآن هو تدريس القواعد بحسب هذا التصنيف الذي يسهل فهم القواعد بشكل أفضل مما هو عليه في الطريقة التقليدية كما انه يوفر قضاء فترة زمنية تصل إلى 1200 ساعة موزعة على 9 سنوات بحسب الأساليب القديمة في تعليم قواعد اللغة العربية والتي لم تقدم نتائج جيدة".

ويزيد: "ان طريقة التعليم القديمة التي قدمها سيبويه اعتمدت في الإعراب على موقع الكلمة في الجملة. والتصنيفات التي وضعت اعتمادا على هذه القاعدة لم تحقق فهما كاملا كي يتمكن الطالب من الإعراب بصورة جيدة. في حين ان الأسلوب المبتكر يعتمد في الإعراب على معنى الجملة. فاعتماد علامة الدور في اللغة العربية جاء لتحرير الكلمة من موقعها. فهل يجوز أن تكون القواعد معتمدة على المواقع. فلو أخذنا مثالا على الطريقة التقليدية وقمنا بإعراب هذه الجملة "يدرس التلميذ" فإنه يتم إعرابها على أساس فعل وفاعل في حين لو قلنا "التلميذ يدرس" تعرب مبتدأ وخبرا في حين ان الطريقة الجديدة تقول انه لا فرق بين الجملتين بحسب المعنى. فلا يجوز ان تتحول الجملة من اسمية إلى فعلية لمجرد تحويل موقع الفاعل. واللغة العربية تحتوي على جمل اسمية وفعلية. الاسمية لا يوجد فيها فعل ولكن ليس شرطا ان تبدأ باسم في حين ان الفعلية تحتوي على فعل بغض النظر عن موقع الفاعل".

يجب اعتماد المنطق في التعامل مع إعراب الجمل في اللغة العربية. للأسف شرح قواعد اللغة العربية بناء على مواقع الكلمات في اللغة العربية أدى إلى فشل كبير إذ قلل من قيمة اللغة وأوجد حالا من النفور إزاءها. إذ نقول ان اللغة العربية هي الوحيدة التي لديها جمل اسمية في حين ان بقية اللغات لديها جمل فعلية. إذا لماذا يتم الخلط ما بينهما بناء على مواقع الكلمات؟".

ويضيف: "هناك سوء فهم في استخدام كلمة إعراب إذ يقصد بها الإعراب عن القصد من وضع الكلمة في الجملة. والتعامل مع الإعراب على أساس تعريف دور الكلمة في الجملة نجده أكثر قبولا لمنطق العقل على اعتبار اننا نتعامل مع لغة عملية وفيها مرونة".

وعن أساليب تعليم قواعد اللغة يقول سيف: "بالنسبة إلى الصغار يتم تعليمهم فقط ساعة في الأسبوع تخصص لتدريس القواعد وبقية الساعات المقررة يتم فيها تدريسهم مواد أدبية. في حين يتم تعليمهم علم النحو ثلاث ساعات فقط تتضمن أدوار الاسم وأدوار الأداة وأدوار الفعل. وبالتالي يتم اختصار الساعات إلى 32 ساعة بدلا من 1200 ساعة على مدار سنوات طويلة". وعن الحاجة الفعلية لتطوير مناهج تعليم قواعد اللغة العربية يقول سيف: "بالتأكيد ان جميع المؤسسات التعليمية معنية بشكل مباشر بضرورة تطوير المناهج التي تدرس على أساسها قواعد اللغة العربية وهذا ما يحتاج لتطلع جدي من قبل الحكومات والمفكرين والمعلمين والمهتمين باساليب التعليم نحو تبني أساليب جديدة في التعليم".

ويضيف: "بغض النظر عن أدائنا الحضاري في مجالات عدة لكنني اعتقد ان اللغة تشكل مجالا واسعا لإبراز نهضة حضارية من خلالها. وإذا اعدنا ترتيب حساباتنا وقمنا بتدريس قواعدها باسلوب متطور ستكون أفضل وسيلة للتدريب على التحليل المنطقي عند الصغار خصوصا"





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً