ورشة عمل الإصلاح الاقتصادي التي دشنها مجلس التنمية الاقتصادية في 24 فبراير/ شباط برئاسة سمو ولي العهد لم تكن ورشة لمؤسسة "ماكينزي" كما يتصور البعض، وإنما كانت من إعداد مستشارين ومؤسسات ومن بينها "ماكينزي". فمجلس التنمية مثلا استعان أيضا بمؤسسة استشارات أخرى وهي "آرثر دي ليتل" التي استعرض أحد مسئوليها "العقبات التنظيمية للقطاع الصناعي في مملكة البحرين".
"آرثر دي ليتل" ذكرت في استعراضها أن البحرين احتلت في السابق موقع الريادة في مجالات التصنيع في الشرق الأوسط لأنها اعتمدت على وفرة غير محدودة من الطاقة "النفط والغاز" الرخيصة، ولذلك فإن لدينا مؤسسات كبرى مثل بابكو وألبا. كما ان البحرين اعتمدت على حصص خصصتها الولايات المتحدة الأميركية لاستيراد الأقمشة والمنسوجات من البحرين.
ولكن هذه الأمور بدأت في تراجع، لأن النفط أصبح مصدره حقل "أوفشور" مشتركا مع السعودية وهو يسير في نطاق محدود وتستخدم هذه الموارد أساسا لتسيير 70 في المئة من مصروفات الحكومة.
بالنسبة إلى المنسوجات والأقمشة، فإن الحصص التي كانت تحجزها أميركا للبحرين انتهت مع مطلع هذا العام، لأن قوانين منظمة التجارة الدولية تمنع المحاصصة، ولذلك فإنه فعلا لا يوجد مستقبل لمصانع الأقمشة والمنسوجات لأن البحرين لن تستطيع أن تنافس الصين أو الهند مهما عملنا وحتى لو اشتغل العمال مجانا، فإن الصين ستبيع أقمشة أفضل وأرخص إلى الولايات المتحدة مما سنبيعه نحن.
أما الغاز فإنه أحد أسباب نجاح شركة "ألبا" لأن صهر الألمنيوم يحتاج إلى طاقة كهربائية عالية جدا، والغاز وفر لنا مصدرا لتشغيل الطاقة المطلوبة للصهر. وألبا قامت بتشغيل خط الصهر الخامس ويبلغ إنتاجها أكثر من 850 ألف طن سنويا، وكانت الشركة تأمل في إنشاء خط صهر سادس لكي يصل الإنتاج إلى أكثر من مليون طن سنويا، ولكن قبل أن تبدأ ألبا في ذلك فإن عليها أن تفكر من أين ستأتي بالغاز، لأن غاز البحرين لا يكفي لبدء خط صهر جديد. ومن دون توصيل غاز من قطر وضمان توافره، فإن البحرين لن تنافس الدول الخليجية الأخرى التي بدأت في إنشاء مصاهر للألمنيوم. فبالإضافة إلى مصهر الألمنيوم في دبي، فإن كلا من قطر، عمان والسعودية تنوي إنشاء مصاهر ألمنيوم لديها، وهذا حقها على أية حال، لأن السوق مفتوحة للجميع.
شركة "آرثر دي ليتل" قالت إن البحرين لم تستفد كما يجب من الألمنيوم، لأنها تصدر 98 في المئة على هيئة قوالب، بينما تقوم الدول التي تستورده بتصنيعه ومن ثم بيعه بعشرات أضعاف سعر القوالب التي نصدرها.
الصناعة في العام 1995 كانت تمثل 18 في المئة من الناتج المحلي، وهي الآن تمثل نحو 11 في المئة فقط، وهي إلى هبوط إذا استمر الوضع على ما هو عليه. لكن بالإمكان أيضا أن تستعيد البحرين مركزها الإقليمي - بحسب ما تقوله "آرثر دي ليتل" - من خلال بناء قطاع صناعي مربح يستطيع خلق وظائف ذات مهارات عالية ومدخولات مرتفعة. واقترحت "آرثر دي ليتل" تكوين التكتلات القطاعية CLUSTERS مع تشكيل حلقات ربط بينها، كما اقترحت تطوير شفافية وفعالية الأداء الحكومي والبنية التحتية، مع تطوير القدرة الإبداعية وتمويل البحوث والتطوير. وتقول مؤسسة الاستشارات إن ايرلندا كانت تعيش الظروف نفسها في منتصف الثمانينات لكنها استطاعت بوعي وإرادة إلى أن تتحول الآن إلى واحدة من أنجح الدول الأوروبية المتطورة، ويمكننا أن نتعلم منها الكثير
إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"العدد 912 - السبت 05 مارس 2005م الموافق 24 محرم 1426هـ