أجاب المنتدون في أمسية مركز الشيخ إبراهيم للبحوث الثقافة عن سؤال: «لماذا اشتهر ابن حزم الأندلسي في الانترنت» بأن سر هذا الذيوع والانتشار راجع إلى قلق الجيل الحديث في بحثه عن الحب ومفهومه وتقلباته في ظل عزلة وعنف رمزي فرضته التحولات الاجتماعية في الأفكار والرؤى لهذا الجيل المهجوس بالبحث عن ملاذ روحي آمن في التخلص من قلق الحاضر.
حيث تحدّث في الأمسية كل من الباحثة فاطمة المرنيسي، والناشرة إديت كرول والإعلامي خالد حروب، وذلك ضمن مهرجان ربيع الثقافة، إذ أشارت المرنيسي إلى أن مفهوم الحب ظل محل اهتمام المسلمين من فلاسفة وشعراء ومتصوفين وتداولته البيآت الثقافية المختلفة، حتى كثرت مصنفات الحب والعشق سواء في المجال الشعري أو الفلسفي أو التصوف، ومثلت لذلك بكتاب «طوق الحمامة» لابن حزم، وكتاب «روضة المحبين» لابن القيّم الجوزية، وأشعار رابعة العدوية، وابن عربي، وأرجعت مركزية شخصية ابن حزم في هذا المجال وذيوع مقولاته في الحب واستهواء الشباب العربي له على الإنترنت إلى محاولة الجيل الحديث التخلص من قلق الحاضر في ظل عنف وعزلة حيث يبحث هذا الجيل عن الملاذ الروحي عند القدماء في تعاملهم مع الحب.
أما الإعلامي خالد حروب فقد أشار إلى أن ابن حزم استطاع اختراق الأزمنة بما له من سلطة رمزية، وعادة يضفي المجتمع هذه الهالة على رجل الدين أو الشاعر كما هو الحال في الحضور الباهر لشخصية مثل محمود درويش الذي نرى أنه بالإضافة إلى كونه شاعرا فلسطينيا مناضلا فقد قدم في أشعاره الأخرى رؤية صوفية في الحب وكذلك الأمر بالنسبة لابن حزم، فقد أصبح جهدهما منتجا أدبيا معولما يخترق المكان والزمان عبر حضوره العالمي في مختلف الثقافات وحضوره على الإنترنت الآن، وكذلك كانت رؤى الخيّام ورباعياته حاضرة بلغات مختلفة بالإضافة لابن عربي الذي كانت نظراته خارقة للحدود الزمانية والمكانية متناغمة مع الوجدان الروحي في التوق للإجابة على الأسئلة الروحية.
ثم تحدثت الناشرة أديت كرول عن دور النشر وعملية التسويق في انتشار الكتاب وتسويق الكثير من الأفكار التي يحتويها المنتج الأدبي، مؤكدة دور الترجمة في جعل الفكرة عابرة للثقافات المتعددة وحاضرة في أكثر من بيئة.
وختم خالد حروب الأمسية باستعراض تجربته مع برنامج «الكتاب خير جليس» واستضافته للمرنيسي في إحدى حلقات البرنامج، وأشار إلى أن تجربته مع مراجعات الكتب بشكل رأسي واستعراضها في البرنامج استمر خمس سنوات من 2000 حتى 2006 حيث يأتي البرنامج في ظل ضعف العادات القرائية عند المجتمعات العربية، إذ إن معدل القراءة صفحة واحدة للعربي في السنة، وإن معدل ما تم ترجمته منذ عهد المأمون حتى اليوم لا يساوي ترجمة إسبانيا من الكتب لعام واحد، وعلى رغم جهود الدور في النشر والترجمة للحاق بالركب إلا أن المنشور لا يقرأ ويؤول مصيره إلى الرفوف ولمعالجة ذلك اقترحت هذا البرنامج.
وتابع كم كان جميلا ما وجدته من التلقي حتى على المستوى الشعبي للبرنامج من إضافات لأشخاص بسطاء وعاديين ولكنهم مثقفون ومتابعون جيدون حيث كان يشير البعض لقراءاته للكتب وما وجده فيها مما لم يركز البرنامج عليه، وأضاق ما أكد لي أن البرنامج لم يكن نخبويا وقد نجح البرنامج في صناعة حضور للمثقف العربي صاحب الصوت الخفيض والذي عادة هو غير موجود على الشاشات الإعلامية، وقد أنجز البرنامج قراءة في ألف كتاب على مدى خمس سنوات وبه تم إلقاء الضوء على الجهد الفكري لشريحة مغمورة من هؤلاء المؤلفين بعكس ما هو موجود على الساحة الإعلامية من ذوي الطبقة العالية صوتيا، وقد نجح البرنامج إلا أن الجزيرة في 2006 رأت أنه نخبوي فقررت إيقافه.
وكشف حروب أن البرنامج كان بذرة لفكرة البوكر للرواية العربية في إحدى استضافاته، وأكد على أننا إذا أردنا معالجة تسويق الكتاب فليس أفضل من استثمار ما هو موجود فهناك 600 قناة تصل للمشاهد العربي يمكن استثمارها بطريقة فعالة، خصوصا وأن الإحصاءات مازالت تؤكد على أن وضعنا العربي في القراءة وضع كارثي.
العدد 2400 - الأربعاء 01 أبريل 2009م الموافق 05 ربيع الثاني 1430هـ