عندما تقترب من المشهد السياسي في البحرين تعلم يقينا أن الجميع يفهم طبيعة المشكلة لكن الكثيرين لا يريدون أن يصرحوا بفهمهم لها لأن ذلك يعني غياب امتيازات وضياع مصالح، فهناك من يبحث عن تصفيق الجمهور وهناك من لا يريد أن يعطي الناس خبزا، وقديما قيل في الحكايات المثيولوجية "ان الله أعطى الطماع نصف الدنيا فراح يسأل الله: النصف الثاني لمن؟". ومادام هناك متنفذون يزاحمون الناس حتى في بيع الروبيان والخس والباقلاء والنخج فلن يصلح واقعنا. واني مؤمن بقاعدة المفكر مالك بن نبي "إن العوامل الداخلية هي التي أجهضت نهضتنا وإن العوامل الخارجية استثمرت العوامل الداخلية واستغلتها لصالحها. انها قابلية الاستعمار". وعندما نغوص كثيرا في تفكيك بنى فكرية مسطحة لدى بعض مجتمعاتنا فاننا قد نسميها بالاستحمار كما وصفها على شريعتي.
اتعجب كثيرا من ان مبدأ تكافؤ الفرص أصبح بعبعا مخيفا أشد إخافة من حية الكوبرا التي اخافت القرية في فيلم " Snake".
هنا مساواة في التوظيف والجميع سواسية. ليس غريبا ذلك فهذا العقل الخراق كما يسميه المعتزلة في حال تفتق دائم على رغم ان النصيحة تقول: لا يفتح المرء فمه واسعا عندما يدلي بأكذوبة. وعلى رغم ذلك نجد القلة يمضغون كلامهم عشر مرات قبل الحديث وخصوصا في عدالة التوزيع والتوظيف والكلام عن المحسوبيات أو الفساد.
أصبحت حقوق الإنسان مكانا للمزايدات السياسية ولو على حساب الحقيقة وأصبحت لعبة الألفاظ لعبة خطرة سمجة تستخدم للتضليل. عندما أراقب مطرقة الظهراني أشعر بالحزن كمواطن كان يتمنى من الرئيس ان تكون له مبادرات أكثر واقعية وخصوصا عندما أقرأ أداء رئيس مجلس النواب الكويتي الخرافي إذ ازددت شعورا بالخيبة في ملف التأمينات والتقاعد وملف التمييز والتجنيس إلا ان ذلك لا يدعو إلى اليأس.
هل تعلمون ما مشكلتنا في البحرين؟ التداخل الحاصل بين الاشتغال بالتجارة والانشغال بالمناصب السياسية.
ففي السياسة لا يكفي ان تجري بل يجب ان تصل أيضا إذ الهدف ليس الجري.
مقولة سعدي دائما ما تلوح أمامي وانا أقرأ السياسة. لا تكن كذلك الإعرابي الذي حج للوصول إلى الكعبة وبعد قطع الفيافي والصحاري والجهد والتعب وإذا به يكتشف انه وصل إلى تركستان. في تركستان علم انه لم يصل الكعبة. وقديما قيل مسافة ألف ميل تبدأ بخطوة في الاتجاه الصحيح.
يوم أمس رجعت إلى قراءة كتاب "كفاحي" لهتلر لأسترجع بعض المعلومات. فمن وصاياه التي يذكرها في ص35 تحت عنوان "ملاحظات سياسية عامة" قوله: "علمتني الأيام والتجارب التي مرت بي انه يحسن بالمرء، الا إذا كان ذا مواهب خارقة، الا يخوض معترك السياسة العملية قبل بلوغ الثلاثين ويجب ان يجهز نفسه بالعدة اللازمة للانطلاق وغربلة القضايا والمبادئ والنظريات قبل ان يتخذ منها موقفا معينا". أخيرا أقول: "هل سيتغير وضعنا؟ لا أعلم وربما أكرر قول أحمد عرابي - ان لم تخني الذاكرة "ما فيش فايدة يا صفية".
يوم أمس نشر ففي "الوسط" رد على مقالاتي المطالبة بنشر اسماء المرشحين لشغل الوظائف الحكومية من قبل ديوان الخدمة المدنية. وردي على المقال هو كالآتي: الرد ليس مقنعا والتبريرات واهية وأحلى ما فيه هذه العبارة "وانطلاقا من حرص رئيس ديوان الخدمة المدنية على ترسيخ مبدأ الشفافية في العمل تم توجيه المختصين إلى استحداث نظام آلي يتم من خلاله نشر أسماء وأصحاب الطلبات... مع نشر أسماء المرشحين الذين تم توظيفهم على موقع ديوان الخدمة المدنية الإلكتروني أو لوحة الإعلانات في مركز معلومات الوظائف بالديوان". يا جماعة بلا لف ودوران مادمتم قادرين على النشر في الموقع الإلكتروني ولوحة الإعلانات فما الذي يمنعكم من النشر في الصحافة؟ ما الخطورة في ذلك؟ سالفة "المركزية" و"اللامركزية" انتهى زمانها. انشروا الأسماء الثلاثية المرشحة في الصحافة مادمتم تؤمنون بالمشروع الإصلاحي... الشارع البحريني جميعه يسأل: لماذا ديوان الخدمة يخشى من نشر الوظائف والمرشحين لها بعد ذلك في الصحافة أسوة بالخليج. هل هذا السؤال أيضا يعد إثارة ويضر بالوحدة الوطنية؟ انشروا الأسماء خدمة للوطن. أليس مقتضى الشفافية والمواطنة والمساواة والعدالة نشر الأسماء؟ ما الذي خسرته وزارة التربية عندما نشرت أسماء المبتعثين والبعثات في الصحافة؟ أقول لديوان الخدمة أنا من جهة أخرى سأجمع كل صغيرة وكبيرة عن ديوان الخدمة وسأنشرها في مقالات ولكن في الوقت المناسب.
- الأخ نواف الوكيل المساعد في الكهرباء: ماذا عن الوظائف في الكهرباء؟
إقرأ أيضا لـ "سيد ضياء الموسوي"العدد 918 - الجمعة 11 مارس 2005م الموافق 30 محرم 1426هـ