جاءت الدورة الخاصة بأنظمة الخدمة المدنية وواقع المرأة العاملة - التي نظمها المجلس الأعلى للمرأة بالتعاون مع جامعة البحرين على مدار 3 أيام في فندق الدبلومات حديثا، وشاركت فيها ممثلات من وزارات الدولة والجمعيات المهنية المختلفة - لتبلور من خلالها القواعد الأساسية لعمل الموظف، ولتوضح الأنظمة التي يجب أن يضعها في الاعتبار خلال تعامله مع المؤسسة التي يعمل فيها، ولتطرح عشرات من علامات الاستفهام عن الأنظمة المدنية السائدة في المؤسسات الحكومية وتأثيرها على الموظف.
ناقشت الدورة القواعد الأساسية لأنظمة الخدمة المدنية مبتعدة كثيرا عن ما يحدث في الواقع المهني، وهذا ما جعل هناك فجوة كبيرة بين ما طرح في الدورة وبين ما يجسده هذا الواقع.
اختلاف المفهوم
تطرق المحاضر رئيس قسم القانون العام في كلية الحقوق - جامعة البحرين - فاروق خماس في اليوم الأول للدورة إلى اختلاف مفهوم الوظيفة العامة من دولة إلى أخرى باختلاف العوامل المؤثرة فيها كالعوامل السياسية والتاريخية والتقاليد الخاصة بكل دولة.
وأوضح إن هناك اتجاهين رئيسيين، أحدهما يسود في التشريعات الأوروبية والآخر تتبناه الولايات المتحدة الأميركية.
وقال:
- ينظر الأوروبيون للوظيفة العامة باعتبارها عملا مستقرا، يخضع لنظام قانوني خاص يختلف عن النظام الذي يحكم المشروعات الخاصة، بينما الموظف في النظام الأميركي يخضع للنظام القانوني نفسه الذي يخضع له جميع العاملين، وليس له من الحقوق إلا ما ينص عليه الدستور، فالوظيفة وفق هذا النـــظام لا تحتـــل عمــلا مســتقرا.
كما تطرق إلى تكييف علاقة الموظف بالدولة، وأشار إلى إثارة خلاف في الفقه والقضاء بشأن التكييف القانوني لطبيعة العلاقة التي تربط الموظف بالدولة، فمنهم من ذهب إلى انها علاقة تعاقدية، ويكون الموظف فيها في مركز المتعاقد، والعقد هو من يحدد حقوق وواجبات الطرفين المتعاقدين - الموظف والإدارة - في حين ذهب البعض الأخر إلى أنها علاقة تنظيمية ولائحية، وبموجب هذه العلاقة فإن مركز الموظف القانوني، بما عليه من واجبات يستمد من أحكام القوانين والأنظمة التي تحكم الوظيفة العامة.
شروط المشرع
وأشار إلى أساليب الالتحاق بالوظيفة العامة، وضرورة وضع شروط من قبل المشرع يجب توافرها في المرشحين، خصوصا عندما يزداد عدد المتقدمين عن عدد الوظائف الشاغرة، ومن هذه الأساليب المسابقة الوظيفية التي يقصد بها الإدارة المتخصصة المراد التعيين فيها، والإعداد الفني وتقوم هذه الطريقة على أساس إعداد الموظفين إعدادا خاصا من قبل الإدارة عن طريق مدارس أو معاهد متخصصة لسد احتياجاتها من الكوادر الفنية، والتعيين من قبل الإدارة، وفيها تكون للإدارة مطلق الحرية في اختيار الموظفين لشغل الوظائف الشاغرة.
وجاءت محاور اليوم الثاني أكثر التصاقا بالواقع، إذ مست حقوق الموظف، ما جذب المشاركات إلى دائرة المناقشة للتعرف على المزيد من هذه الحقوق.
وطرح المحاضر واجبات الموظف، لا تعد الحقوق التي يتمتع بها الموظف وفقا لقوانين وأنظمة الخدمة المدنية هي الهدف، وإنما الهدف هو تسيير المرافق العامة للدولة، وتحقيق الصالح العام، لذلك كان لابد أن تفرض عليه واجبات مقابل هذه الحقوق بهدف تحقيق حسن سير المرافق العامة وتحقيق الصالح العام.
الإيجابية والسلبية
وتطرق المحاضر إلى الواجبات الإيجابية وهي تلك التي يقصد بها الواجبات التي تفرض على الموظف القيام بعمل معين، كواجب أداء العمل، ومراعاة آداب اللياقة في التعامل، وغيرها، والواجبات السلبية وهي التي تفرض على الموظف الامتناع عن القيام ببعض الأعمال التي تتعارض مع متطلبات الوظيفة العامة.
واشار المحاضر إلى أن:
- مقابل العمل الذي يقوم به الموظف نجد حقه في الحصول على المزايا المادية والأدبية، ومن أبرز الحقوق التي يحصل عليها الموظف هي حقه في الراتب، في الإجازات وفي الترقية، كما ان له حقوقا ومزايا أخرى، إضافة إلى هذه الحقوق فإن المرأة تتمتع بحقوق أخرى مستمدة من دورها في المجتمع باعتبارها زوجة وأما وراعية بيت، كحقها في إجازة الأمومة، وإجازة الرضاعة، وإجازة رعايتها لطفلها المريض،إضافة إلى إجازات أخرى يقتضيها الواقع الديني والاجتماعي للأسرة المسلمة، كإجازة الترمل وإجازة مرافقة الزوج.
وطرح المحاضر سؤالا أفرز مشكلة عامة في الواقع المهني وهو: متى يشغل الأجانب وظائف المواطنين؟
توظيف الأجانب
بعد هذا السؤالا انطلقت علامات استفهام كثيرة من المشاركات تضمنت: مشكلة نقص الكوادر الوطنية المؤهلة، نقص الخبرة، رغبة المواطنين في التدريب على أداء بعض الوظائف المعينة، وعندما أشارت بعض المشاركات إن الواسطة تلعب دورا في تعيين بعض الأجانب في وظائف حكومية هي من حق المواطن، قال المحاضر: "إننا نتحدث عن القواعد العامة لأنظمة الخدمة المدنية".
وأكد المحاضر إن الاستعانة بتوظيف الأجانب يجب أن يكون على سبيل الاستثناء عن القاعدة العامة، وبصفة مؤقتة.
وهنا سألت إحدى المشاركات عن المقصود بالصفة المؤقتة، وكم عام يمكن أن تمتد هذه الصفة المؤقتة؟، وقالت:
- إن امتداد عمل الأجنبي إلى ما فوق 5 سنوات، يجعل العمل يتصف بالاستمرارية ولا يكون في هذا الحال مؤقتا، ولذلك فيجب تحديد المدة المؤقتة التي يجب أن يعمل فيها الأجنبي.
نص قانوني إلزامي
وسألت مشاركة أخرى عن امكان ايجاد نص قانوني إلزامي واضح في العقود مع الأجانب بتدريب المواطنين، على اعتبار أن بعض الأجانب يرفضون تدريب البحرينيين، حتى لا يحتلون وظائفهم مع امكان وجود تشريعات في أنظمة الخدمة المدنية بتوظيف مواطنين بصفة مؤقتة في القطاع العام؟!
وأجاب المحاضر -
- لا يوجد نص قانوني واضح في عقود الأجانب مع المؤسسات الحكومية تلزمهم بتدريب الموظفين من المواطنين، ولكن هناك عقود العمل الجزئي أو العقــود المؤقتة في القــطاع العــام.
اليوم الثالث
وفي اليوم الثالث والأخير للدورة كان الموضوع الابرز هو النظام التأديبي في الوظيفة العامة، وقال المحاضر:
- إن النظام التأديبي جزء لا يتجزأ من النظام الوظيفي، فهو من أهم الوسائل لضمان التزام الموظف العام بواجباته الوظيفية، فمثلما يكافأ الموظف المجد لاجتهاده في العمل، يجب أيضا محاسبة الموظف المقصر عن تقصيره وعدم التزامه.
وحدد المشرع البحريني الجزاءات التي يحق للسلطة التأديبية فرضها على سبيل الحصر عقوبات التوجيه واللوم والتأنيب والإيقاف عن العمل والفصل من الخدمة.
وطرحت أسئلة تخص لائحات التأديب التي عادة تقوم المؤسسة بعرضها على الموظف في بداية عمله، في الوقت الذي لا تعرض عليه لائحات المكافآت التي تخص الموظف في حال اجتهاده وتميزه في العمل.
وأشار المحاضر إلى أن الاتفاقات الدولية الخاصة بحقوق الإنسان، وتلك المتعلقة بالمرأة خصوصا سعت إلى التأكيد على وجوب المساواة بين المرأة والرجل، وهي مساواة أمام القانون، غايتها الأساسية تحقيق المساواة الفعلية في الحقوق كافة، إضافة إلى ذلك منحت الاتفاقات الدولية للمرأة معاملة تفضيلية لصالحها، بغية الوصول للمساواة الفعلية، فمنحتها معاملة خاصة كحقها في إجازة الأمومة وفي عدم التشغيل ليلا في مجالات الصناعة، كما أقرت لها بالمساواة في الأجر مع الرجل عن العمل ذاته
العدد 922 - الثلثاء 15 مارس 2005م الموافق 04 صفر 1426هـ
