تتفاوت التقنيات المستخدمة عند الإدارات الحكومية بشكل كبير حتى تراها واضحة وبشكل ملفت وكبير عند الإدارات أو الوزارات الخدمية من أمثال وزارة العمل وإدارة الهجرة والجوازات وغيرها بالبيروقراطية المبالغ فيها، كما وتتميز عن أخواتها الوزارات الأخرى والأمنية على وجه التحديد، من غير الشرطة طبعا، باستخدام جميع الوسائل المتخلفة والقديمة في إدارة المكان وإجراء المعاملات.
إذ لاتزال تلك الإدارات والوزارات الخدمية تتعامل في تقديم طلباتها بطلب صورة من كل شيء وأي شي... إضافة إلى تلك "الفورمة" التي بها من الجداول في أسفلها والتي من شأنها أن تمر على جميع أقسام وإدارات تلك الوزارة ليوقعها المدير ويختمها الغفير، إذ تأخذ هذه العمليات اليدوية في الغالب الوقت الذي من الممكن لدول أخرى أن تصنع فيه طائرات وقنابل نووية، هذا ناهيك عن وصول الطلب المليء بهذه الأوراق الثبوتية بأوراق أخرى داخلية بين الأقسام حتى تصل إلى المدير أو الشيخ ليقرر الموافقة في بعضها أو الرفض في أحيان أخرى من دون ذكر السبب على الأقل! كون هذه الإدارات والوزارات بها من القوانين والإجراءات المفاجئة الكثير.
نعود إلى صلب موضوعنا وهو إلى متى ستواصل هذه الأماكن الخدمية على هذا المستوى من العمل المتخلف، وكم سنة نحتاج حتى نستطيع تقديم طلباتنا ومتابعتها مثل الدول الديمقراطية العريقة عبر الانترنت؟... وأقصد هنا جميع أنواع الطلبات، إلى متى يقدم المراجع الطلب ويظل يتابعه ويحصل على الجواب الأزلي "طلبك عند اللجنة" وهو لا يوجد لا لجنة ولا هم يحزنون! هو موظف واحد وهو الآمر الناهي! إلى متى كلما تدخل أي مركز من مراكز الشرطة ترى الأقلام والأحبار تتطاير وكتابة التقارير والافادات والشهادات والأرصدة والفواتير كلها باليد وكأننا في العصور الوسطى، الى متى تختم جوازات الاقامات في إدارة الهجرة والجوازات باليد وتكتب المعلومات باليد وتلغى باليد ما يجعلها عرضة للتزوير والتلاعب ونسبة الخطأ فيها والضياع كبيرة جدا، فيكفيك زيارة سريعة خاطفة لقسم الإقامات أو التأشيرات في إدارة الهجرة والجوازات لا فرق لترى التخلف بعينه... يخال لك وكأنك داخل السوق المركزي من هول الفوضى والصراخ... ورائحة الأكل التي تفوح من الكونتر وكأنك داخل مطعم هندي ليظهر لك الموظف المناوب ظهرا وهو مشمر ذراعيه خالعا غترته وكأنه في البيت بعد وجبة غداء دسمة تتلوها السيجارة ولا مانع من سيجارة ثانية وفترة قيلولة مع سوالف ما بعد الغداء واحتساء الشاي مع الزملاء، ليجلس على كرسيه وهو تعبان مستقبلا المراجعين الذين ينتظرونه من قبل أن يباشر وجبة غدائه التي من المفترض أنه تناولها في بيته على الأقل! كلما رأيت هذا المنظر تذكرت الأفلام الهندية والمصرية التي تبين التخلف الذي تؤديه هذه الأماكن ناهيك من عدم احترام المكان ومرتاديه أصلا، إذ كنت أفكر هذه النوعيات من المشاهد هي من قبيل المبالغة ولكنني صدقتها الآن.
كم سنة نحتاج إلى أن ندخل وزاراتنا وإداراتنا الخدمية إلى حيز احترام المراجعين؟... سواء على مستوى تهيئة المكان المناسب على غرار الشركات الخاصة مثل "بتلكو" و"ام تي سي"... أو تعامل المراجعين الذين لا يتذكرون أبدا أنهم في هذه المواقع إنما وجدوا "ليخدموا" المراجعين... وليس العكس! إلى متى نظل واقفين في طوابير فقط ليتكرم المشرف بتوقيع "الفورمة" والذي خرج من مكتبه ليشرب الشاي مع آخرين أو هو خرج لاجتماع أو ندوة أو مؤتمر... إلى متى تظل الطلبات متأخرة على مكاتب المديرين تنتظر فقط التوقيع؟... فهو لا ينظر فيها ولا يتفحصها كون توقيعه عليها هو دليل موافقته... إلى متى ترفض بعض الطلبات لأسباب مجهولة لا يعرفها إلا المسئولون؟!
من هنا يجب على جميع الإدارات والوزارات الخدمية وغير الخدمية أن تدخل نظام الكمبيوتر في عمله... وأن تضع لها استراتيجية في معيارية تقديم الطلبات، فيجب علينا أن نتبع الدول الديمقراطية المتقدمة التي نحن نستورد منها ديمقراطيتنا حتى في إجراءاتها الرسمية... وإلا ما الفائدة من ممارسة الانتقائية في التطبيق والتقليد... فزمن التخلف والأختام والتوقيعات الكثيرة وطلب موافقة العلي والبنعلي يجب أن يحل محله القانون... علما بأن القانون موجود ولكنه معلق على الرف أحيانا!
إضاءة
لماذا يجب علينا دائما أن نثبت ولاءنا وحسن نوايانا، إلى متى؟! فأنا عن نفسي غير مجبور لإثبات حسن نواياي... فقناعتي بنفسي وبتصرفاتي كفيلة بأن تبين كم أنا كفيل بالاحترام من البعيد قبل القريب! وإلا ويش رايكم؟
إقرأ أيضا لـ "حمد الغائب"العدد 922 - الثلثاء 15 مارس 2005م الموافق 04 صفر 1426هـ