ورشة العمل التي نظمها مجلس التنمية الاقتصادية في 24 فبراير/ شباط الماضي ستبقى معلما مهما في رسم استراتيجية البحرين المستقبلية. ففي هذه الورشة طرحت مبادرات نوعية مثل: اقتراح توزيع الحكومة ودائعها على مختلف المصارف التجارية بغرض تشجيع المنافسة وتحسين الأداء.
المؤسسات المصرفية والمالية تعتبر أهم مصدر للدخل غير النفطي في البحرين، وبلادنا مازالت أول بلد يفكر فيها من ينوي افتتاح فرع لمؤسسته المصرفية أو المالية في المنطقة. ومؤسسة نقد البحرين معروف عنها سمعتها الدولية التي أكدت مكانة البحرين وابتعادها عن الأموال غير المسموح بها، مثل تبييض الأموال، أو تمويل الإرهاب أو الجريمة المنظمة.
ولو راجعنا بعض معالم القطاع المصرفي والمالي فسنجد أن البحرين لديها 367 مؤسسة مالية ومصرفية، وأن العام الماضي لوحده شهد افتتاح 23 مؤسسة جديدة. كما أن هذه المؤسسات شهدت نموا في التأمينات والصيرفة الإسلامية وإدارة الموجودات والاستثمارات. وهناك الآن تداخل بين أنشطة المؤسسات، فالمصرف يقوم بأعمال أخرى تدخل ضمن تخصص التأمينات تقليديا وهناك تقارب في جميع الأنشطة المختلفة، هو السبب الذي حدا بمؤسسة النقد لمراجعة طريقة الترخيص. فحاليا ترخص المؤسسة للشركة بحسب نوعها "مصرف أو شركة تأمين، الخ"، ولكن من المتوقع أن يتغير هذا الأسلوب خلال هذا العام، بحيث يتم الترخيص لمختلف الأنشطة بحسب إمكانات هذه الشركة أو تلك.
في العام الماضي تأسس في البحرين فرع لأكبر مصرف هندي بعد تأخير طويل، قيل إنه بسبب الخشية من منافسة مثل هذه المصارف، كما اندمج مصرفان إيرانيان "بنك ملي وبنك صادرات" مع جزء من البنك الأهلي، وتم تأسيس "بنك المستقبل" وتم تأسيس فرع لبنك التنمية الصناعية التركي، وكل هذه الأمثلة تؤكد استمرار قدرة البحرين على جذب الأنشطة المالية والمصرفية.
ولكن آن الأوان لكي تستفيد البحرين أكثر من هذا النشاط المصرفي والمالي. وبادئ ذي بدء، فإن الحكومة تستطيع أن تنشط المنافسة عبر توزيع أموالها وودائعها على أكبر عدد من المصارف، وأن يفسح المجال للمؤسسات المالية أن تمارس مختلف الأنشطة التي تمارسها المصارف وشركات التأمين والمؤسسات المالية الأخرى في مختلف أنحاء العالم.
مع تفعيل هذه المبادرة وربطها بمبادرة أخرى هي زيادة رأس مال بنك البحرين للتنمية وتطويرها لكي يقوم البنك بدوره المتوقع منه في تمويل المشروعات الصغيرة والمتوسطة، فإن البحرين ستستفيد من السيولة النقدية التي ستبدأ في تنشيط قطاعات اقتصادية أخرى.
المبادرات الأخرى التي طرحها مجلس التنمية الاقتصادية من شأنها أن تنقل البحرين فعلا إلى المستقبل فيما لو تم تنفيذها وعدم عرقلتها. إننا مسئولون جميعا عن مواصلة الحوار ومساندة مبادرات المجلس وتطويرها لكي ترى النور وتعود بلادنا إلى تسنم الموقع الريادي الذي تستحقه
إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"العدد 911 - الجمعة 04 مارس 2005م الموافق 23 محرم 1426هـ