العدد 2399 - الثلثاء 31 مارس 2009م الموافق 04 ربيع الثاني 1430هـ

قمة البشير أم قمة القذافي؟

قاسم حسين Kassim.Hussain [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

لم نكن نتوقع أن تختتم القمة العربية الـ 21 بهذه السرعة الخاطفة... حيث اختصرت أعمالها في يومٍ واحدٍ بدل يومين.

القمة كشفت مرة أخرى هشاشة موقف النظام العربي، في أكثر من ميدان، فنحن أمةٌ ضعيفةٌ مسلوبة الإرادة ولا تمتلك القرار.

قبل أسبوعين، أشاعت بعض وسائل الإعلام العربية أجواء من الثقة عن عقد مصالحات ورفعت سقف الآمال، فقيل «إننا دفنا الخلافات تحت أقدامنا و(خلاص)»، وبالتالي سنبدأ مرحلة جديدة من الوفاق. لكن تبيّن أننا خُدعنا كشعوب، فالخلافات لم تكن سطحية حتى تدفن في حفرةٍ بالصحراء وتُوارى التراب، بل هي خلافاتٌ جوهريةٌ حول الخيارات الكبرى التي ستحدّد معالم المستقبل.

هذه الخلافات تفجّرت بسبب مذبحة غزة التي استمرت 22 يوما، وما أثارته من غضبٍ شعبي عارمٍ في مختلف العواصم العربية، بسبب برود الموقف الرسمي العربي وعدم اكتراثه بما يجري من عمليات إبادة مكشوفة. وكان أن نزلت الجماهير لتعبّر عن غضبها وإدانتها لهذه المواقف المتخاذلة، ما شكّل ضغطا على الحكومات سواء في قمة الدوحة السابقة أو الكويت اللاحقة.

القمة الجديدة كشفت أيضا الطابع الشخصي الذي يكمن وراء العديد من الخلافات العربية. ففي قمة الكويت، نشرت إحدى الصحف الكويتية كلام رئيس دولةٍ عربيةٍ كبرى لحظة وصوله للمطار حرفيا: «أنا عشانك يا سمو الأمير جيت». وأبرزته الصحيفة بقصد التفاخر والمدح، بينما كان يعكس في حقيقته جانبا مأسويا، إذ لا تستحق أمةٌ من 360 مليونا، ولا شعبٌ تعداده 70 مليونا، العمل على تحقيق أصغر آماله في التضامن، على الأقل من أجل شعب غزة المذبوح.

ومؤسفٌ أن يتدخّل العامل الشخصي مرة أخرى لمحاولة إفشال قمة الدوحة مجدّدا، ورغم ما أشيع من حديثٍ عن «مصالحات»، فإن المقاطعة كشفت أيضا مقدار الخديعة في السياسة العربية التي لا تُحسن الدفاع عن مصالحها وأمنها القومي الحقيقي.

الرئيس السوداني حين وصل الدوحة مبكرا، تبادر إلى ذهني أن القمة ستكون «قمة البشير»، لأنه سيخطف الأنظار والتضامن من القادة والزعماء، ولكن بعد مداخلة الرئيس الليبي، شعرت بأنها ستتحوّل إلى «قمة القذافي»، بسبب مداخلته التي شدّت الأنظار، وستظل محيّرة لفترةٍ طويلةٍ مقبلة، فالمرء يحار وهو يرى إعلان مصالحات «تاريخية»، بعد حفلاتٍ صاخبةٍ من الشتائم والسباب والاتهامات الجارحة.

البشير كان يتوقع الاستجابة لرغبته بشأن طلب «إلغاء» مذكرة المحكمة الجنائية الدولية لتوقيفه، لكنه لم يحصل إلا على «رفض المذكرة». أما الفلسطينيون الضائعون، فقد حضروا وخرجوا مُحبَطين لما تمخضت عنه القمة، ولكنهم أحسن حالا هذه المرة، لأنه سُمح لهم بالحضور، بينما لم يُسمح لرئيس السلطة محمود عباس بحضور القمة السابقة، لأنهم «كانوا يهدّدوني بالذبح»، حسب اعترافه... ولا ندري من هم هؤلاء الذين هدّدوه بالذبح، عربا أم عبريين أم أميركان!

الوحيد ربما الذي عاد راضيا، هو الخطيب المفوّه أحمد عبدالله سامبي، رئيس «جزر القمر» الصغيرة المحاذية للساحل الشرقي لإفريقيا، وأغلب سكانها عرب. فقد استجاب له القادة بعدم الاعتراف بنتيجة الاستفتاء الشعبي الذي أجري في جزيرة «مايوت» للانفصال عن الجمهورية والالتحاق بفرنسا، المستعمِر السابق، لتصبح مقاطعة فرنسية!

قمة الدوحة خُتمت على خيرٍ والحمد لله، والأنظار ستتجه من الآن إلى ليبيا حيث ستعقد القمة المقبلة، فاللهم أمطر علينا صلحا وإصلاحا ومزيدا من المصالحات هناك.

إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"

العدد 2399 - الثلثاء 31 مارس 2009م الموافق 04 ربيع الثاني 1430هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً