لم أجد تعبيرا أقرب من "الرغيف الجائع" لوصف اعتصام العاطلين يوم الجمعة الماضي الذي نظموه على امتداد جزء لا بأس به من شارع الشيخ خليفة بن سلمان، وخصوصا عندما درت ببصري حول المنطقة التي اعتصم فيها العاطلون فوجدت أبنية تنافس الجبال طولا، ووجدت مشروعات ومؤسسات ومكاتب استثمارية لا يليق بها إلا أن تستثمر ما لا يستطيع حمله المعتصمون من دراهم ودنانير. ووسط هذه الصورة لحظت معتصمين يرفعون رغيفا، ويطالبون بحق كفله الدستور، ونصت عليه المعاهدات والمواثيق الدولية.
هل يمكن للمتأمل أن يربط المنظرين ببعضهما ربطا تقبله الحواس؟ لم أستطع ربط ذلك أبدا أبدا، وإنما ما رأيته وأنا أنظر إلى الاعتصام هو جزيرة صغيرة ملقاة على مياه الخليج الذي تنظر إليه شعوب العالم على أنه خليج نفط، وليس خليج ماء. رأيت تلك الجزيرة ترفع رغيفا، وهذه الجزيرة هي الرغيف لو يمعن الناظر فكيف إذا يجوع الرغيف!
لست أدري متى يغلق ملف البطالة؟ لست أدري متى فقط! وليس متى وكيف لأن الجميع يعرف كيف يغلق هذا الملف ولكن لا يعرف متى سيغلق. والجوع - كما يقول الإمام علي "ع" - "كافر"، وإذا أخذ من الناس مأخذا فإنه سيحملهم على فعل ما لم يعتادوا على فعله. فالجوع أبو الكفار كما يقول أحد الشعراء المعاصرين. فكيف لنا أن نتخيلهم إذا أكلهم الجوع بأسنانه التي تمزق الحديد؟
إقرأ أيضا لـ "عقيل ميرزا"العدد 912 - السبت 05 مارس 2005م الموافق 24 محرم 1426هـ