العدد 920 - الأحد 13 مارس 2005م الموافق 02 صفر 1426هـ

لست من دعاة المشاركة

سكينة العكري comments [at] alwasatnews.com

نعم، لست من دعاة المشاركة كما إنني لست من المزمرين والمطبلين، ولا من المزايدين على الوضع الدستوري وما له من أهمية بالغة في الإصلاح السياسي والتوافق الشعبي. أستطيع وبملء إرادتي أن أعبر عن قناعتي وعن وجهة نظري الشخصية، ولكن يبقى أن نحتكم إلى إرادة واعية وهي الاعتراف بالموضوعية والبعد عن التعصبات، فإذا كنا نتكلم على سبيل المثال عن إخفاقات المجلس المنتخب وسوء أدائه، لابد أن نتذكر على الفور، التركيبة الهزيلة الضعيفة التي يتكون منها المجلس المنتخب، ولو بحثنا عن الأسباب والمسببات لوجدنا أن أحد الأسباب التي ساهمت بشكل أو بآخر في هذا الإفراز الضعيف وغير الطموح، وبالتالي برلمان كسيح غير قادر على الحراك والتعاطي مع الشأن العام، هو قرار المقاطعة، إذ سمح هذا القرار لكل من المتردية والنطيحة لأن ترشح نفسها وتجد في نفسها الكفاءة لتمثيل الشعب والمواطن. ولكن للأسف الشديد، ولست من البكائيين أو من الجلادين الذين يجلدون أنفسهم نظرا إلى قرار تم اتخاذه لأنني أحترم القرار بحد ذاته كما انني مازلت أحتفظ لنفسي على الأقل القرار ذاته "قرار المقاطعة" ولن تتغير قناعتي ما لم تحدث تعديلات جوهرية على دستور ،2002 وما لم يكن هناك توافق في المسألة الدستورية، لأن المشروع بحد ذاته والمطروح الآن يحجم من الصلاحيات وبالتالي يسهم في إضعاف الأداء، بدليل أن هناك الكثير من المقترحات برغبة والكثير من المقترحات المستعجلة الا أننا نجد عدم تفاعل أو تجاوب من قبل الحكومة، وبالتالي لو أمعنا النظر قليلا لوجدنا أن هناك لعبة اسمها "سياسة"، لا تنفك الحكومة تلعبها مع القوى السياسية لا سيما أن القوى السياسية المعارضة قاطعت الانتخابات، وبالتالي أصبحت خارج اللعبة السياسية مع إحكام قبضة المجلس المنتخب، ومع إصرار الحكم على اعتبار المجلس مؤسسة تشريعية لابد أن تكون البوابة الرئيسية لأي مقترح يقدم من قبل القوى السياسية، التي اتخذت قرار مقاطعة الأمر الواقع. ولكن يبدو أن هناك نية مبيتة لتمريغ إرادة الجمعيات المقاطعة بالتراب، والعمل على إضعافها، وإحراجها مع قواعدها الشعبية. وهذا ما حدث بخصوص عريضة الجمعيات والمتعلقة بالشأن الدستوري والمطالبة بإحداث تعديلات دستورية توافقية، للخروج من عنق الزجاجة، ورفض تسلمها. وبالتالي وضع القوى السياسية في حرج مع القواعد الشعبية: "فأنتم أحدثتم حراكا سياسيا بشأن العريضة وفي نهاية المطاف لم تتمكنوا من إيصالها إلى الجهة المعنية"، وبالتالي زعزعة صدقية الجمعيات السياسية.

والذي يستقرئ الساحة بشكل جيد يعلم أن العريضة بحد ذاتها وسيلة وليست هدفا، وبالتالي آتت أكلها وتحقق الهدف منها من خلال التجاوب الواسع على رغم الظروف الأمنية التي رافقتها، وعلى رغم قصر مدة طرحها نظرا إلى موجة الاعتقالات التي صاحبت عملية التوقيع، يبدو أن الحكومة مرتاحة إلى درجة كبيرة من قرار المقاطعة ولا تريد الجمعيات المقاطعة أن تنغص عليها أو أن تكون محركا سياسيا له فاعليته، بدليل أنها تحاول جاهدة إثبات أن قرار المقاطعة هو القرار الصائب والصحيح، ويتضح بجلاء من خلال تجاهلها للنواب المنتخبين وعدم تفاعلها مع مقترحاتهم، وبالتالي تريد أن تقول للقوى السياسية إن قراركم بخصوص المقاطعة صحيح للغاية، ولو أنكم شاركتم لن يكون حالكم أحسن بكثير من حال هؤلاء، وكفوا عن التفكير في المشاركة في الدورات المقبلة، فالأمور غير قابلة للتغيير، وهذا ما ارتضته السلطة، والسبب يكمن في حجم الصلاحيات المتواضعة المتاحة، واستقلالية السلطة التشريعية من عدمها.

من هنا، لابد ألا يشغلنا الملف الدستوري على رغم أهميته عن الملفات الأخرى العالقة، فهناك ملف البطالة وملف الفساد بأنواعه وملف التمييز الطائفي البغيض، وملف التجنيس، وملف الأزمة الاسكانية التي ستنفجر حتما في يوم من الأيام، وبالتالي وجب التنبه إلى كل تلك الملفات بجانب الملف الدستوري طبعا، لا سيما أن الملفات السابقة لها علاقة مباشرة بالمواطن وتناغم حاجاته الأساسية من حاجته إلى وظيفة توفر له العيش الكريم، والمسكن الآمن الذي يوفر له الاستقرار والاطمئنان، وبالتالي تخاطبه وتحاكيه ومن السهولة بمكان استثمار الخيار الشعبي الذي لم يتم استغلاله بالشكل الأمثل حتى الآن

إقرأ أيضا لـ "سكينة العكري"

العدد 920 - الأحد 13 مارس 2005م الموافق 02 صفر 1426هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً