العدد 918 - الجمعة 11 مارس 2005م الموافق 30 محرم 1426هـ

الولايات المتحدة والغرب دمى إسرائيلية!

لم تخرج الصحف الإسرائيلية ومعلقوها كثيرا عن كلام مسئوليها من أن تظاهرة ساحة رياض الصلح التي دعا إليها أمين عام حزب الله السيدحسن نصرالله والقوى والأحزاب الوطنية، ضمت عشرات الآلاف من السوريين، لكن هناك من رأى التظاهرة تشكل نجاحا مدهشا لحزب الله وأمينه العام السيدحسن نصرالله. واللافت أن هناك أيضا من أجرى "حسبة" عددية لكلا الفريقين فقدر أحدهم عدد تظاهرة الموالاة بعشرة أضعاف مثيلاتها للمعارضة. ورأت تقارير إسرائيلية أن ما جمع الشيعة في هذه التظاهرة ليس "حب" سورية بل "كره" "إسرائيل". وأكد آخر، أنه يجب منع حزب الله وإيران من ملء الفراغ في لبنان، لكن أحد دعاة السلام الإسرائيليين رأى أن ما يحصل في لبنان هو أن الأخير وقع بين فكي القوى العظمى الجشعة من جديد. وكشف أحدهم أن أميركا طالبت "إسرائيل" بوقف التصريحات بشأن الانسحاب السوري من لبنان لأن ذلك سيحول الولايات المتحدة والدول الأوروبية في نظر العرب إلى دمى إسرائيلية! هذا الكشف يذكر بالنصائح التي أسدتها أميركا للدولة العبرية قبل غزو العراق حتى لا يشم العرب مصالح إسرائيلية في الحروب الأميركية.

وكشف عكيفا إلدار في ""هآرتس" أن واشنطن طالبت على لسان سفيرها في "إسرائيل" دان كيرتزر، الدولة العبرية بالتوقف عن إطلاق التصريحات بشأن انسحاب القوات السورية من لبنان. وأوضح أن كيرتزر نقل رسالة من الإدارة الأميركية إلى وزارة الخارجية الإسرائيلية جاء فيها أن هذه التصريحات من شأنها تقويض المصالح الأميركية في المنطقة من خلال خدمة مصالح المتطرفين في الدول العربية التي ترفض الإصلاحات التي يدعو بوش إلى تطبيقها في سورية ودول عربية أخرى. وأضاف أن الإدارة الأميركية انتقدت أيضا تسريب المسئولين الإسرائيليين معلومات إلى وسائل الإعلام بشأن اتصالات جرت بين جهات لبنانية والمستشار الخاص السابق للحكومة الإسرائيلية أوري لوبراني، بشأن فتح قنوات اتصال بين "إسرائيل" ولبنان.

ولفت إلدار إلى أن إدارة بوش، أبدت انزعاجها أيضا من التقارير التي أفادت أن "إسرائيل" تطالب أميركا وأوروبا بعدم تخفيف ضغوطها من أجل سحب القوات السورية والحرس الثوري الإيراني من لبنان. ونقل عن مصدر غربي أنه ليس بالضرورة أن يكون المرء نابغة سياسيا كي يفهم بأن الضغط العلني من جانب "إسرائيل" على المجتمع الدولي من أجل اتخاذ خطوات ضد سورية بشأن المسألة اللبنانية ستكون له نتائج عكسية، إذ إن ذلك سيحول الولايات المتحدة والدول الأوروبية في نظر العرب إلى دمى إسرائيلية.

وكتب أورلي هاربن في "جيروزاليم بوست" تحت عنوان "حشود غفيرة في بيروت تتظاهر من أجل الأسد"، أن مئات الآلاف من اللبنانيين لبوا نداء أمين عام حزب الله وتظاهروا في وسط بيروت حاملين الأعلام اللبنانية في عرض واضح للقوة ودعما لسورية ورفضا للتدخل الأجنبي. ولاحظ المعلق أن هذه التظاهرة تساوي عشرة أضعاف التظاهرات المعادية لسورية وأبرزت عمق الشرخ بين الموالين والمعارضين لدمشق في لبنان. وأضاف أن الجزء الآخر من المجتمع اللبناني أسمع صوته أخيرا، مشيرا إلى أن هذا الصوت قد قزم كل التظاهرات المعادية لسورية التي نظمت خلال الأسابيع الماضية. ففي حين لم تجمع التظاهرة التي نظمتها المعارضة في اليوم السابق أكثر من 70 ألف شخص، أشارت وكالات الأنباء إلى أن التظاهرة الموالية لسورية جمعت 500 ألف شخص بينما أعلنت حركة أمل أن العدد بلغ مليونا و500 ألف.

ولاحظ المعلق الإسرائيلي أنها المرة الأولى التي يشارك فيها حزب الله في السجال الدائر حول السيطرة السورية على لبنان الذي بدأ إثر اغتيال رئيس الوزراء السابق رفيق الحريري. وأشار إلى أن ما جمع الشيعة في هذه التظاهرة ليس التقدير لسورية لأنهم لا يؤيدون جميعا الوجود السوري، بل إن ما جعلهم يلبون دعوة نصرالله هو مخاوفهم من هجمات قد تنفذها "إسرائيل"، لافتا إلى أن نصرالله استغل مشاعر الخوف هذه ليدفع مناصريه لرفض القرار 1559 باعتباره تدخلا أجنبيا في الشئون اللبنانية.

وكتب مايكل هيرزوغ في معهد واشنطن من على موقعه على الإنترنت مقالا تحت عنوان "منع حزب الله وإيران من ملء الفراغ في لبنان" على هامش التظاهرة الشعبية الحاشدة التي نظمها حزب الله في مواجهة المعارضة اللبنانية على حد قوله؛ فرأى أن هذه التظاهرة ذكرت أن إقامة لبنان حر وديمقراطي تتطلب أكثر من انسحاب الجيش السوري. وأشار إلى أنه في حين أن المعارضة التي تحظى بدعم دولي ترفض "الاحتلال" السوري فإن حزب الله يركز على رفض التدخل الأجنبي في الشئون اللبنانية. غير ان هيرزوغ، حذر من أنه إذا سمح لحزب الله وإيران بملء الفراغ الذي سيخلفه انسحاب سورية من لبنان فإن هذا البلد سيبقى معرضا للتدخلات الأجنبية. وأضاف أن مثل هذا التطور من شأنه أن يزيد من احتمالات حصول تصعيد على الجبهة اللبنانية - الإسرائيلية.

من هنا دعا العقيد الإسرائيلي المجتمع الدولي إلى عدم تجاهل المضامين الأخرى للقرار 1559 المتعلقة بوقف الوجود الإيراني في لبنان ونزع سلاح حزب الله. وكتب يوري آفنيري في موقع "كاونتر بانش" على الإنترنت مقالا تحت عنوان "لبنان والقوى العظمى الجشعة" لاحظ خلاله أن لبنان يتحول من جديد لمسرح لتدخل القوى المجاورة والأجنبية التي تنتظر كل واحدة منها الحصول على حصتها. وأوضح أن سورية و"إسرائيل" وأميركا وفرنسا كلها اليوم متورطة في لبنان. وذكر الكاتب بالتاريخ اللبناني الحافل بالنزاعات الطائفية والتدخلات الأجنبية، لافتا إلى أن ما يشهده هذا البلد اليوم يذكر بالماضي ويثير مخاوف من احتمال تكراره. وأوضح أن جميع الطوائف والفئات اللبنانية تتحرك اليوم وكل لمصلحتها الخاصة ومن أجل إسقاط الأخرى ربما من خلال مهاجمتها في الوقت المناسب.

وأشار آفنيري، إلى أن بعض زعماء هذه الفئات على علاقة بسورية وبعضهم مرتبط بـ "إسرائيل"، ولكن جميعهم يحاولون استخدام الأميركيين لمصلحتهم، لافتا إلى أن الصور المفرحة للمتظاهرين الشباب التي تبث على شاشات التلفزة، لن يكون لها أي معنى إذا لم يتم إدراك مواقع هذه الفئات ومن هي الجهات التي تقف وراءها. فقبل ثلاثين عاما كانت هذه الفئات والطوائف تشارك في حرب أهلية دموية وكل واحدة منها نكلت بالأخرى. من هنا اعتبر آفنيري، أنه من الصعب توقع ما الذي سيحصل إذا التزم السوريون بالإنذار الأميركي الأخير للخروج من لبنان. غير أنه لاحظ أن ما من دليل على أن واشنطن قلقة من تداعيات خروج الجيش السوري من لبنان بل إنها مخدوعة اليوم بالتصريحات الطفولية التي يطلقها بعض اللبنانيين بشأن "الحرية" و"الديمقراطية" وكأن ذلك هو الذي من شأنه أن يأتي بنظام مقبول للجميع. وأكد آفنيري، أن الأميركيين لا يفهمون أن اللبنانيين ينتمون إلى طوائفهم وتياراتهم الحزبية أكثر من انتمائهم إلى لبنان. وحذر من أنه في هذه الحال فإن القوة الدولية لن تنفع

العدد 918 - الجمعة 11 مارس 2005م الموافق 30 محرم 1426هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً