قال لي صاحبي وهو يحاورني: لقد عرفت سر الحياة التي نحياها، وإني لقادر على أن أجعل حياة الناس كلها سعيدة رخية. قلت: كيف تستطيع أن تمنح الناس السعادة الى جانب الرخاء؟! أليس الرخاء معناه البلادة والكسل؟ فكيف اذا تتوافق السعادة مع الكسل؟! وما هو سبيل الانسان الى السعادة غير العمل؟ وكيف يحقق الانسان راحة ضميره وقلبه من دون العمل؟
أجاب: أن الانسان وجد في الحياة من أجل أن يحيا سعيدا، وما جريان الناس وانقطاع أنفاسهم الا بسبب رغبتهم في امتلاك ما ليسوا بحاجة له، لكنهم متى ما رضوا بالقليل الذي يكفيهم مؤونة يومهم، وتوكلوا على الله في جميع أمورهم استطاعوا الحياة بسعادة؟
فسألة: وكيف اذا يحقق الناس ذواتهم ووجودهم اذا كان همهم منصرف الى ما يسد رمق جوع يومهم؟ وأين تضع طموح الناس ورغبتهم في تحسين ظروفهم اليومية والمعيشية؟ وأين يكون موضع الانسان كمخلوق أسمى يحاول بلوغ السماء بكده وجهده؟
قال: إنما سعادة الانسان في لقيمات يسد رمقه، وليس بطمع يشبع به نهمه للحياة.
عندها سكت عن الجواب، وبهت من أولئك الناس الذين يرون الحياة لقمة طيبة لا غير، ومكانا حقيرا يعيشون فيه، ووقتا ثمينا يذهب هباء منثورا. ومع أن الانسان وجد في الحياة لكي يحقق لنفسه ما يسعد به، فالسعادة إنما تأتي مصداقا لقول النبي "ص" في معنى حديثه "إن النفوس لتتعب بالراحة فأريحوها بالتعب". وراحة الانسان شعوره بالسعادة. ولا توجد طريقة أخرى يحقق بها الانسان سعادته غير أن يقضي أيامه في جد واجتهاد من دون أن يغفل في جده واجتهاده عن اشباع كل متطلبات نفسه العطشى
العدد 920 - الأحد 13 مارس 2005م الموافق 02 صفر 1426هـ