العدد 921 - الإثنين 14 مارس 2005م الموافق 03 صفر 1426هـ

الوزير الفاسد لا يمكن أن يصنع وزارة منتجة

سيد ضياء الموسوي comments [at] alwasatnews.com

كثير منا يسأل لماذا تجوع الشعوب العربية على رغم وفرة الخبز وكثرة المشروعات؟ بعبارة أخرى: لماذا الناس يتضورون جوعا والسياسيون يزدادون بدانة؟ الفقر هو صنو الجهل وصنو المرض ومتى اجتمع الثلاثة كفر الناس بكل شيء وهذا ما لا نتمناه لأجيالنا الواعدة. كثير منا يقرأ الآية "وسخر لكم ما في السماوات وما في الأرض" "13: الجاثية"، ولكن جشع الحكومات وكي لا أعمم دعني اقول جشع المسئولين وكي أخص لابد أن أقول جشع بعض المسئولين هو الاساس في أزماتنا السياسية... ولها صور مختلفة، عندما يوضع المشروع العام في خدمة المشروع الخاص ويتم خلط العام بالخاص تضيع موازنات الدول. أقرأ بتفاؤل طموحات سمو ولي العهد، لكن يبقى السؤال دائما يفرض نفسه هل بمقدور السلطة ان تمنع من تداخل عمل المسئولين الخاص بالعام؟ هل بإمكان تحصيل الدولة أمام المشروعات الخاصة لهذا الوزير أو ذاك الوزير؟ حتى نعمق الشعور الوطني في النفوس يجب ان نشعر الناس بعدم التداخل بين التجارة الخاصة والمشروعات العامة... يجب ان نشعر المجتمع البحريني بالاصلاح السياسي والإداري والاقتصادي والتنموي... يجب الا نفرغ دلاء من التصريحات في أفواههم بل نجعلهم أنفسهم يدركون ذلك على الأرض نجعل المشروعات هي تتحدث عن نفسها من دون حاجة الى تفريخ شعراء للمشروعات لوضع المكياج... من دون ان نحتاج الى من يرشون الوزراء بالعطر كل صباح ويلقون عليهم الزهور على لا شيء... الذي أفسد بعض الوزراء في السابق هو ان كل عمل يقومون به يعد "عملا تاريخيا" و"انجازا ليس له مثيل" حتى لو كان عملا مليئا بالثقوب.

المشكلة عندما لا تكون هناك قناعة بالتحديث وبحتمية المراقبة، لهذا نرى وزيرا يلتف على القانون فيقيم مشروعات باسم الابن أو الزوجة وهو الرائد في هذا المشروع أو ذاك!

بعض المسئولين هم مكنات "الفري فيزا" وهم ايضا من يسبونها في الصحافة ولو أمكنك هز ثيابه سيتساقط منها عشرات الاشخاص من الآسيويين وغيرهم.

وتلك حقيقة، أن الوزير الفاسد لا يمكن أن يصنع وزارة منتجة. ودعنا نقول بتصرف "الموظفون بوزرائهم أشبه منهم بآبائهم".

فاذا عف الوزير عفت الوزارة، الفيلسوف هيليفيتوس "القرن 18" كان يرى ان المجتمع هو انعكاس لطبيعة السلطة. وأثبتت دراسات الاجتماع السياسي ان الدولة تؤثر في خصائص الشعب وأخلاقه فحكيم الصين كونفوشيوس كان يردد المقولة عن المسئول: "اذا رغبت في الخير فسيكون الناس أخيارا".

اذا الوزير الفاسد يخلق وكلاء مساعدين فاسدين ومن لا يتماشى معه سيجد نفسه بعد أيام خارج المعادلة عاطلا يبحث عن عمل.

طبعا من يقرأ كتاب "الأمير" لميكافيلي يجد مثل هذه القيم "مثاليات" و"كلام فاضي" و"ما يأكل عيش" لأن الفساد أصبح في العالم العربي عبقرية وفنا له طرقه وأساليبه وحيله وقديما كان العرب يكررون "فاز باللذات من كان جسورا". والجسارة بلغة العصر في أيامنا هذه هي الرشوة، العمولات، بيع المناقصات تحت الطاولة وباتفاقات سرية ثم إعلانها في الصحافة على رغم وجود عدد من التجار من يعرفون الاسعار قبل العرض.

المشكلة ليست دائما في الدولة أحيانا وزير واحد بإمكانه ان يضحك حتى على الدولة بخلق صور غير صحيحة عن أدائه وخصوصا اذا ما وهبه الله صحافيين كتبة وشعراء يعملون على تلميع الصورة وتبخير الأداء... ليس دائما تسلم جرة مثل هؤلاء الوزراء وقد يبيعوننا ألف خطاب وخطاب في اليوم... عندما أرى وزيرا على هذه الشاكلة أتذكر الحجاج وقول الحسن البصري فيه، فقد كان يقول: "ما سمعت الحجاج يخطب الا وظننت أن أهل العراق يظلمونه".

المواطن البحريني لا يريد شيئا كبيرا كيلوين كرامة، كيلو خبز، وقطعة أرض ينام فيها ويدفن فيها وبحرا يشم فيه هواء وشعورا بحقيقة المواطنة بمبدأ العدالة والمساواة ليس أكثر عندما يجد ذلك سيخدم البحرين بأشفار العين وقد فعل ويجب على الناس ان يدققوا في الشعارات وفي القضايا التي قد تسبب إرباكا للصورة، فالمواطنة حقوق وواجبات. الشعار عندما يكون ذكيا ووطنيا يخدم الجميع والا قد يحرق كل اشجار الثقة التي مازال الجميع يعمل على زراعتها. أملنا ان نرى دعيج بجوار عبدالحسين يخدمان الوطن في القوة والداخلية والحرس الوطني، فهل يحقق وزير الداخلية وبقية الوزراء ذلك ولا نضع كلنا في سلة واحدة هذا الحلم؟

إقرأ أيضا لـ "سيد ضياء الموسوي"

العدد 921 - الإثنين 14 مارس 2005م الموافق 03 صفر 1426هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً