العدد 909 - الأربعاء 02 مارس 2005م الموافق 21 محرم 1426هـ

أمام حزب الله أسئلة كثيرة عليه الإجابة عنها

وزيرة الدولة البريطانية للشئون الخارجية البارونة سايمونز لـ "الوسط":

بارعة علم الدين comments [at] alwasatnews.com

وزيرة الدولة البريطانية للشئون الخارجية البارونة سايمونز هي الوزيرة المسئولة عن الملفين اللبناني والسوري، وزارت لبنان قبل أيام لتقديم التعازي بالشهيد الرئيس رفيق الحريري، واجتمعت أثناء زيارتها بوزير الخارجية محمود حمود وبعض أركان المعارضة اللبنانية، وسفير بلادها في سورية بيتر فورد، الذي قدم من سورية للتشاور مع البارونة سايمونز.

والتقت "الوسط" الوزيرة البريطانية في مكتبها بوزارة الخارجية البريطانية، إذ أجرت حوارا صريحا معها ولكنها أرادته معبرا عن دقة المرحلة التي يمر بها لبنان، غير أن إجابات الوزيرة البريطانية كانت تشير باتجاه واحد بتناسب مع التصريحات التي سمعت أمس الأول من قبل وزيرة الخارجية الأميركية والحكومة البريطانية وأهمها أننا أمام تطور ما بشأن الموقف الدولي بالنسبة إلى حزب الله.

وشددت الوزيرة البريطانية على أن عودة الحرب إلى لبنان غير حتمية، لأن الأرضية السياسية في لبنان تغيرت بعد اغتيال الرئيس الحريري، مشيرة إلى أن الشعب اللبناني يتصرف اليوم بطريقة مختلفة عن السابق، فهو يتظاهر في الشوارع سلميا، بينما في الماضي ما كان يحصل قاد إلى وقوع الحرب الأهلية.

وكشفت سايمونز عن أن هناك اتجاها لاتخاذ مواقف جديدة من حزب الله اللبناني. كما رفضت البارونة سايمونز أن تنفي أو تؤكد أنه لدى بريطانيا معلومات محددة بشأن تورط سورية في اغتيال الحريري.

وأشادت الوزيرة البريطانية بالصراحة التي اتسم بها حديث وزير الخارجية السعودي سعود الفيصل، وبالسيدات السعوديات خلال مؤتمر لندن السعودي - البريطاني الأسبوع الماضي. واعتبرت الخطوة التي أعلنها الرئيس حسني مبارك بشأن تقدم أكثر من شخصية لرئاسة الجمهورية المصرية، خطوة تتماشى مع الإصلاح الذي تشهده مصر.وهنا نص الحديث:

لماذا هذه الضجة العارمة اليوم والتي تبدو مفتعلة بعض الشيء حول حزب الله اللبناني؟

- أمام حزب الله أسئلة كثيرة عليه الإجابة عليها بشأن مواقفه. ونحن نعلم صعوبة ودقة قضية حزب الله، وأنا أعلم أن هذا الحزب له موقع خاص في لبنان، وهو يتمتع بموقع انتخابي، والواقع أنني ووزير الخارجية جاك سترو وكذلك رئيس الوزراء طوني بلير سنولي هذا الموضوع بحثا مكثفا في الأسابيع الثلاثة المقبلة.

ماذا تعنين بالبحث المكثف، هل هناك نية لوضع الحزب على لائحة المنظمات الإرهابية كما تطلب الولايات المتحدة أو ربما تجريده من أسلحته؟

- أرجوك أن تعذريني لأنه علي أن أكون حذرة في هذا الموضوع، فالوضع دقيق ونعلم أن الشعب اللبناني لديه توقعات عالية للحصول على الحرية. وأرى أنه على الجميع توخي الحذر قبل إطلاق التصريحات. لبنان لديه تاريخ عريق في ممارسة الديمقراطية، واللبنانيون يستحقون تحقيق أحلامهم.

هناك من يعتقد أن بريطانيا والولايات المتحدة غير مهتمتين حقيقة بالوضع اللبناني وإحلال الديمقراطية في لبنان، بل إنكم تضغطون باتجاه الانسحاب السوري من لبنان، لحمل سورية على التعاون معكم في الشأنين العراقي والفلسطيني، فهل هذا دقيق؟

- عندما كنت في لبنان الأسبوع الماضي ومن خلال متابعتي للأمور ولقائي مع وزير الخارجية اللبناني، أصبح جليا أمامي أن هناك إجماعا لبنانيا حقيقيا على إحلال الديمقراطية والحرية، وهذا ما نطلبه ويطلبه الأميركيون.

وأذكر هنا أن قرار مجلس الأمن 1559 يؤكد بحزم ووضوح أهمية الانسحاب السوري من لبنان. وأشارت سورية إلى أنها تريد تنفيذ هذا الانسحاب، ورأينا بعض قواتها تخلي مواقعها إلى مناطق لبنان الشرقية. غير أن السؤال المطروح في عقول اللبنانيين يومها واليوم، هل هذا الانسحاب حقيقي وصادق أم إنه إعادة انتشار فقط؟ وأعتقد أن السؤال الأهم من الانتشار أو الانسحاب هو السيطرة السورية، داخل بعض المؤسسات الحكومية اللبنانية وداخل الحياة العامة اللبنانية. ولا ننسى أن هذا التدخل كان ولايزال سببا لإلحاق الكثير من الأذى والتعاسة للبنانيين.

ومن دون شك أن اغتيال الرئيس الحريري والأسئلة التي طرحت بشأن هذا الاغتيال ومن المسئول عنه، وهي أسئلة لم تلق جوابا بعد، سلطت الأجواء بشكل واضح بشأن الوجود السوري داخل لبنان بشتى جوانبه. أنت وأنا نعلم أن هناك من يشير بيد الاتهام إلى سورية، ونحن نريد فحص الأدلة بشأن مقتل الرئيس الحريري، واللبنانيون يقومون بالتحقيق، والمهم هنا أن كوفي عنان اعتمد لجنة تحقيق وصلت إلى لبنان، ما يعطي هذا التحقيق بعدا دوليا مهما. فالشعب اللبناني وشعوب العالم تريد تحقيقا مستقلا، وأرى أن الأسابيع القليلة المقبلة مهمة جدا بالنسبة إلى هذه القضية.

واسمحي لي أن أقول إن موقفنا من لبنان لا يعتمد على موقفنا من سورية، ومواقفنا في العراق أو القضية الفلسطينية، هذا مع العلم أن التعاون السوري في هذين المجالين مهم وضروري، وربما هناك صلة بين جميع هذه القضايا من خلال النظرة الشمولية للأمور. ولكن أكرر مسألة لبنان مختلفة بحد ذاتها.

ذهبت إلى لبنان من أجل إظهار دعمنا للشعب اللبناني بأجمعه وليس لفئة دون أخرى. ذهبت إلى دعم العملية الديمقراطية والتغيير، وكذلك من أجل تقديم التعازي ليس فقط لعائلة الحريري، وتأثرت جدا بمحنتهم، بل للشعب اللبناني بأسره، ونحن نفعل هذا بغض النظر عما إذا كنا نحب الرئيس الحريري أم لا، وإنما اعترافا بدوره الحيوي في الحياة السياسية اللبنانية.

وتضيف الوزيرة البريطانية، حكومتي وأنا نحترم رغبات المواطنين اللبنانيين، وأولئك الذين شاهدتهم يتظاهرون في الشوارع، ويزورون ضريح الرئيس الراحل، وشاهدت بأم عيني أطفال المدارس يصلون أمام الضريح وبعد أيام عدة من مقتله، ولاتزال حتى اليوم تزوره حشود جماهيرية كبيرة.

نعم، هناك أسئلة عن سورية ودورها في العراق، وعملية السلام، وهذه الأسئلة مهمة وحاسمة، ونحن سمعنا في نهاية الأسبوع الماضي اتهامات أطلقتها "إسرائيل" عن دور سورية في العملية الإرهابية في تل أبيب.

ولكنكم لا تصدقون هذه الاتهامات...؟

- علينا النظر في هذه الادعاءات، ونتفحص الاثباتات والبراهين قبل ان نصدر حكمنا، وبحسب معلوماتي فإن الإسرائليين يعقدون اجتماعات لبحث ما لديهم من معلومات وأدلة. ونحن طبعا سنعتمد على أجهزتنا للوصول إلى قناعة معينة.

كيف تصفين اجتماعك مع وزير الخارجية اللبناني محمود حمود، وهل كانت كما يقال بلغة الدبلوماسية مفيدة، أي باردة؟

- لا... لا... في الواقع لقد كان اجتماعا صريحا ووديا ومفيدا بكل معنى الكلمة. ولقد أطلعت من الوزير اللبناني على معلومات عامة بشأن إجراء التحقيق اللبناني بحادث اغتيال الحريري، وأنا بدوري أطلعته على موقف بلادي الثابت المؤيد للجنة التحقيق الدولية. وأبديت استعداد بلادي في وضع خبراتنا في مجال الأدلة الجنائية وهي خبرات مشهود لها عالميا.

هل تطرقتم إلى قضية الانسحاب السوري من لبنان؟

- نعم، وقال لي الوزير إن ما حدث خلال وجودي في بيروت من تحرك قوات سورية هو انسحاب وليس إعادة انتشار. وكم كررت أمام الوزير أهمية أن تفهم حكومته مدى وعمق دعمنا لتنفيذ القرار .1559

هناك دعوات لانسحاب القوات السورية قبل الانتخابات اللبنانية في مايو/ أيار المقبل، فما هو موقفكم من هذه الدعوات؟

- هذا الموضوع تم بحثه بشكل مكثف خلال وجودي في بيروت، وطرحت أسئلة عن الحد الأدنى المقبول في هذا المجال، ونحن نريد انسحاب أكبر عدد ممكن من هذه القوات قبل الانتخابات، ولكن الشيء المثالي سيكون انسحاب هذه القوات جميعها. والسؤال هنا: هل سيكون هذا ممكنا؟ والسؤال الأهم والمطوح اليوم ليس الانسحاب بحد ذاته، بل وقف التدخل والتأثير على العملية السياسية في لبنان.

هل أجريتم اتصالات مع السوريين بعد حادث اغتيال الرئيس الحريري؟

- لقد تحدثنا مع السفراء، ونحن لدينا سفير ممتاز في دمشق وهو بيتر فورد، وقد اجتمعت به في لبنان خلال رحلتي إلى لبنان قبل أيام.

وهل عقدت لقاءات مع المعارضة اللبنانية؟

- نعم.

مع من؟

- لا اعتقد أنه من المفيد ذكر أسماء.

لماذا لا تقولون بصراحة أية أدلة تملكون عن أي تورط سوري في حادث اغتيال الحريري؟ وفي حال وجود هذه الأدلة ما هي، ولماذا الغمز عن هذا التورط، بدلا من الإعلان الصريح؟

- لا أعتقد انك تتوقعين مني أن أؤكد وبطريقة جازمة أن لدينا دلائل على التورط السوري، كل ما أقوله إن الصورة تتوضح، وان هناك مؤشرات قوية ومن مواقع مختلفة تجعلنا ننظر بقلق إلى النشاطات السورية واتجاهاتها في المنطقة.

لماذا لم يشترك اللبنانيون والسوريون في مؤتمر لندن، وهم من دول الجوار، بينما اشتركت دول عربية أخرى؟

- لأننا نركز على الدول المانحة، الدول التي تستطيع تقديم مساعدات مادية للشعب الفلسطيني. والمؤتمر لم يكن مؤتمرا للسلام، بل كان فرصة جيدة لمساعدة الشعب الفلسطيني في بناء مؤسساته والتحضير للدولة الفلسطينية.

ولكن ألا تعتقدين أن الحكومة الإسرائيلية تبالغ في ردة فعلها على الحوادث الأمنية، ويبدو وكأننا نخطو خطوة نحو السلام ونعود خطوات إلى الوراء؟

- نحن ندين العمليات الإرهابية، ولا نجد أي مكان للإرهاب على الأجندة، ما يريده الإرهابيون هو وقف هذه العملية السلمية، ونحن إذا ما أوقفنا هذه العملية نكون استجبنا لأهدافهم. وأعتقد أنه على الفلسطيني والإسرائيلي إيجاد تفاهم بشأن كيفية التصرف عندما تحصل مثل هذه الأمور الحتمية على أن يؤمن هذا التفاهم استمرار الحوار بين الطرفين حتى لو حدثت مثل هذه الأعمال.

كيف تقيمين إعلان الرئيس حسني مبارك بشأن الانتخابات الرئاسية في مصر؟

- هذا الإعلان مهم ومشوق، وأنا أرى تغييرات كثيرة في مصر، ونحن لدينا علاقات جيدة ووثيقة مع مصر، ولدى الكثير من المؤسسات البريطانية والأشخاص استثمارات كبيرة في مصر، وبالإضافة إلى العلاقات الاقتصادية فإن علاقاتنا السياسية جيدة، والواقع أنني معجبة بعمل سوزان مبارك ونشاطاتها في شتى المجالات، ونرحب بقوة بعمل الفريق الاقتصادي المصري الناضج، بالإضافة إلى ترحيبنا بعمل لجنة حقوق الإنسان والتي تظهر شفافية كبيرة في عملها.

اختتم المؤتمر السعودي - البريطاني أعماله قبل أيام قليلة، فهل ستتبنون عقده كل عام؟ وكيف تقيمين نجاحه؟

- لقد كان وزير الخارجية السعودي الأمير سعود الفيصل واضحا وصريحا وأكد بحزم أن التقدم الذي يحصل داخل المملكة نحو الإصلاح إنما هو نابع من الثقافة والتقاليد السعودية ونحن نتفهم ونرحب بهذا.

ولقد فاق نجاح هذا المؤتمر كل توقعاتي وسررت جدا بالاستماع في إحدى الجلسات إلى السيدات السعوديات يتحدثن بشأن مختلف القضايا.

نحن نحضر لهذا المؤتمر منذ سنتين، وكنت أعلم أنه سينجح وأنا أعتقد أن إجراء مثل هذا الحوار مهم جدا لنا وللسعوديين. وخصوصا أن البحث كان صريحا وصادقا وبناء. وأنا أعلم أن هناك من يتوقع أن نختلف بشأن قضايا كثيرة، ونحن نعلم أن لدينا ثقافات مختلفة، وأجد هذا الحوار مفيدا جدا في تقارب وفهم وجهات النظر

العدد 909 - الأربعاء 02 مارس 2005م الموافق 21 محرم 1426هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً