بحسب الاحصاءات المسجلة للعام 2003 لعدد المركبات المسجلة إذ بلغت "273,230" مركبة، وتزداد عدد السيارات بمعدل 11000 سيارة سنويا، أي أنه يتم تسجيل ما يزيد عن 900 سيارة جديدة شهريا، بمعنى ان سيارة لكل شخصين ونصف، أي بمعدل 400 سيارة لكل ألف شخص، وأن معدل زيادة السيارات السنوي يبلغ نحو 6 في المئة، في الوقت الذي يبلغ فيه معدل نمو الشوارع بـ 3,3 في المئة سنويا.
لاحظ الفرق بين معدل زيادة السيارات ومعدل نمو الشوارع... هناك بون شاسع ولا يحتاج إلى تعليق فإما الحد من زيادة عدد المركبات تماشيا مع نمو الشوارع وأما مواكبة زيادة المركبات يتبعه حينها زيادة نمو في الشوارع والا الحصاد المر لأرواح الناس والتعطيل والتعطل وبالتالي ضياع أوقات الناس في الطرق لانتظار انفراج الاختناقات المرورية الخانقة هذا من جانب، إلى جانب كون هذه الزيادة لها تبعات اقتصادية وبيئية كبيرة ولها تأثيرات جدا خطيرة على صحة الفرد، فخلال الاعوام الخمسة الماضية زادت فيها عدد الحوادث المرورية وزاد حينها عدد المصابين والوفيات نتيجة هذه الحوادث وزادت عدد المخالفات المرورية وعدد المركبات المتضررة.
ولا ننسى بأن كل سيارة جديدة يتم ترخيصها تأخذ مساحة مكانية قدرها 2,6 متر "في المتوسط أو 0,000006 كيلومتر مربع"، في بلد كالبحرين لا تزيد أطوال شوارعه الرئيسية المعبدة عن 2751 كم طوليا، وعن 711 كيلومترا مربعا، وهذا تحد آخر.
كما يدخل الى البحرين من خلال جسر الملك فهد اعداد متزايدة من السيارات تساهم وتفاقم المشكلات المرورية والطرقات فقد ارتفع اعداد السيارات القادمة بنسبة 100 في المئة 2001 عما عليه العام 1995 ففي العام 2001 بلغ عدد القادمين من خلال الجسر ،1,800,420 في حين بلغ أعداد السيارات القادمة العام 1995 898,186 فقط.
ولمحاولة ربط المقدمة السابقة بالموضوع الأصلي، شهد الأسبوع الأخير الذي سبق عيد الأضحى مباشرة والأسبوع الأول لعيد الضحى المبارك، ازدحامات مرورية مزعجة للغاية أربكت حينها مرتادي الشوارع والطرقات وهم في طريقهم لشراء مستلزمات العيد والأمور المصاحبة للاستعدادت الخاصة بالعيد، كما صاحبتها إصابات بشرية أزعجت بدورها أهالي المصابين إذ شهدت محافظات المملكة اختناقات مرورية تجاوزت فيها الـ 100 حادث خصوصا في منطقة العاصمة والاسواق والمجمعات التجارية التي يتوافد عليها الناس بصورة أكبر، ما تركت بصماتها واضحة، وهذا الأمر أصبح واقعا معاشا بخلاف المناسبات الموسمية، الآن أصبحت جميع الشوارع والطرقات تغص بالمركبات، فما بالكم والناس من دون استثناء تتسابق على عملية الشراء استعدادا للعيد، وبالتالي يصبح عندها المشوار الذي يستغرق عشر دقائق يقضيه السائق نحو النصف الساعة وهكذا أصبح وقت كبير مستقطع من الناس حتى يتمكنوا من الايفاء بالتزاماتهم الخاصة والمحافظة على المواعيد والالتزام والدقة.
والذي زاد الطين بلة هذا العام تزامن مجيء العيد المبارك مع تغير الأحوال الجوية إذ تعرضت البحرين لعواصف رعدية وامطار غزيرة انخفضت عندها درجات الحرارة.
ففي كل مرة يتساقط فيها المطر بصورة غزيرة في البحرين يتضح فيها العيوب التي تعاني منها الشوارع والطرقات وتكشف العيوب التي تؤكد عدم مؤامتها وعدم سلامتها للمارة ما يؤدي الى تورط الناس من جراء تعرض حياة السائقين ومن في حكمهم إلى الأخطار والإصابات، ففي كل مرة يتساقط فيها الأمطار حتى وان كانت بسيطة تتكاثر فيها الحوادث ولا حياة لمن تنادي، ففي دول كدول شرق آسيا إذ يتساقط عليها الامطار على مدار السنة وبكثافة وبغزارة، ولكن نادرا ما كان يحدث فيها حوادث، كما أن مياه الأمطار سرعان ما تزول بتوقف المطر، بسبب التخطيط الملائم والمناسب لطبيعة المنطقة، هنا في البحرين على رغم تكرار الظاهرة، ومأساتها لا نرى خططا من قبيل إدارة الطرق، ولا خططا من قبل إدارة المرور وكل ما نراه يكون قاصرا على وجود رجال المرور متفرقين على الشوارع للتخفيف من الاختناقات المرورية غير عابهين بسلامة السائقين، فاسهل ما في الأمر مسك القضية من قشورها وليس من لبها. بمعنى آخر إذا نحن حافظنا على الشوارع من الازدحامات المرورية والاختناقات لا يعني هذا أننا تخلصنا من المشكلة ولكننا نكون دون أدنى شك ساهمنا بشكل أو بآخر في حلحلة المشكلة، ولكن إذا أردنا أن نحل المشكلة لابد من وضع خطة استراتيجية لاستيعاب المشكلة تدخل حينها ادارة الطرق بثقلها وبخططها الاستراتيجية وبخططها الطارئة لاستيعاب المشكلة، فإذا كانت ادارة الطرق تمتلك خططا مستقبلية خمسية او عشرية فلتضعها ولتعمل على تنفيذها لكن لا يعني هذا انها تقلل من اهمية ان يكون هناك خطط طارئة تحسبا لأي جديد يستجد كالمناسبات الموسمية، كذلك الحال ينطبق برمته على إدارة المرور والتراخيص، فحياة الناس ليست برخيصة حتى نستهان بها ونعرضها للأخطار، الوضع الآن في البحرين ما عاد يحتمل الشوارع تغص بالسيارات أصبحنا أسوأ حالا من القاهرة، لذلك وجب التحرك بصورة أسرع لإنقاذ الوضع وأنا هنا لن اطرح حلولا بل أتركها لأهل الخبرة والاختصاص ولكن يبدو أن فكرة الجسور العلوية تخفف من وطأة الأزمة المرورية، وأطرح سؤالا للتأمل لماذا هكذا وضعنا؟ ولماذا لا نضع المشكلة بصورتها الحقيقية على الطاولة الا حينما تتعقد وتستفحل؟ وإلى متى يستمر حالنا هكذا؟ يجب من الآن أن نعترف إذا شعرنا بالعجز أو اليأس ويتم الاستعانة بشركات متخصصة في الجوانب التي نجهلها فليس هذا عيبا ولكن العيب يكمن في أننا نداري على أخطائنا وعلى عجزنا إلى أن تتفاقم الأمور وبالتالي الترقيع لا يجدي.
لذلك نؤكد هنا أن إصلاح الطرق أصبح ضرورة حتمية لا خيار، وانه لا جدوى من وجود تشريعات وحلول وخطط على الورق وتبقى حبرا على ورق لا جدوى منها ولا فائدة تذكر، في ظل غياب التخطيط المروري السليم الواعي، وعدم تجاوب وتفاعل مع ما يحدث من قبل اصحاب القرار فالتقاعس هنا دور غير مطلوب، والأمر بحاجة الى وجود رغبة وارادة قوية تستوعب تجهيز وتهيئة الشوارع والطرقات لاستقبال الاعداد المتزايدة من المركبات
إقرأ أيضا لـ "سكينة العكري"العدد 918 - الجمعة 11 مارس 2005م الموافق 30 محرم 1426هـ