ردود الفعل على خطاب الرئيس السوري بشار الأسد، ستبقى مدار حديث الشهور المقبلة، لأن الموضوع أصبح يفوق سخونة الوضع في العراق وفلسطين، أو أنه يأتي الخرزة الثالثة في "عقد المشنقة" التي تلفه أميركا حول "رقبة المنطقة" لتضيق به الخناق عليها ليتسنى لها بعد فترة "نرجو أن لا تكون وجيزة"، إعلان نبأ وفاة "الوطن العربي" وولادة آخر يعيد عصور الانتداب والاستعمار للمنطقة. وبمعنى آخر إن التحرك الدولي تجاه المواقع الثلاثة لم يأت مصادفة، وإنما وفق رؤية تحليلية لما يخطط للمنطقة بأسرها.
أميركا و"إسرائيل" اختارتا بوصلة "ضياع العرب" لترشدهم إلى تحقيق أهدافهم التي يرنون إليها في المنطقة. إذ وفرت واشنطن بحضورها الدولي "عدة العمل" التي ستنتج الخرزة الثالثة، وأعدت خطة استراتيجية، فخلقت فريق عمل ومصنعا مجهزا بكامل المعدات خارج أراضيها "طبعا حتى لا تتأثر الأجواء الأميركية بالمواد الضارة التي ستنتج عن مراحل تكوين الخرزة". هذا المصنع كانت أرضه لبنان فريقه "الله أعلم بما خفي في القلوب"، سمومه تتمثل في توتر الأوضاع في المنطقة، ناتجه النهائي التدخل في لبنان ومحاصرة سورية.
لذلك ولكي ننهي مراحل تكوين الخرزة الثالثة في "مشنقة وطننا"، على لبنان أن يعي خطورة الوضع الذي يعيشه الآن. وأن يعرف أخطر ما يمكن أن يحل على البلد هو أن يواصل المعتصمون في ساحة الشهداء الاعتقاد أنهم هم الذين اخرجوا سورية من لبنان، أو أن يفترض المتظاهرون الذين سيخرجون إلى ساحة رياض الصلح أن بإمكانهم تعطيل أو تأجيل خروجها منه: الجانبان في لحظة انفعالية قصوى تمنعهما معا من رؤية الصورة الأكبر والأشمل والأدق. عليهم أن يعلموا أن الحوار الآن في عهدة الشارع، فإما أن تتحد القوى اللبنانية "معارضة وموالاة"، وإما ستكتمل الخرزة الثالثة، وتعود أميركا لتبحث عن رابعة وخامسة إلى أن تصل إلى 22 حتى تكمل مشنقتها
إقرأ أيضا لـ "ايمان عباس"العدد 914 - الإثنين 07 مارس 2005م الموافق 26 محرم 1426هـ