لا أريد أن أدخل في التفاصيل، وكما يقول الإنجليز يكمن الشيطان في التفصيل. القول بوجود مساواة قول غير صحيح على مستوى التطبيق العملي والدليل ما نسوقه دائما من أدلة. فبمجرد ان تصرخ في مؤتمر عالمي ان هناك مساواة بين المواطنين ألغيت وجود تمييز، ولا أجد هناك تفكيكا بين القضيتين، ومشكلة اللغة العربية انها غنية بالمصطلحات والالفاظ التي نستطيع من خلالها ان نتفنن في الكلمات. الكاتبة سوسن الشاعر ذكرت في مقالها يوم أمس انها ترفض المناقشة العددية للمجتمع البحريني بأن نضع مقابل كل مواطن من فئة مواطنا من فئة اخرى فذلك يقود إلى الفوضى وإلى غياب الكفاءة، وهذا موضوع صحيح فكل ما ندعو إليه هو ترسيخ معيار الكفاءة، ولكن هل للكاتبة أن تقف معنا نحن دعاة ترسيخ مبدأ تكافؤ الفرص في دعواتنا المتكررة لديوان الخدمة المدنية في السر من عدم نشر الوظائف الشاغرة ومن ثم نشر الاسماء المرشحة للوظائف في الصحافة؟
هل يحتاج ذلك إلى عضلات طرزان للقضاء على اسودية نشر الاسماء... هل نحتاج إلى عصا موسى أو خاتم سليمان ومصباح علاء الدين؟... لا احد يؤمن بالمنطق العددي ولكن أيضا لا أحد يقبل ان توزع الوظائف تحت الطاولة... هل للكاتبة سوسن أن تنصف منطق الكفاءة فتطالب معنا الرئيس الظهراني بنشر طرق التوظيف التي تمت في البرلمان، لماذا لم تنشر الوظائف الشاغرة في الصحافة مادام منطق الكفاءة هو السائد؟ وهنا أنا لا أتكلم لا عن جيش ولا عن داخلية ولا عن دفاع، بل أتكلم عن مؤسسة تشريعية رقابية... ماذا نقول للناس نحن دعاة الوسطية والاعتدال والضغوط علينا من كل جانب؟ أليست أسئلتنا واقعية؟ قبلنا بذلك وصمتنا حبا في الوطن كيلا يشهر بنا ثم تكررت العملية ذاتها في تأسيس النيابة العامة... وسؤالي هنا للكاتبة هل رأيت إعلانا واحدا في الصحافة نشر عن وظائف شاغرة في النيابة العامة؟ سكتنا مرة ثانية ثم تم تأسيس المحكمة الدستورية وانتظرنا لعل المسئولين يدفعون باتجاه نشر الوظائف ولم نر اعلانا واحدا، وهكذا استمرت العملية... نقرأ اعلانات في الصحف الهندية والاردنية واللبنانية عن وظائف شاغرة في التربية وفي الكهرباء لمهندسين مدنيين وما أكثرهم في البحرين! ثم يجلب معلمون من الخارج بفيز سياحية ولا نقرأ عنها في البحرين إلا لماما. نعض على الجرح فنقول الامور ستتغير إن شاء الله ثم نفاجأ مرة اخرى باعلانات جديدة في الخارج وهكذا.
هذا الضغط اليومي وهذه التناقضات في المواطنة حشرنا في زاوية لتسجيل الارقام على مستوى الوظائف العليا والمهمة في كل الوزارات بلا استثناء، وقمت كما قام غيري بحساب رياضي مجرد من العاطفة فصعقت بالارقام وعلى رغم ذلك مازلنا نعض على الجرح وقلنا لعل الامور تتغير. الاخت سوسن هل ترين أن نائبا يمثل 500 شخص بمثل نائب واحد يمثل 12 ألف شخص؟ أين العدالة في الدائرة الانتخابية؟
كلنا يعرف الخطأ لكنا نضع رؤوسنا في الرمال مخافة التخوين إما من الناس وإما من السلطة وقليل ممن هم على استعداد لأن يصارحوا الناس بخطئهم اذا ما اخطأوا وإلى السلطة اذا ما اخطأت.
أنا أدعو هنا إلى المساواة في الوظائف بالذات، ومن يمتلك جرأة نقاش الموضوع بطريقة علمية معرفية فليذهب معي إلى كل وزارة في البحرين ولنجلس مع كل مدير في التوظيف. هذا امر يجب إصلاحه ولا مجاملة فيه ولن نجامل فيه أحدا. انا قرأت ورقة الوزير مجيد العلوي اتفق معه في 80 في المئة من الأمور التي طرحها وتستحق البحرين منا ان ندافع عنها في المحافل الدولية وهذا واجب وطني فالمكتسبات يجب ألا ننكرها، ولكن مسألة المساواة خصوصا في التوظيف فهي لم تتم بل هي منقوصة، وحبنا للأرض وللوطن وللسلطة يدفعنا إلى المصارحة بأن التمييز هو الثقب الذي ربما يدخل منه الشيطان وهو بمثابة السرطان الذي يقف دون التنمية والتحديث.
بالأمس اجتمع مسئول كبير في وزارة الكهرباء ووصل إلى نتيجة وجود وظائف شاغرة لمهندسين وفنيين، فهل من العيب ان يتم نشر ذلك في الصحافة؟ وسؤالي ما الذي منع وزير الكهرباء من الرد على الأسئلة المباشرة عن وزارته؟ لماذا صمت المدير المساعد نواف عن الرد؟ لماذا لا تجيب كل الوزارات عن أسئلة الشفافية في التوظيف ومنح الرتب والدرجات والترقيات والبعثات؟ وكل الوزارات والمؤسسات قدمت لها الأسئلة ولم تجب. الكارثية يا سيدتي في ديوان الخدمة أيضا.
ملاحظة:
- مسرح أوال يشهد مسرحيات كثيرة منها مسرحية الجوشن عن كربلاء من إخراج محمد الحجيري على صالة مدرسة الشيخ عبدالعزيز آل خليفة الثانوية للبنين 30:8 مساء، وهو عمل يستحق الدعم والحضور، والمشاركة المتنوعة من الإخراج والتأليف تعكس حقيقة الوحدة الوطنية، وشكر يقدم للمسرح وللمخرج محمد الحجيري
إقرأ أيضا لـ "سيد ضياء الموسوي"العدد 913 - الأحد 06 مارس 2005م الموافق 25 محرم 1426هـ