يعتبر العضو البلدي في الأساس شخصية سياسية، يكسب هذه الصفة من خلال كونه منتخبا من قبل شريحة من المواطنين يمثلهم في مؤسسة "المجلس البلدي"، التي تهتم بإدارة وتطوير الخدمات والمرافق العامة في المنطقة، وذلك بالتنسيق مع مؤسسات الحكومة المركزية.

أما البلدية فتعتبر ركنا أساسيا من أركان الدولة، تعمل وفق السياسات والخطط العامة للدولة، وهي بدورها تسعى إلى تنمية المجتمع المحلي سياسيا واقتصاديا وصحيا وبيئيا وتربويا، بالإضافة إلى تشجيع المواطن على المساهمة في المشروعات العامة، وعلى إدارة الشئون المحلية.

والمهارات صنفان، ذاتي ومكتسب من خلال التجارب والممارسات المختلفة. وكل يوم من عمل العضو البلدي يعتبر علما جديدا يزيد إلى رصيده، وإذا اقترن هذا العلم المكتسب بالعمل تكون المحصلة بروز شخصية كفؤة وفاعلة. إلا أننا يجب ألا نعتبر المجلس البلدي مدرسة تهتم بتخريج شخصيات فاعلة كل أربعة أعوام لأن ذلك سيكون على حساب مصالح المواطنين. لذلك يجب البحث عن أفراد يتمتعون بمهارات وسمات شخصية تؤهلهم الخوض في العمل البلدي.

الشخصية القوية والمؤثرة

الشخصية القوية هي التي تحمل مقومات الإنسان القادر على تضمين مهاراته الكثير من القدرات المساندة، والتي تستطيع أن تدير الأزمات وتستغلها لصالحه، كما تمتلك القدرة على جذب الناس لها مهما كانت توجهاتهم. والتأثير في الناس نوعان: تأثير فرد في آخر، وتأثير فرد في مجموعة من الناس. وقد يكون هذا التأثير إيجابيا أو قد يكون سلبيا. ويكون تأثيرك فيمن حولك إيجابيا باتباع جملة من القواعد، كالوقوف على اهتمامات الناس الحقيقية، وعدم الإكثار من الانتقاد أو النصح أو المدح، واحترام المواعيد؛ فلا تقدم وعودا ليست لديك القدرة أو الوقت على الوفاء بها، كما ان التأخير يخلق انطباعا بأنك شخص لا يعتمد عليه وغير جدير بالثقة، كما يدل على أنك تعتقد أن وقتك أثمن من أوقات الآخرين.

الشجاعة والإيثار

كثيرا ما يخلط الناس بين الشجاعة والتهور؛ ذلك أن الشجاعة ترتبط في لا وعيهم باستخدام العضلات والعنف والبطش. ولعل هذا المفهوم كان مناسبا للإنسان البدائي أو شبه البدائي، ولكنه حتما لا يناسب الإنسان المتحضر؛ لأن بإمكانه التعبير عن رأيه بصورة أبلغ وأقوى عبر الكلمات أو حتى الحركات والإشارات. والشجاعة "الإيجابية" يتم التعبير عنها من خلال دفع الظلم، أو الكشف عن أخطاء كانت مخبوءة، أو فتح آفاق جديدة. أما الشجاعة السلبية "أو النفسية" فلا يتبدى في إيجابية العمل، بل في سلبيته؛ وذلك عبر ضبط النفس بعدم الشعور بالخوف والاستهانة بالخطر مهما كانت حدته.

ومن مواصفات الشخصية الشجاعة الثقة بالنفس، بتقدير نفسه التقدير الصحيح من دون مبالغة أو استخفاف؛ فيفكر بعمق قبل اتخاذ أية خطوة، ولا يقول ما يندم عليه أو يستهجنه من حوله لخروجه عن حدود الأدب والمنطق. كما أنه شخصية قادرة على النهوض من جديد؛ فالشجاع وإن هزم في موقف فإنه لا ييأس ولا يتوقف أبدا عن النضال والمقاومة. إضافة إلى سمة مهمة جدا مرتبطة بالذكاء، وهي المقدرة على التنبؤ بما سيواجهه مستقبلا فيستعد لجميع الاحتمالات والتوقعات.

وينبغي على العضو المنتخب أن يضع حاجات الناس ضمن أولى أولوياته، ويضع طموحاته الشخصية في مرتبة متأخرة وإن لم تكن متعارضة مع القانون، فيقدم للآخرين من دون انتظار مقابل. أي أن لا يكون في نيته أو توقعه استرداد ما قدمه إلى غيره، لأنه في هذه الحال يكون قد صنف نفسه ضمن فئة الدائنين لا المضحين؛ إذ يقدم قليلا لكي يأخذ كثيرا، أو لكي لا يخسر على الأقل. كما يجب أن يضع في الاعتبار أن تقديم التضحية قد يكون مصحوبا بالألم؛ لأن الإنسان عندما يضحي من أجل الآخرين ولا يجد منهم اعترافا بالتضحية فقد يتألم نفسيا. فعليه أن يمرن نفسه على ألا ينتظر حتى كلمة شكر ممن ضحى من أجلهم.

المبادرة والإبداع

إن طبيعة العمل البلدي يفترض في صاحبه أن يكون قادرا على خلق المبادرة نحو معالجة أي موضوع، أو اقتراح مشروعات جديدة، أو إيجاد حلول جدية. كما يتعين فيه خلق نوع من اللانمطية في العمل والذي يساهم في منفعة الناس وتحقيق أكبر دخل للبلدية، أي أن يكون مبدعا فلا يتقولب في القوالب الجاهزة، ويصبو بصفة دائمة إلى إحلال ما هو جديد ومفيد.

والحب في صورته المثالية يقوم على الإيثار، والسعي نحو نفع الآخر من دون انتظار عائد شخصي. فينبغي في العضو البلدي أن يكون محبا للأهالي بغض النظر عن انتماءاتهم أو أعراقهم، ساعيا لإرضائهم من خلال خلق نوع من التآلف والتعاون في مختلف أنشطتهم، ودمجهم في صميم عمله حتى يتعرفوا على طبيعته.

والإصغاء إلى الآخرين بعقل متفتح وباهتمام ودونما مقاطعة من بدء الحديث وحتى نهايته يشير إلى مدى حبك للناس؛ فالناس يحتاجون إلى من يستمع إليهم، وبالتالي سيثقون بك ويعتمدون عليك، وهذا من شأنه أن يعينك على أداء دورك على أكمل وجه. كما أن التواصل الجيد بإمكانه أن يغير الكثير من الانطباعات القديمة عنك؛ فلا تدع الالتزامات الأخرى - مهما كانت أهميتها - تمنعك من محاورتهم.

ومن الصفات المرتبطة بالحب سعة الصدر؛ فكل مواطن يترقب أن يحصل على استجابة من المسئولين لكي يوصل إليهم ما يعانيه. فعلى العضو البلدي أن يتحلى برحابة صدر في تعامله مع الناس مهما كانت مراتبهم؛ لكونهم مثقلين بالكثير من المشكلات والهموم.

التحليل والتكيف

يجب تحليل الأمور بكل تفاصيلها للتعرف على مكامن القوة والضعف في أي أمر تريد إنجازه، واعمل على إبداء رأيك الوجيه في كل أمر تشعر أنه بحاجة إليه؛ فرأيك قد يكون مهما ونافعا، خصوصا إذا كان مبنيا على حقائق ثابتة. فعلى العضو البلدي أن يتمسك بالمنهجية في البحث والتحقيق والتحليل ومتابعة الملفات.

وقد يتميز البعض عن الآخر بحنكة المناورة، وخصوصا مع الأشخاص غير المرغوب فيهم، أو من لديه طلبات تحتوي على مخالفات. ولكن الواقع يجب التكيف معه بما يحمله من إيجابيات وسلبيات لسير كل عمل حسب الخطة المفترضة. والانسان البراغماتي يصنع العلاقات ويوظفها في أوقات مناسبة