لا أحد يختلف على حق لبنان في سيادته، كما أنه بات معروفا لدى كثيرين أن سورية مارست تجاوزات وأخطاء في لبنان، باعتراف الرئيس السوري نفسه في كلمته أمام مجلس الشعب والتي أعلن فيها سحب قواته، وبعض تلك الأخطاء كانت على مرأى ومسمع وغض طرف من كثير من الأنظمة العربية، وأن مخابراتها ظلت "الحاكمة بأمرها". لكن على السياسيين اللبنانيين والرموز فيه أن يلتفتوا قليلا إلى لغة الخطاب الذي يعبرون من خلاله عن تاريخ طويل من تلك التجاوزات، في الوقت الذي يصابون فيه بنوع من "التأثأة" حين يطرح الدور الذي ستلعبه أميركا في لبنان ما بعد الانسحاب السوري. خروج القوات السورية من لبنان إنجاز لا يسجل لصالح اليمين المتطرف في الإدارة الأميركية، أو إلى وصفة القرار .1559 الإنجاز يسجل للشعب اللبناني على اختلاف طوائفه، بل يمكن القول إنه يسجل للرئيس الشهيد رفيق الحريري، الذي أبى إلا أن يمتد عطاؤه للبنان وأبنائه حتى وهو يجمع أشلاء، ويوارى التراب! وإذا كان بعض السياسيين قد وجدها فرصة لتنشيط حال من "الزعرنة" لديه، فنرجو ألا يكون على حساب مواراة الملف اللبناني ما بعد الانسحاب السوري.
بعض "زعران" السياسة اللبنانيين يعلمون أن أميركا لن تكتفي بالتدخل في لبنان عن طريق "الريموت كنترول" أو عن طريق المحسوبين الجدد عليها، بل ستكون حاضرة، وسيكون تدخلها - كما تعتقد - بمثابة رد دين للانسحاب السوري، ولكنها لن تكون "بابانويل" الذي سيتعامل مع أبنائه جميعا كأسنان المشط حاملا إليهم هداياه، محولا أيامهم إلى أعياد ميلاد تمتد إلى 665 يوما
إقرأ أيضا لـ "جعفر الجمري"العدد 913 - الأحد 06 مارس 2005م الموافق 25 محرم 1426هـ