العدد 2400 - الأربعاء 01 أبريل 2009م الموافق 05 ربيع الثاني 1430هـ

الوساطة في المنازعات

منصور الجمري editor [at] alwasatnews.com

رئيس التحرير

استضافت البحرين مؤتمرا دوليا حول «الوساطة في المنازعات التجارية الدولية» خلال الفترة من 30 مارس/ آذار حتى 1 أبريل/ نيسان الجاري، وذلك بالتعاون مع المركز الدولي لتسوية المنازعات، وهو أحد الأجهزة المرتبطة بالجمعية الأميركية للتحكيم. والمؤتمر حضره «خبراء وشخصيات دولية وعربية رفيعة مشتغلة في حقل الوسائل البديلة لفض المنازعات»... ومنها «الوساطة كآلية متقدمة وفعالة في تسوية المنازعات التجارية».

وفي اجتماع حضرته مع بعض الشخصيات العربية مؤخرا، قالت شخصية قانونية عربية مقربة للجهات الرسمية - أثناء الحوار - إن مفهوم الوساطة في المنازعات التجارية يأتي ضمن مشروع انطلق في الولايات المتحدة الأميركية خلال السنوات الماضية ويهدف هذا المشروع إلى «أمركة القوانين»، وأن فقهاء قانون فرنسيين أثاروا هذه الموضوع في حواراتهم التي تراقب الرعاية الأميركية للمفهوم المشار إليه.

هذا الحديث يجرنا إلى موضوع أعمق، ففي معظم بلداننا العربية، نجد أن القوانين والدساتير التي كتبت في القرن الماضي اعتمدت في أكثرها على النهج الفرنسي في كتابة التشريعات التي تتضمن مصطلحات وتعريفات ملزمة بقوة القانون. وهذا النهج يختلف عن النهج الإنجليزي الذي يعتمد على العرف كمصدر للتشريع (وهو مصدر لايعترف به النهج الفرنسي) بالإضافة لاعتماده على القوانين المكتوبة. ودستور البحرين يحتوي على مادة واحدة تأخذ بالعرف، وهي المادة 22 التي تنص على أن «حرية الضمير مطلقة، وتكفل الدولة حرمة دُور العبادة، وحرية القيام بشعائر الأديان والمواكب والاجتماعات الدينية طبقا للعادات المرعية في البلد»، والعادات المرعية هي العرف، وهذه المادة تختلف عن المواد الأخرى التي تنتهي بعبارة «حسب القانون».

المدرسة الفرنسية في القانون أخذت منحى مصريا في بلداننا منذ سبعينيات القرن الماضي، وأصبحت التشريعات لدينا معقدة. فالمدرسة الفرنسية تثبت الإرادة الشعبية في النص، أما المدرسة الفرنسية - المصرية (المعمول بها لدينا) فهي تثبت الإرادة الرسمية في النص، وتعقّد النص بطريقة لايمكن للمواطن العادي الاستفادة منه إلا بحسب شروط الإرادة الرسمية.

الأميركان يسعون إلى عقد اتفاقات ثنائية للتجارة الحرة مع أكبر عدد من بلدان العالم، وذلك في سباق مع الزمن قبل أن تسيطر اتفاقيات وقوانين منظمة التجارة العالمية على بلدان العالم، وبالتالي يتحقق للأميركان الأسبقية في التجارة الدولية... وإحدى معوقات اتفاقات التجارة الثنائية هي نصوص القوانين التي تحبط الاتفاقيات التي تبرم بين الشركات في البلدين (أميركا والبلد الآخر الموقع على اتفاق التجارة الحرة)، وعليه فإن مفاهيم «الوساطة في المنازعات التجارية الدولية» تعتبر مخرجا من حزمة القوانين التي تحكم قبضتها على كل شيء - بحسب الإرادة الرسمية - والتي ربما تتعارض مع الإرادة التجارية للشركات.

إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"

العدد 2400 - الأربعاء 01 أبريل 2009م الموافق 05 ربيع الثاني 1430هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً