قرر مجلس النواب تخويل هيئة المكتب "تتكون من الرئيس ونائبيه ورئيسي اللجنة التشريعية والمالية" استبعاد أي سؤال أو اقتراح يثير الطائفية، وذلك على خلفية المشادة بين وزير العمل مجيد العلوي والنائب جاسم السعيدي.
يمكن أن يرحب المراقب بحذر بهذا القرار، ذلك أن مفهوم "إثارة الطائفية" غامض وفضفاض وغير محدد، وهو شبيه بالعبارات التي ترد في قانون الصحافة لسنة 2002 الذي يتحدث عن مخالفة "النظام العام"، من دون أن يعرف أحد ما المقصود بهذا المصطلح. وبالتالي هل سترفض الهيئة أسئلة عن استيلاء أراض من دون وجه حق، أوعن معايير التوظيف والترقي، وأسباب استجلاب 400 معلم من الخارج، بدعوى أنها تثير "النزعة الطائفية". وهل ستستبعد الهيئة مقترحات رسم إعادة الدوائر الانتخابية، وإعادة ترصيف القرى في المحافظة الشمالية، بدعوى أنها مقترحات "طائفية".
إن استخدام عبارات مطاطة يراد منها في أحيان كثيرة الحد من نشاط ما، وتقليص مساحات المناورة أمام الآخر، استنادا إلى عناوين "حق يراد بها باطل".
الحذر في قراءة القرار يزداد، ليتحول إلى ريبة، وربما ريبة شديدة، بالنظر إلى سلوك هيئة المكتب وعموم المجلس إزاء أكثر من ملف، من بينها رفضه في وقت سابق مشروع تجريم التمييز، في بلد تعد فيه هذه القضية من أخطر القضايا وأعقدها... فضلا عن ملف التوظيفات في الأمانة العامة لمجلس النواب التي تفتقد الصدقية والنزاهة، وبعكس الوضع القائم في أمانة الشورى... وبالتالي فإن آخر من يحق له الحديث عن الحفاظ على الوحدة الوطنية والحرص عليها، هو هذه الهيئة التي لم يعرف أنها ناقشت أهمية تحديد معايير وضوابط في التوظيفات، كدلالة على أن المحسوبيات مدانة ومحاربة، وأن المجلس يشكل أنموذجا متقدما في حرصه على وحدة الصف الوطني
العدد 918 - الجمعة 11 مارس 2005م الموافق 30 محرم 1426هـ