التحول الطارئ والمفاجئ الذي أعلنته وزيرة الخارجية الأميركية كوندليزا رايس بشأن قبول بلادها - على مضض - إجراءات تشجيعية لتحفيز إيران اقتصاديا في مقابل تخلي الأخيرة عن برنامج تخصيب اليورانيوم الذي يدخل في صناعة أسلحة نووية يشكل تغيرا جذريا ربما في هذه الفترة ومسرى تغيير دفة الاهتمام والمراجعة لأبرز ملفين ساخنين في المنطقة.

أخذ ملف الوجود السوري في لبنان حيزا من حالات الشد والجذب بين ضغوط أميركية أوروبية مزدوجة ضد دمشق وضرورة التزامها بقرار 1559 الذي يدعوها للانسحاب الفوري في مهلة لا تتجاوز ستة أشهر درءا من اندلاع مواجهة يخشى في حال عدول سورية عن تطبيقها الوقوع في فخ وشباك الدبابة الأميركية لكنه بمباركة روسية - فرنسية - ألمانية هذه المرة.

لكن يبدو وفقا لما يلوح من جولة مبعوث الأمم المتحدة تيري لارسن المكوكية لاحتواء وتسوية الأزمة بصورة سلمية بعيدا عن الأداة العسكرية، إن الرئيس السوري بشار الأسد تعهد بانسحاب سوري كامل يشمل القوات والمخابرات من الأراضي اللبنانية على مرحلتين الأولى تشمل انسحاب القوات إلى البقاع شرق لبنان والأخرى والتي تكون نهائية انسحاب تام نحو الأراضي السورية.

النجاح الذي حققته جولة لارسن يقوض المساعي الأميركية لشن هجوم داخل عمق الأرض السورية بسبب ذريعة احتلال دمشق إلى لبنان، غير أنها واشنطن لا ترضخ للأمر الواقع بل تسعى للزج بين الفينة والأخرى بملفين أكثرهما سخونة هو الإيراني إضافة إلى السوري.

والمتتبع لأخر التداعيات الخطيرة لسير المفاوضات النووية بين إيران والترويكا بشان البرنامج النووي وطرح واشنطن حوافز لإقناع طهران بالتخلي عن برنامجها النووي يصل لنتيجة نتيجة واحدة وهي تغيير أميركا صلب اهتمامها واستراتيجيتها بعد أن هدأ الملف السوري والاتجاه نحو ملف آخر هو الإيراني.

إذا يكون الأسد قطع شوطا كبيرا ووقف حجر عثرة أمام مشروع بوش التوسعي في منطقة الشرق الأوسط والذي يأتي بعد جولات ولايته الأولى التي أسهمت في فوزه سوى كانت عبر غزوه أفغانستانا والعراق