يبدو أن الأقاويل "العنترية" بشأن الاستجوابات والتي يشيعها بعض النواب - منفردين أو ضمن تحركات كتلهم - لا تتعدى في صورتها النهائية "بالونات اختبار" تستهدف "جس النبض" وتلمس ردات الفعل، وتراقصا على عتبات سلم الطرح الإعلامي غير الرسمي، إن لم تكن ترقبا لما تتمخض عنه "مساومات وصفقات خفية".
أخيرا شرعت بوادر الانقسام تبرز بين أعضاء الكتلة الواحدة التي تعلن عزمها على الاستجواب، فحال كتلة المنبر بالأمس بشان استجواب وزير النفط والكتلة الإسلامية اليوم بشأن استجواب وزير التربية والتعليم "سيان"، فهو يتعرج ما بين شد وجذب وتناقض في رؤى أعضائها، فمن تأكيد المضي فيه، إلى تلميح بالتراجع عنه... حكاية لا تحسمها كما يبدو سوى "المصالح" المغلفة بغطاء الدفاع عن حقوق الشعب.
في تصريح له حذر النائب الأول لرئيس مجلس النواب عبدالهادي مرهون من الأسئلة والاستجوابات ومقابلتها بأخرى مضادة، كونها تجير لمصالح فئوية من شانها تمزيق اللحمة الوطنية. والواقع النيابي هذه الأيام يشير صراحة إلى ذلك التوجه "السقيم" في معطياته ودوافعه، و"العقيم" في ثماره ومآربه. وبالتالي فمن الأجدى بمختلف الكتل النيابية ألا تتباكى على ضفة، وتتشمت على ضفة أخرى، بل أن تأخذ في اعتبارها المصلحة الوطنية أولا وأخيرا، وتستند إلى الحقائق بما يمثل موقفا داعما أو معارضا "حقيقة" لا أن تتقول بذلك عبر قنوات "دعائية" فحسب.
قد تنطبق أطروحات الاستجواب عند بعض النواب على حيرة "جلية" مفادها "استجوبك... لا أستجوبك"، وهو أمر يذكر بحيرة العاشق حينما يمسك إحدى الزهرات، ويترنح في حيرته بشأن حب محبوبته من عدمه، وذلك عند تدرجه في قطف بتلاتها، قائلا "تحبني... ما تحبني". أما المأزق الحقيقي فيكمن حينما يتجلى الإخفاق، خصوصا في حال كانت تجارب الماضي بهذا الشأن "غير مشجعة" البتة
العدد 912 - السبت 05 مارس 2005م الموافق 24 محرم 1426هـ