تواصل لجنة الإعلام الخارجي لدول مجلس التعاون الخليجي تحركها على الساحة الأوروبية للتعريف بدول المجلس، وفتح آفاق جديدة في الحوار الخليجي - الأوروبي إذ تستضيف العاصمة البلجيكية بروكسل فعاليات "أيام مجلس التعاون في أوروبا" في محطتها الثانية، خلال الفترة من 15 و17 مارس/ آذار الجاري.
وترتكز خطة التحرك الإعلامية التي أقرها وزراء إعلام دول مجلس التعاون على ضوء توصيات المجلس الأعلى لدول المجلس، على إبراز الوجه الحضاري المشرق للمنطقة من خلال ايجاد مساحات جديدة للحوار والتفاعل مع الجانب الأوروبي على المستويين الرسمي والشعبي. واختيار بروكسل محطة جديدة للوجود الإعلامي الخليجي، يأتي انطلاقا من كونها عاصمة الاتحاد الأوروبي، فهي مقر المفوضية الأوروبية، وتشهد الكثير من النشاطات الفكرية والسياسية التي تصب في اتجاه بلورة حوار فاعل بين الجانبين.
إن برنامج التحرك الذي يأتي استكمالا للفعاليات التي عقدتها لجنة الإعلام الخليجي في باريس العام الماضي، يتضمن الكثير من الندوات المهمة، بهدف تعريف الرأي العام الأوروبي بالمواطن الخليجي، إبراز ثقافته واهتماماته، فضلا عن تأكيد التواصل مع الشعوب والحضارات الأخرى خصوصا أن دول مجلس التعاون تمتلك مخزونا ثقافيا حافلا علما وفنا وثقافة، وأن مكافحة الإرهاب،والتوعية بحقوق المرأة، وجذب الاستثمارات، ستكون محاور تلك الندوات، إذ سيلقي الأمين العام لمجلس التعاون كلمة افتتاحية في بداية الفعاليات، إلى جانب رئيسة مجلس الشيوخ البلجيكي، والمنسق الأوروبي لشئون مكافحة الإرهاب، ويخصص اليوم الأول لموضوع الإرهاب من خلال ندوة "العالم في مواجهة الإرهاب حالة مجلس التعاون" وسيتحدث فيها العقيد طارق مبارك بن دينة، فيما تستعرض الشيخة هند بنت سلمان آل خليفة جهود البحرين في تنمية المرأة خلال الندوة الثانية التي ستعقد تحت عنوان "الدور التنموي للمرأة في دول مجلس التعاون"، في حين سيلقي خالد جناحي كلمة عن أوضاع الاستثمار في المملكة في الندوة الثالثة عن "اقتصاديات دول مجلس التعاون كبيئة محفزة".
ويركز هذا التحرك على أهمية تلاقي دول مجلس التعاون مع العالم الخارجي من خلال حوار جامع يفتح آفاق رحبة للسلام والتعاون الإنساني، خصوصا في ضوء ما يأتي:
أولا: إن العلاقات الخليجية - الأوروبية تنطلق من مواريث تاريخية وحقائق استراتيجية أحرزت تمازجا حضاريا ومصالح مشتركة بين الطرفين، فدول مجلس التعاون تشكل مجتمعة كتلة استراتيجية حيوية ومنطقة تماس لمصالح القوى الدولية، مشيرا في الوقت نفسه إلى أن التميز في تلك العلاقات يمتد أيضا ليشمل التطابق في وجهات النظر إزاء القضايا العالمية مثل التعاون القائم في مجال محاربة الإرهاب الدولي، ودعم الجهود المبذولة لإحلال السلام في الشرق الأوسط، وجعل الخليج منطقة خالية من أسلحة الدمار الشامل، منوها في هذا الصدد إلى الاجتماع الوزاري القادم بين مجلس التعاون الخليجي والاتحاد الأوروبي والذي تستضيفه مملكة البحرين في ابريل/ نيسان المقبل.
ثانيا: إن تجربة التعاون الخليجي مع الاتحاد الأوروبي تعتبر في عدد من المجالات شاهدة على الإدراك المتبادل لكل طرف لأهمية الطرف الآخر؛ إذ يتعدى هذا التعاون إلى أبعد وأعمق من مظاهر العلاقات الاقتصادية ليشمل أيضا الروابط الثقافية والحضارية التي تكونت عبر فترات تاريخية.
ثالثا: إن هناك حاجة ملحة في ظل التطورات المتلاحقة التي يشهدها العالم لاسيما في أعقاب الحادي عشر من سبتمبر/ أيلول على تأكيد فكرة التعايش لا الصراع بين الأمم والحضارات عبر إثراء قيم حقوق الإنسان وصيانة القيم الاجتماعية والتراث الثقافي.
وانطلاقا من تلك الحقائق، من الضروري الإمساك بزمام المبادرة في التعامل مع أدوات الثورة الإعلامية والمعلوماتية وآلياتها وفق خطط واعية ومدروسة تخاطب المجتمعات الغربية، بالطريقة واللغة التي تدركها في إطار مفهوم عالمية الثقافة والإعلام، وإبراز الصورة الحضارية والإيجابية للدول الخليجية والعربية من خلال تصحيح المفاهيم الخاطئة في ذهن العالم الغربي عن العرب والمسلمين، فهذه الجولة تمثل خطوة على طريق تبني استراتيجية إعلامية موحدة لمواجهة التحديات المختلفة التي تحدق بالمنطقة داخليا وخارجيا، كونها ستضيف رصيدا جديدا للتواصل الخليجي المميز مع الشعوب الأوروبية، إلى جانب اللقاءات مع الدبلوماسيين ورجال الفكر والإعلام وصناع القرار في الاتحاد الأوروبي.
إن هذه الفعاليات سيكون لها تأثير فاعل وإيجابي في تعميق الوعي الأوروبي بالقضايا الخليجية والعربية والتفاعل معها بالشكل الصحيح، ونحن نثق في نجاح هذا التحرك
العدد 920 - الأحد 13 مارس 2005م الموافق 02 صفر 1426هـ