قضية المستثمرين السعوديين اللذين يدعيان في محاكم البحرين ضد مصرف أجنبي منذ نحو أربعة أعوام تسلط الضوء على حاجة قطاع كبير من أطراف العملية الاستثمارية الذين تهتم بهم البحرين كثيرا إلى وجود محاكم تجارية متخصصة تنظر في النزاعات التي تطرأ على التعاملات بين هذه الأطراف.
ومطلب المحاكم المتخصصة ليس مطلبا حديثا ولا مبتكرا وإنما هو مطلب قديم ومتكرر بتكرار الحاجة إليه منذ أن قررت البحرين أن تخلق لها موقعا على خريطة الاستثمار إقليميا وعالميا، ومنذ أن شرعت في بناء مركزها المالي الذي تصنفه دائما ضمن المراكز العالمية.
المستثمران السعوديان لم يحتملا فكرة خسارة 45 مليون دولار أميركي وإن كانت واردة لأن الاستثمار ينطوي على مخاطرة الخسارة كما يحمل فرص الربح، ولكن المتتبع للطريق الذي سلكه هذان المستثمران طيلة السنوات الأربع يشعر بمدى الارتباك الذي نال منهما والقضية تتأرجح ما بين المحاكم المستعجلة وبين المحاكم الجنائية، الأمر الذي ولد لديهما شعورا سلبيا بسبب عدم تخصص المحكمة أو القاضي الذي سيصدر الحكم في قضيتهما، فهما اتجها خلال هذه الفترة إلى ديوان سمو ولي العهد وإلى محافظ مؤسسة نقد البحرين وكذلك إلى وزير المالية طمعا في تطمينات تحفظ لهما حقوقهما على رغم أن القضية مدرجة في المحكمة، مع العلم باستقلالية القضاء ونزاهته. كان واضحا أن تصرفهما ينطوي على قلق وعدم ثقة ورغبة في تدخل جهات مختلفة اعتقدوا أن لها سلطة أعلى من سلطة القضاء لتحفظ لهما حقهما.
إن بقاء قضية خلاف مالي في دهاليز محاكم غير متخصصة مدة طويلة من شأنه أن يشعر المستثمرين بالقلق من ضياع الفرص البديلة وبعدم الأمان بسبب افتقار المحكمة وقضاتها للخلفية التجارية التي تتميز بها المحاكم التجارية.
هذا ليس طعنا في حكم المحكمة بحفظ الدعوى والذي قضى قضاتها عدة سنوات لبلوغه، ولكنه استعراض للمشاعر السلبية التي خلفها عدم وجود المحاكم التجارية المتخصصة في نفس مستثمرين جاءا من الخارج للاستثمار عبر مصرف مسجل محليا، والتي لو غطيت إعلاميا في مساحة جغرافية أوسع فلابد من أن تنطبع بلا شك في ذاكرة المستثمرين لفترة طويلة مقبلة، وتكون طاردا فعالا لفكرة استثمار أموالهم في البحرين ومؤسساتها.
فوجود المحاكم التجارية المتخصصة سريعة البت في القضايا المالية والتجارية أصبح ضرورة لتتكامل مع الميزات التي تتمتع بها البنى التحتية للاستثمار في البحرين وخصوصا مع دخول البحرين عهدا جديدا تنوي الالتزام فيه باتفاقات دولية تسارع في إلغاء الحدود مع العالم الخارجي
إقرأ أيضا لـ "هناء بوحجي "العدد 921 - الإثنين 14 مارس 2005م الموافق 03 صفر 1426هـ