العدد 2400 - الأربعاء 01 أبريل 2009م الموافق 05 ربيع الثاني 1430هـ

دراسة قانونية تطالب بحرية تكوين الجمعيات وحصر سلطة حلها بالقضاء

أعدتها «الفيدرالية الدولية» و«المعهد العربي» لحقوق الإنسان

أوصت دراسة قانونية بشأن حرية الجمعيات في القانون والسياسات والممارسة في ثلاث دول (البحرين، والكويت، واليمن)، بحرية تكوين الجمعيات للمواطنين والأجانب على حد سواء دون أي تمييز، وبحصر سلطة حلها في القضاء.

وأوضحت الدراسة التي تأتي في إطار التحضير لمؤتمر إقليمي بشأن حرية الجمعيات، ينظمه كل من الفيدرالية الدولية لحقوق الإنسان والمعهد العربي لحقوق الإنسان، ويهدف إلى تنمية قدرات المجتمع المدني للمشاركة الفعالة في التحول والتطور الديمقراطي في المنطقة، أن كلا من البحرين والكويت واليمن تشترك في عدة أوجه فيما يتعلق بحرية تكوين الجمعيات، إذ تتسم سياسات هذه الدول وأنظمتها بالميل إلى تقييد الحقوق وبالتوجهات المحلية أكثر من الميل إلى تبني القواعد الليبرالية والدولية، وينعكس هذا في تكثيف الإشراف وفي تشديد الرقابة بدءا من منع تكوين الجمعيات من دون موافقة حكومية، مرورا بالتدخل الواسع في الشئون الداخلية للجمعيات الذي قد يصل إلى درجة دفع الجمعيات لحل نفسها، وأن قدرة تأسيس الجمعيات وإمكان تسيير أعمالها يتم بحرية محدودة.

وفيما يخص حق تأسيس الجمعيات أوصت الدراسة بإزالة كل النصوص المطاطة في القوانين التي تسمح للسلطات بالاستنساب في التفسير وبالحد من حرية الجمعيات، واعتماد سياسة الإخطار أو الإشهار بدلا من سياسة الترخيص المسبق، وتشجيع إنشاء جمعيات حقوق الإنسان وعدم منع هذه الجمعيات من الوجود بسبب وجود جمعيات أخرى شبيهة أو تحت حجة عدم حاجة المجتمع إلى خدماتها، والسماح بالتعدد النقابي على مستوى المنشآت عملا بتوصيات منظمة العمل الدولية، إذ يجب أن يتاح للعمال إمكان تأسيس النقابات التي يريدون بغض النظر عن تلك الموجودة في منشآتهم أو مهنهم.

كما أوصت الدراسة بوضع قوانين أكثر ليبرالية تنظم الأحزاب السياسية، وبتعديل القوانين بحيث تكفل الحق بحرية تكوين الجمعيات للمواطنين والأجانب على حد سواء دون أي تمييز، وتعديل القوانين لتضمن حق الجمعيات والاتحادات في الانضمام إلى المنظمات الدولية من دون الحاجة إلى موافقة إدارية مسبقة، وحصر سلطة حل الجمعيات بالقضاء الذي من شأنه وحده أن يضمن إجراءات عادلة وصحيحة للجمعية ولأعضائها.

وأوصت الدراسة المجتمع المدني بالعمل سويا على مسودة قانون أو أحكام متعلقة بحرية الجمعيات تتوافق مع المعايير الدولية لحقوق الإنسان ومعايير العمل الدولية، والمشاركة في المبادرات التي تطلقها السلطات لتعديل القوانين أو وضع قوانين جديدة متعلقة بحرية الجمعيات، ورصد تطبيق مبادئ حرية الجمعيات على المستوى الوطني، واحترام مبادئ حرية الجمعيات الدولية في عملها الداخلي وإداراتها، ولاسيما مبدأ عدم التمييز بين المواطن والأجنبي، وتوطيد التعاون بين المدافعين عن حقوق الإنسان والنقابات العمالية، ليصبح الحق النقابي وحقوق العمال من الحقوق التي تتولى حركة حقوق الإنسان الدفاع عنها.


المنظمات غير الحكومية

وأشار التقرير إلى أنه على رغم أن الدستور البحريني يضمن الحق بحرية الجمعيات، يتسم الاطار القانوني والسياساتي الذي يرعى هذه الحرية بالتقييد كما يعطي للسلطات إطارا واسعا من الرقابة على تأسيس الجمعيات.

وذكر التقرير أنه وفق أحكام قانون الجمعيات وتعديلاته، لا تتمتع الجمعية بالشخصية القانونية إلا بعد موافقة الإدارة المختصة على طلب التسجيل ونشر الموافقة في الجريدة الرسمية، وتعتبر باطلة كل جمعية تؤسس مخالفة للنظام العام أو للآداب أو لسبب أو غرض غير مشروع أو يكون الغرض منها المساس بسلامة الدولة أو بشكل الحكومة أو نظامها الاجتماعي.

وتتمتع الوزارة بحق رفض تسجيل الجمعية إذا كان المجتمع في غير حاجة لخدماتها أو لوجود جمعية أو جمعيات أخرى تسد حاجة المجتمع في ميدان النشاط المطلوب، أو إذا كان إنشاؤها لا يتفق مع أمن الدولة أو مصلحتها أو لعدم صلاحية مقر الجمعية أو مكان ممارسة نشاطها من الناحية الصحية أو الاجتماعية أو أن تكون الجمعية قد أنشئت بقصد إحياء جمعية أخرى سبق حلها، ويعتبر صمت الوزارة بعد انقضاء مهلة الرد من دون إتمام التسجيل أو إخطار مقدم الطلب برفضه بمثابة رفض ضمني للطلب.

وأوضح التقرير أن منظمات حقوق الإنسان التي تقع تحت مظلة وزارة التنمية الاجتماعية، لا يرد تصنيفها كمنظمات حقوق إنسان في أي من قرارات الترخيص بتسجيلها.

وقال التقرير: «يبدو أن مسار تسجيل هذه الجمعيات لم يكن سهلا أو آليا، إذ أفادت منظمتان أنهما لم تتسجلا إلا بعد تدخل مباشر من قبل جلالة الملك أو رئيس الوزراء، ومن بينها مركز البحرين لحقوق الإنسان الذي تقدم بطلب تسجيل إلى الوزارة في العام 2001، وعندها طلبت السلطات الإدارية من المركز تعديل اسمه من مركز إلى جمعية، باعتبار أن القانون لا يتضمن مركزا من بين الفئات التي تخضع لأحكامه، وبعد أن قام المركز بإضافة كلمة جمعية إلى اسمه، استمرت التضييقات عليه، إذ أعلمت الوزارة المؤسسين أنه ليست هناك حاجة إلى المركز بسبب وجود الجمعية البحرينية لحقوق الإنسان، ولم يؤد ذلك إلى رفض المركز، إلا أنه في الوقت نفسه لم يتم تسجيله حتى يونيو/ حزيران 2002 وذلك بعد لقاء المؤسسين بجلالة الملك».

كما أشار التقرير إلى أنه من العوائق الأخرى أمام مسار التسجيل إمكان الصمت بشأن طلبات التسجيل التي تتمتع بها الوزارة، لافتا إلى أن جمعية شباب البحرين لحقوق الإنسان تقدمت بطلب التسجيل في يونيو 2005، وكان رد الوزارة المتكرر أنها لاتزال تدرس الطلب، وأن المؤسسين يعزون رفض طلبهم إلى كون أحدهم عضوا في مركز حقوق الإنسان المنحل.

أما بشأن الأجانب، فنوه التقرير إلى أنهم يتمتعون بحق تأسيس المنظمات غير الحكومية والانضمام إليها وفق قانون الجمعيات، إلا أن الأجانب قد لا يتمتعون بالضرورة بهذا الحق بشكل دائم، باعتبار أن القرار «4» للعام 2007 ترك للمؤسسين أن يضعوا ما يرتأون من شروط العضوية.

ويشير التقرير إلى أنه بعد أن تم حل المركز، شجعت وزارة التنمية الاجتماعية اللجنة الفرعية المنبثقة عن المركز لحماية العمال الوافدين على التحول إلى جمعية مستقلة، من دون أن تشترط أن يكون من بين المؤسسين مواطنون بحرينيون.


النقابات العمالية

وذكر التقرير أن العمال الذين لا ينطبق عليهم قانون النقابات العمالية، لا يتمتعون بحق التنظيم النقابي، من بينهم العمال المنزليين والعمال الذين يستخدمون في أعمال عرضية مؤقتة والذين يستثنون من قانون العمل في القطاع الأهلي.

وبين التقرير أن النقابات العمالية التي يؤسسها العمال تتمتع بالشخصية الاعتبارية اعتبارا من تاريخ إيداع أوراق تكوينها لدى الوزارة، إلا أن القانون لا يفصل إجراءات تأسيس النقابات العمالية وتسجيلها، وأنه ليس هناك في القانون أية نصوص تشير إلى النشر في الجريدة الرسمية وبالتالي إلى إعلان إنشاء النقابة بالنسبة للغير، غير أن وزارة العمل أشارت إلى أنها تعطي عند الإيداع شهادة إيداع للنقابة ورسالة للسلطات المعنية تحدد فيها الأشخاص المخولين بالتوقيع عن النقابة.

ونوه التقرير إلى أنه على رغم أن القانون لا يحدد إجراءات التأسيس والإيداع، إلا أنه ينص على حق الوزارة في أن ترفض الإيداع وبالتالي أن ترفض إصدار شهادة في حال تعارض النظام المودع مع أحكام القوانين السارية.

وقال التقرير: «هناك معضلة تتعلق بأحقية العاملين في الوظيفة العامة بالتشكيل النقابي، إذ يخضع هذا الحق لتفسيرات مختلفة تؤدي إلى سياسات متفاوتة، ويعود ذلك بشكل رئيسي لوجود مادتين ترعيان هذه المسألة في قانون النقابات العمالية».

وأوضح التقرير أن المادة «2» من القانون تعرف العاملين الخاضعين لأحكام قانون النقابات بـ»العاملين المخاطبين بأنظمة الخدمة المدنية»، في حين تنص المادة (10) منه على أن «يكون للعاملين المخاطبين بأنظمة الخدمة المدنية حق الانضمام إلى النقابات التي تنشأ في أية منشأة أو قطاع معين أو صناعات أو حرف متماثلة أو مرتبطة ببعضها بعضا»، ومن هنا أشار التقرير إلى أن الاتحاد العام لنقابات عمال البحرين والنقابات التي أنشئت في القطاع العام ركزت على أن المادة «2» تعطي الحق للعاملين في القطاع العام بإنشاء نقاباتهم الخاصة، إلا أن السلطات تتذرع بالمادة «10» للقول إن حق العاملين في القطاع العام ينحصر بالانضمام إلى النقابات التي تنشأ في القطاع الخاص أو البحري.

وذكر التقرير التقرير أن قانون الخدمة المدنية لا يتضمن أية أحكام ذات علاقة بالتنظيم النقابي، وأن حظر هذا التنظيم جاء في التعاميم والتوجيهات التنفيذية.

أما فيما يتعلق بالأحزاب السياسية، فيؤكد قانون الجمعيات السياسية حق تكوين ما يسمى بـ «الجمعيات السياسية» (وليس «أحزاب سياسية»)، وأشار التقرير إلى أن القانون يضع مجموعة من القيود على تأسيس الجمعيات السياسية، كما لا يجوز لأية جمعية سياسية الإعلان عن نفسها أو ممارسة أي نشاط سياسي أو إجراء أي تصرف باسم الجمعية إلا في الحدود اللازمة لتأسيسها قبل التقدم بطلب تأسيس إلى وزارة العدل.

وأشار التقرير إلى أن توفيق أوضاع الجمعيات السياسية كان محط اعتراضات متعددة من قبل الجمعيات التي كانت قائمة بتاريخ صدور القانون وراغبة بممارسة نشاط سياسي، كما كان موضع مفاوضة بين هذه المجموعات والسلطات الإدارية المختصة.

وقال التقرير: «لم يشذ عن هذا الاتجاه سوى بعض أعضاء جمعية الوفاق فقط حيث رفضوا التسجيل تحت قانون اعتبروه «غير شرعي أو غير ملتزم بروحية الدستور»، وبالتالي عارضوا اتجاه الجمعية نحو توفيق أوضاعها وانشقوا عنها مشكلين ما سمي بـ (حركة حق)».

ولفت التقرير إلى أن الجمعيات لا تتمتع بحرية تسيير أعمالها بحسب ما تنص عليه أنظمتها بسبب التدخل الواسع للسلطات في شئونها، إذ تولي القوانين والسياسات للسلطات سلطة إشراف واسعة تبدأ من تنظيم الشئون الداخلية للجمعيات إلى منظمات أخرى وإلى تهديد استمراريتها عن طريق الوقف والحل.


الرقابة والتدخل والإشراف تحد من الحريات

كما أكد التقرير أن أحكام قانون الجمعيات تولي السلطات حق التدخل في شئون الجمعيات والرقابة والإشراف عليها مما يحد من حرية هذه الأخيرة في القيام بأنشطتها، لافتا إلى أن مؤسسي جمعية حماية العمال الوافدين كان عليهم اتباع النظام الداخلي النموذجي الذي وضعته الوزارة عند وضعهم نظامهم الداخلي، وأنه إضافة إلى ذلك طلبت الوزارة تعديل أهداف الجمعية وبعض المسائل الأخرى من نظامها.

أما بشأن النقابات العمالية، فأكد التقرير أن أحكام قانون النقابات العمالية تعطي السلطات إمكانية تدخل واسعة في مسار التأسيس.

ونوه التقرير إلى أن التدخل الأكثر خطورة على حقوق العمال، هو التضييق على حق الإضراب الأساسي بالنسبة للنقابات العمالية، ولفت التقرير إلى تحفظ الاتحاد على التعديلات القانونية على حق الإضراب لاسيما منح حق تحديد القطاعات الحيوية للسلطة التنفيذية، كما يشير الاتحاد إلى أنه نتيجة هذا التعديل توسعت لائحة القطاعات الحيوية التي يحظر الإضراب فيها لتشمل «كل القطاعات تقريبا».

وفي هذا الصدد، تقدم الاتحاد العام بشكوى ضد حكومة مملكة البحرين أمام منظمة العمل الدولية «بشأن التجاوزات من قبل حكومة مملكة البحرين بشأن حق الإضراب» بناء على «القانون رقم 49 لسنة 2006 بتعديل بعض أحكام قانون النقابات العمالية... المادة 21 المتعلقة بحق الأضراب» وبالإشارة إلى قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 62 لسنة 2006 مطالبين باتخاذ الإجراءات اللازمة لتعديل القانون رقم 49 في هذا الشأن بحيث لا يترك حق تحديد المرافق الحيوية بيد رئيس مجلس الوزراء وللالتزام بالمعايير الدولية ذات العلاقة.

وتطرق التقرير إلى شكوى الاتحاد بأن تعديل القانون والقرار الذي صدر بناء عليه ينتهكان معايير الإضرابات المعترف بها، وذلك بناء على ثلاث حجج أساسية، أولها «أن قانون رقم 49 لسنة 2009... أعطى رئيس مجلس الوزراء حق تحديد المنشآت الحيوية التي لا يجوز فيها الإضراب، في حين أنه في قانون رقم 33 لسنة 2002 تم تحديد هذه المنشآت قانونا ولم يترك في يد السلطة التنفيذية، وهو ما يمثل تراجعا يمس الحقوق العمالية»، وأن قرار رئيس الوزراء «حدد المنشآت الحيوية التي لا يجوز فيها الإضراب بعموميتها ودون تحديد الإدارات الحساسة في تلك القطاعات مع حق الإضراب في الإدارات غير الحساسة».

كما أشار الاتحاد في شكواه إلى تجاوز القرار للمرافق التي اعتبرتها «منظمة العمل الدولية» غير حيوية وتضمينها ضمن المرافق الحيوية التي يمنع فيها الإضراب وهو ما يتنافى مع هذه المعايير.

واعتبرت الحكومة البحرينية ردا على هذه الحجج أن المعايير الدولية تترك للدول أن تقرر المرافق التي تحظر الإضراب فيها، كما أن القانون نفسه قد عرف القطاعات الحيوية وأن ترك أمر تحديد المرافق التي لا يجوز الإضراب فيها لرئيس الوزراء يهدف إلى تجنب الصعوبات والمهل المرتبطة بتعديل القانون في حال لو ترك الأمر للقانون.

وخلصت لجنة الحريات النقابية إلى أن التعريف المعتمد في المادة 21 من القانون 49 لسنة 2006 يتجاوز تعريف المرافق الحيوية بالمعنى الحرفي للكلمة، مذكرة بالمعايير الدولية المتعلقة بحق الإضراب كوسيلة مشروعة للدفاع عن حقوق العمال، ومشددة على أن المرافق الحيوية يجب أن تفسر بالمعنى الحصري للكلمة (هي المرافق التي يؤدي وقف العمل فيها إلى وضع حياة أو سلامة المواطنين الشخصية أو قسم منهم أو صحتهم في خطر)، مذكرة أن تعريف منظمة العمل الدولية للمرافق الحيوية يستند إلى اعتبارات مرتبطة بالمصالح العامة للمواطنين.

وأشار التقرير إلى توصيات اللجنة المتمثلة بالطلب من الحكومة اتخاذ التدابير اللازمة لتعديل المادة 21 من قانون النقابات العمالية بحيث تحصر تعريف المرافق الحيوية بالمعنى الحرفي للكلمة على أنها المرافق التي يؤدي وقف العمل فيها إلى وضع حياة أو سلامة المواطنين الشخصية أو قسم منهم أو صحتهم في خطر وللتثبت من أن يحصل العمال في هذه المرافق على ضمانات بديلة كافية. وطلبت اللجنة من الحكومة إبقاءها على اطلاع بالخطوات المتخذة بهذا الصدد.

كما طلبت اللجنة من الحكومة اتخاذ التدابير اللازمة لتعديل لائحة المرافق الحيوية التي وردت في قرار رئيس الوزراء بحيث تشمل فقط المرافق الحيوية بالمعنى الحرفي للكلمة، وبأن تتخذ الحكومة الخطوات اللازمة للتثبت من التفاوض مع ممثلين عن منظمات العمال ومنظمات أرباب العمل في أي مسار لتحديد جديد للمرافق الحيوية، وأن هذا التحديد يتم بالتوافق مع مبادئ حرية الجمعيات. كما تطلب اللجنة من الحكومة إبقاءها على اطلاع باي تطورات بهذا الصدد وأن تزودها بنسخة عن قرار رئيس الوزراء الجديد بتحديد المرافق الحيوية في حال صدور قرار جديد.


الحق بالحماية من الحل القسري أو الوقف

وفي سياق متصل ذكر التقرير أن قانون الجمعيات يعطي السلطات صلاحيات واسعة في اتخاذ تدابير جبرية أحادية الجانب تؤثر في استمرارية نشاط واستقرار الجمعية، وخصوصا تدابير الدمج ووقف الأنشطة والإغلاق والحل القسري، وأن بعض هذه القرارات يقبل الطعن القضائي من قبل الجمعية كقراري الوقف والحل في حين لا يقبل قرار الدمج أي طعن بما فيه الطعن الإداري أمام الوزارة نفسها.

كما أشار إلى أنه إضافة إلى الدمج، يجيز القانون للإدارة أن تتخذ قرارا جبريا بحل الجمعية يؤدي إلى الإنهاء الكامل لأنشطة الجمعية ووجودها أو قرار بإغلاقها مؤقتا لمدة لا تزيد على 45 يوما في حال ثبت عجزها عن تحقيق الأغراض التي أنشئت من أجلها، وإذا تصرفت في أموالها في غير الأوجه المحددة لها طبقا لأغراضها، أو في حال تعذر انعقاد جمعيتها العمومية عامين متتاليين.

وبالنسبة لحالات الحل، تطرق التقرير إلى حل مركز البحرين لحقوق الإنسان العام 2004 بناء على «ارتكاب الجمعية مخالفات جسيمة للقانون والنظام العام»، وهو القرار الذي اتخذ بعد أربعة ايام على إطلاق الجمعية تقريرا عن الفقر والفساد في البحرين، وهو ما اعتبر «نشاطا سياسيا محظورا»، لافتا التقرير إلى أن المركز طعن بقرار الحل إلا أن قرار المحكمة صدر لمصلحة الإدارة في كل درجات المحاكمة.

أما بشأن الجمعيات السياسية، فأكد التقرير أنها تتمتع بالمزيد من الحماية مقارنة بالمنظمات غير الحكومية، إلا أنه أشار إلى أن القانون يُجوز لوزير العدل أن يطلب من المحكمة الكبرى المدنية الحكم إيقاف نشاط الجمعية لمدة لا تزيد على ثلاثة أشهر في حال مخالفة الجمعية لأحكام الدستور أو قانون الجمعيات السياسية، وأنه على المحكمة أن تصدر حكمها في موضوع الدعوى خلال مدة لا تزيد على 30 يوما.

كما أشار التقرير إلى أنه يجوز لوزير العدل أن يطلب من المحكمة الكبرى المدنية الحكم بحل الجمعية وتصفية أموالها وتحديد الجهة التي تؤول إليها هذه الأموال، وذلك إذا ارتكبت مخالفة جسيمة لأحكام الدستور أو قانون الجمعيات السياسية أو أي قانون آخر، أو إذا لم تقم الجمعية خلال الفترة المحددة في الحكم الصادر بإيقاف نشاطها بإزالة أسباب المخالفة التي صدر الحكم استنادا إليها.

ولفت التقرير إلى عدم حصول أية حالة وقف أو حل لجمعية سياسية بموجب أحكام قانون الجمعيات السياسية، بينما سبق أن تم إغلاق جمعية العمل الإسلامي مؤقتا العام 2005 عندما كانت لاتزال مسجلة بموجب قانون الجمعيات، وأفادت الجمعية أن القرار أتى نتيجة احتفالها بقياداتها السابقة الذين تعرضوا للتهجير والتعذيب في ظل النظام السابق، وأنه لابد من الإشارة إلى أنه خلافا لأحكام قانون الجمعيات الذي تم الإغلاق بموجبه، لم يكن قرار الإغلاق معللا.


حق الأعضاء في الحماية من الملاحقة والتمييز النقابي

وعلى الصعيد نفسه بيّن التقرير أن قانون الجمعيات ينص على معاقبة الأفراد الذين ينشطون في جمعية غير مسجلة أو منحلة، إذ ينص على أن يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على 6 أشهر وبغرامة لا تتجاوز 500 دينار أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من باشر نشاطا بجمعية، ولفت التقرير إلى وجود حالة واحدة فقط استخدمت فيها هذه الأحكام، وهي حالة رئيس جمعية شباب البحرين لحقوق الإنسان، الذي تم التحقيق معه من قبل النيابة العامة وتبع ذلك استدعاؤه إلى المحكمة، إذ تذرع في دفاعه عن نفسه بالمواثيق الدولية المصادق عليها من قبل البحرين للتأكيد على قانونية الجمعية من دون أية حاجة إلى ترخيص مسبق.

أما بالنسبة لتهمة مواصلة نشاط جمعية منحلة، فأفاد رئيس مركز البحرين لحقوق الإنسان أنهم يواصلون أنشطتهم بعلم السلطات من دون أن يتعرض أحدهم للملاحقة، غير أنهم يجدون أنفسهم ملزمين باستخدام غطاء منظمات أخرى مسجلة في كل ما يحتاج إلى إجراءات رسمية كما هي الحال مع إعلام السلطات بعقد اجتماع عام.

أما فيما يتعلق بحق النقابيين في الحماية من التمييز النقابي، فأكد التقرير أنه منذ تأسيس نقابة عمال إدارة البريد، تعرض أعضاء هذه النقابة للمضايقات المتكررة ولمختلف أشكال الضغوط، وخصوصا نائبة رئيس النقابة نجية عبدالغفار، بما فيها التدابير التأديبية بسبب نشاطها النقابي المخالف لتعميم الخدمة المدنية رقم 1/2003، ناهيك عن توقيفها عن العمل عدة مرات وتهديدها بالفصل بسبب الإدلاء ببيانات عن الأعمال الوظيفية من غير تصريح الإدارة المعنية، والافتراء وتشويه سمعة المسئولين.

كما أشار التقرير إلى رفع اتحاد النقابات قضية عبدالغفار إلى منظمة العمل الدولية، واعتبرت لجنة الحريات النقابية أن المبادئ الأساسية للحرية النقابية تنص على تمتع العمال بالحماية المناسبة من مختلف أشكال التمييز ضد النقابات، وأنه من المستحسن توفير هذه الحماية بشكل خاص للقيادات النقابية، مطالبة الحكومة البحرينية باتخاذ التدابير المناسبة لتعويض عبدالغفار عن مدة توقيفها عن العمل من دون راتب، وبضمان عدم اتخاذ مزيد من التدابير التأديبية بحق أفراد النقابات في القطاع العام بسبب نشاطهم النقابي، إلا أن الحكومة - وفقا للتقرير - لم تلتزم بهذه التوصيات، وإنما تم بعد صدورها تطبيق جزاء التوقيف عن العمل والراتب لمدة 10 أيام بحق عبدالغفار.

ولفت التقرير إلى أنه على رغم أن القانون يوفر الحماية ضد التمييز النقابي، فإنه يتم فصل النقابيين بسبب نشاطهم النقابي، وأنه حصل خلال العامين 2006/2007 فصل 11 نقابيا من العمل بسبب نشاطهم النقابي. وأفاد اتحاد النقابات - بحسب التقرير - أنه تم رفع هذه الحالات إلى القضاء بعد أن فشلت محاولات التسوية بين الاتحاد العام والوزارة ورب العمل في إعادة العامل المفصول إلى عمله، إلا أنه بحسب الاتحاد كانت كل هذه القضايا عالقة أمام القضاء حتى فبراير/ شباط 2008، باستثناء حالة واحد تشمل فصل نقابيين صدر الحكم فيها في شهر مارس/ آذار 2008.

العدد 2400 - الأربعاء 01 أبريل 2009م الموافق 05 ربيع الثاني 1430هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً