ورشة العمل التي نظمها مجلس التنمية الاقتصادية في 24 فبراير/ شباط الماضي طرحت شعار "إزالة العقبات التنظيمية" وشرحت ذلك الشعار بالقول ان على الحكومة ان تزيل "الشمع الأحمر" وتستبدله بـ "البساط الأحمر".
المقصود بـ "الشمع الأحمر" هو الإجراءات الحكومية التي تنهال على المواطن وعلى المستثمر عندما يفكر في تحريك معاملة هنا أو هناك، مهما كانت هذه المعاملة صغيرة أو كبيرة. والشمع الأحمر كتعبير يستخدم كثيرا في البلدان المتقدمة التي تطرح أحد مؤشرات أدائها الحسن في إزالة Gd` RED TAPE، أي الشمع الأحمر، الذي يشرح أسوأ صورة يمكن ان تصل إليها البيروقراطية الحكومية.
من الأمثلة التي استعرضتها ورشة العمل المذكورة هو ما قاله أحد أصحاب الأعمال: "خسرنا إيجار ستة شهور لأن بنايتنا لم تستطع الحصول على الكهرباء في الوقت المناسب". شخص آخر قال: "أمضينا سنة بانتظار توصيل الكهرباء". وأشار الاستعراض إلى ان عدة جهات حكومية تدخل في تمرير المعاملات وأنه لا يوجد إطار هيكلي واضح لتمرير المعاملات، وان ذلك يتسبب في غياب المساءلة ويؤدي إلى تعقيد حياة الناس.
إحدى المبادرات التي طرحتها ورشة العمل هو تأسيس مجلس لقياس وإدارة أداء الحكومة، وهذا هو ما سعت إليه وزارة الأشغال والإسكان قبل عدة أشهر. أما الآن فإن المطروح هو تكوين مجلس أو هيئة تشمل جميع دوائر الدولة بهدف تحديد مقاييس لكل نشاط تقوم بهذه الدوائر. فمثلا "قد تحدد الهيئة الجديدة ان أطول فترة انتظار للحصول على كهرباء هي أربعة أيام بدلا من الوضع الحالي الذي يتطلب ان تنتظر المؤسسة التي تطلب كهرباء ما بين 90 إلى 180 يوما". وهكذا بالنسبة إلى كل الوزارات والدوائر التي تقدم خدمات للناس، فالمجلس سيضع المقاييس التي تؤكد إزالة الشمع الأحمر وإزالة التعقيدات وتسريع الإجراءات وتسهيلها بحيث تتحول إلى "بساط أحمر" يستقبل المواطن أو المستثمر بابتسامة بدلا من ان يفرض عليه دفع رشا واتباع أساليب فاسدة أو الاتصال بمن لديه نفوذ لتحريك هذه المعاملة أو تلك.
ان ازدياد التعقيد على الناس أدى إلى انتشار وسائل الفساد الإداري، وانتشار مظاهر خطيرة أدت إلى هدر الثروات العامة. بحيث تم تحويل البحرين إلى مقاطعات خاصة تقتطع وكأنها غنيمة توزع بالمجان على من تقع يده عليها.
لقد كانت الشكاوى التي عرضتها الندوة كثيرة، فهناك من أصحاب الأعمال من قال: "لا توجد إجراءات واضحة ومحددة للمستثمرين للتقدم بطلب للحصول على الأراضي الحكومية، ولا توجد معايير ثابتة لتوزيع الأراضي". وقال آخر: "زادت أسعار الأراضي بما يقارب 300 في المئة في السنوات الأربع الماضية، ولم تعد المشروعات الصغيرة قادرة على تحمل كلف التوسعة". وفي الوقت ذاته ذكرت المعلومات التي استعرضتها الندوة ان نحو 89 في المئة من أراضي البحرين غير مقسمة وان أكثر هذه الأراضي أصبحت ملكا خاصا ولا توجد أية معلومات واضحة وشفافة عنها. كل هذه الحقائق تدعونا إلى إعادة التفكير في كثير من الأمور والوقت قد حان لخطوات انقاذية لبلادنا
إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"العدد 913 - الأحد 06 مارس 2005م الموافق 25 محرم 1426هـ