استطاع إعلان الرياض الصادر عن المؤتمر الدولي لمكافحة الإرهاب المنعقد في فبراير/ شباط الماضي أن يحرك المجتمع الدولي تجاه الظاهرة من حال الاختلاف على أسبابها إلى حال الاشتراك في مكافحتها، وقدم وصفا لها جعل العالم أكثر اقترابا من تعريفها، كما وفر رؤية وحلولا للأسباب المساعدة على نشوء الفكر الإرهابي وتحوله إلى عنف. وامتدادا على ما يبدو لتلك الجهود وتخليدا لذكرى هجمات مدريد الإرهابية افتتح الأسبوع الجاري في العاصمة الإسبانية مؤتمرا بحث آثار الإرهاب. إذ ناقش خبراء من أنحاء العالم جميع الآثار الواسعة للظاهرة. غير أن المؤتمر شكك في الحرب التي تشنها الولايات المتحدة على الإرهاب. واتهم الكثير من المشاركين واشنطن باستغلال التهديد الإرهابي لاستخدام القوة العسكرية وقمع الحريات المدنية.
وفي الواقع تصرفت إدارة الرئيس جورج بوش مع الحوادث كما يريدها المتطرفون أن تتصرف. إذ إن أقوى الهجمات لمكافحة الإرهاب تهدف إلى طمأنة الناخبين المحليين بأنه يتم اتخاذ تحرك ما ولكن في العادة يلي ذلك زيادة في العنف.
لذلك من المهم ألا تنحدر الدول إلى مستوى الإرهابيين وإلا فإنهم سيكونون هم الفائزون. فعندما تتخلى الدول عن مبادئ الأخلاق تزداد احتمالات العلميات الإرهابية. فاحتلال العراق واحتجاز الولايات المتحدة لمئات من الذين يشتبه في أنهم إرهابيون لفترات غير محددة في قاعدة "غوانتنامو" من دون توجيه اتهامات زاد من تهديد الإرهاب. ولذلك يجب إعادة النظر في دور نظام العقوبات في تصاعد الإرهاب. فالإجراءات المضادة للإرهاب يجب ألا تنتهك القانون الدولي. إذ لا يمكننا أن نقول إن الغاية تبرر الوسيلة. صحيح يمكن استخدام القوة إذا لزم الأمر ولكن يجب احترام حقوق الإنسان. ومن الملاحظ في العراق الآن أن هناك مجموعات ترغب في القتل من دون تمييز أكثر من السابق وهؤلاء لم يكونوا يفكرون بهذه الطريقة قبل مجيء المحتلين إلى البلاد الذين مارسوا بدورهم الإرهاب. إذا ببساطة خلق ضحايا أبرياء يغذي الإرهاب وينشئ متطرفين دائما
إقرأ أيضا لـ "عزوز مقدم"العدد 918 - الجمعة 11 مارس 2005م الموافق 30 محرم 1426هـ