العدد 915 - الثلثاء 08 مارس 2005م الموافق 27 محرم 1426هـ

عشر سنوات بعد بكين... لا عزاء للمطلقات البحرينيات

فريدة غلام إسماعيل comments [at] alwasatnews.com

يتملكنا الأسى في مناسبة الاحتفال بيوم المرأة العالمي هذا العام على وضع المرأة البحرينية في المحاكم الشرعية، الذي ووجه لعقود من الزمن بردة الفعل الموصوفة بالمثل الشعبي "عمك أصمخ"، في الوقت الذي يناقش فيه العالم أوضاع المرأة والتقدم المحرز في مؤتمر "بكين + 10" في الدورة الـ 49 للجنة وضع المرأة التابعة للأمم المتحدة، في نيويورك في الفترة من 28 فبراير/ شباط 2005 حتى 11 مارس/ آذار . 2005 هذه الدورة تناقش تنفيذ الدول لمقررات مؤتمر بكين 1995 بعد 10 سنوات، ضمن محورين أساسيين أولهما: استعراض تنفيذ إعلان وبرنامج عمل بكين، من خلال تقييم التقارير الوطنية للدول الأعضاء بشأن معالجة قضايا عدة، وثانيهما: مناقشة التحديات الراهنة والاستراتيجيات التطلعية للنهوض بالنساء والفتيات، كما ستتم مناقشة عدد من القضايا في إطار هذا المحور الأخير، من أهمها: دعم تنفيذ الدول في إطار سيادتها الوطنية لإعلان بكين، واتفاق القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة "سيداو" وسيتم أيضا استعراض الإنجازات والثغرات والتحديات والرؤى المستقبلية بشأن تعزيز المساواة بين الجنسين من منظور الشابات والشبان، ودور المنظمات الإقليمية والمنظمات الدولية في تعزيز المساواة بين الجنسين.

ويذكر أن ممثلي 189 بلدا، من بينها البحرين، اعتمدوا إعلان ومنهاج عمل بيجين في المؤتمر العالمي الرابع المعني بالمرأة "سبتمبر/ ايلول 1995"، ويجسد المنهاج التزاما دوليا جديدا ببلوغ أهداف المساواة والتنمية والسلام لجميع النساء في كل مكان، وقد حدد المنهاج مجالات الاهتمام الـ 12 الحاسمة التالية بالنسبة إلى النهوض بالمرأة وتمكينها وهي:

1- الفقر 2- التعليم والتدريب 3 - الصحة 4 - العنف 5- النزاع المسلح 6- الاقتصاد 7- صنع القرار 8 - الآليات المؤسسية 9 - حقوق الإنسان 10 - وسائط الاتصال 11 - البيئة 12 - الطفولة.

ويعرف منهاج العمل الأهداف الاستراتيجية ويفصل الإجراءات التي ينبغي على الحكومات والمجتمع الدولي والمنظمات غير الحكومية والقطاع الخاص اتخاذها.

وللتحضير لعملية الاستعراض والتقييم، أعدت شعبة النهوض بالمرأة بالأمم المتحدة، بالتعاون مع اللجان الإقليمية، استبيانا لتجميع المعلومات من الحكومات عن الإنجازات الرئيسية والعقبات الأساسية في تنفيذ منهاج عمل بيجين، وكان الموعد النهائي لتلقي الردود من الحكومات هو 30 أبريل/ نيسان ،2004 وجمعت نتائج الاستبيانات وقدمت إلى لجنة وضع المرأة في دورتها التاسعة والأربعين في مارس الجاري.

رد مملكة البحرين

كسائر الحكومات ردت مملكة البحرين على الاستبيان الموجه لها بشأن تنفيذ المنهاج ونشر الرد في وثيقة أصدرها مركز المرأة باللجنة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا - الايسكوا، في يوليو/ تموز 2004م في بيروت، وجاءت وثيقة الرد في أربعة أجزاء، الأول: لمحة عن الإنجازات والتحديات في تنفيذ المنهاج، الثاني: التقدم المحرز في تنفيذ مجالات الاهتمام الحاسمة، والجزء الثالث: الآليات والترتيبات المؤسسية التي وضعت لدعم متابعة وتنفيذ منهاج عمل بكين، والجزء الرابع: التحديات الرئيسية والتدابير المستقبلية المتخذة لمواجهتها. من وجهة نظرنا فإن التقرير يصف واقع المرأة بكثير من الاقتضاب والعمومية ويعرض بعض الإحصاءات الأساسية التي تعطي وصفا عاما إيجابيا لوضع المرأة البحرينية في مجالي التعليم والاقتصاد، ويعرض الحقائق عن نسب مشاركتها في انتخابات المجالس البلدية والنيابية وفي مجلس الشورى من دون التطرق إلى المشكلات الواقعية المتجسدة يوما بعد يوم.

تمكين المرأة من حقوقها الشرعية

وفي سياق ذكر التدابير المستقبلية في مجال الآليات المؤسسية للنهوض بالمرأة، تذكر الوثيقة "إنشاء صندوق للنفقة يتبع وزارة العدل" و"إضفاء صفة الاستعجال على قضايا المرأة" و"تعديل قانون الإثبات للتيسير على المرأة في إثبات ساحتها". هذه التدابير التي توصل إليها المجلس الأعلى للمرأة في دراسته بشأن وضع المرأة المطلقة أخيرا، تتوافق والتوصيات التي توصل إليها البحث الميداني الثالث الذي نفذته جمعية نهضة فتاة البحرين عن مشكلة الطلاق في البحرين في العام .1985 وعلى رغم الجهود الجبارة التي بذلتها الجمعية ولجنة الأحوال الشخصية عندئذ في المدافعة عن تنظيم النفقة، وتعديل إجراءات التقاضي وتقصير الوقت المستغرق في نظر الدعوى والحكم، فإنهما لم يلقيا التجاوب المطلوب.

وهنا نسأل: ألا تستحق هذه التدابير تطبيقها بصفة مستعجلة هي أيضا، وبأنظمة وآليات مؤسسية بضمانات، إذ أصبح من المعتاد أن نقرأ مآسي المطلقات في الصحف بشكل يومي تقريبا، وعلى رغم مبادرات جلالة الملك في تحريك ملف قانون أحكام الأسرة والتعيينات المستجدة الأخيرة للقضاة في المحاكم الشرعية السنية والجعفرية وفق الأمر الملكي رقم 9 لسنة ،2005 وعلى رغم التكهنات بإنشاء محكمتين للأمور المستعجلة في الدائرتين الجعفرية والسنية، يبقى واقع الحال أكبر بكثير من إجراء هنا وإجراء هناك، فالحلول يجب أن تأتي متكاملة شاملة، إصلاح القضاء بكل متطلباته وملفاته الجزئية، إنشاء الهياكل والوحدات التنفيذية والرقابية على حسن الأداء وعدم التملص، مثل مكاتب التدقيق المالي والبحث الاجتماعي وبيوت الحماية، وإصدار قانون متقدم لأحكام الأسرة يسترشد بخيرة التجارب الناجحة، كالتجربتين الإيرانية والمغربية.

القضايا الكبرى تتطلب تحالفات كبرى

في تناول مشكلات المطلقات اليومية، تتجه الانتقادات المستمرة للجنة الأحوال الشخصية وللجمعيات النسائية بشكل رئيسي للتحرك، وتتقدم المنتقدات والمنتقدون الذين لا يتجاوز دورهم الكتابة والتنظير، باقتراحات برغبة للجنة بصيغة آمرة عاتبة ومتهكمة أحيانا، وكأن اللجنة صاحبة مال وقرار عظيمين، مزودة بعصا سحرية ومجندة بمئات الموظفين المتفرغين. ليس دفاعا عن اللجنة ولكن الحقيقة أن اللجنة عملت في أوقات حالكة، اختارها منتقدو اليوم النظريون أوقاتا للعناية الذاتية، ولم يتحرك فيها أحد ولم يكلف نفسه عناء حضور الندوات أو تقديمها في المدارس لتوعية الطلبة، أو إصدار مواد للتوعية، أو المرور على هذا الوزير أو ذاك، ومع مرور الوقت ترك اللجنة معظم أعضائها المتخصصين، وبقى فيها من بقي متعبا من زيادة الأعباء، وإن كان مصرا على تكملة المشوار بما يمتلك من قدرة وطاقة.

أكثر من ثلاثة وعشرين عاما عملت اللجنة وحملت لواء الدفاع عن قانون أحكام الأسرة وإصلاح القضاء، وفي النهاية يأتي الآخرون لإطلاق الأحكام الفوقية العاجية بدلا من مد يد العون. الحل يا جماعة ليس في تكليف الآخرين بمهماتنا وأدوارنا المبدئية، الحل اليوم هو في الترحيب بالمبادرات الايجابية جميعها وفي العمل الجماعي غير المكابر، الواعي لوحدة الهدف وضرورة رص الصفوف. فأهلا بالمبادرات الفتية لصاحبات القضية في لجنة العريضة النسائية، تلك النساء اللاتي ألهبت قضاياهن الحقيقية مشاعر الناس، وأهلا بمبادرات الناشطات النسائيات خارج لجنة الأحوال الشخصية، وأهلا بمساهمات بعض الجمعيات السياسية وأهلا بالإصلاحات والمبادرات الحكومية، وأهلا بمساهمات رجال الدين والقضاة المتنورين، فالقضية قضية كبرى، لا تتحملها لجنة هنا وفرد هنا، والمدافعة عنها لا تحتمل المكابرة بل التكاتف والتكامل ومراجعة المنهجيات، وربما تعلم كل طرف من الآخر شيئا يقويه ويقوي عمله في سبيل نصرة المطلقات والأطفال والمصلحة العامة، ويبقى الكلام سهلا ولكن الخير فيمن يعمل

إقرأ أيضا لـ "فريدة غلام إسماعيل"

العدد 915 - الثلثاء 08 مارس 2005م الموافق 27 محرم 1426هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً