في محاضرة قدّمتها مساء أمس (الثلثاء)، بجامعة منسوتا الأميركية، عن طريق إحدى غرف المحادثة المهنية، بشأن أنماط العادات والتقاليد في المجتمع العربي، وربطها بالواقع المعاش عندنا، شهدتُ مشادّة كلامية بين أحد المقيمين العرب، وأحد أبناء الجالية اليهودية في الجامعة.
إذ قام المقيم العربي بمداخلة عمّا كنت أتحدث عنه في الأنماط الاجتماعية، وحوّل الموضوع الرئيسي إلى التحدّث عن قضية اضطهاد العرب من قبل الغرب و»إسرائيل»، فقام طالب يهودي بالرد عليه، وتواصل النقاش وحمي الوطيس بينهما.
ولكن المسئولة عن هذه المحاضرة لفتت نظري بكلمة قالتها للاثنين، وقد أفحمتهما بصراحة، إذ قالت: «إننا هنا نريد لغة الحوار، لأنها الحصيلة الناجحة والطريق السهل إلى حل المشكلات والاختلافات».
وأتساءل ونحن نرى الكثير من التوترات في الشارع البحريني، هل سنجد لغة الحوار ترجع إلى ما كانت عليه في السابق بين الحكومة وبعض فئات المجتمع؟ هل يرجع الأمان مرة أخرى إلى البحرين في ظل المشروع الإصلاحي؟
أم أننا سنفاجأ كل يوم بقطع تيار أو حرق سيارات وأشخاص، وهل سنصفّق لمن يأخذ البطولة في ردع هذا وذاك، من قبل الطرفين... للأسف الشديد إن المترقب للساحة البحرينية يجد أن هذه الأيام في تراجع تام عن لغة الحوار.
إذ تجد عملية العنف داخل المناطق في ازدياد، وملاحقة الصحافيين في انتشار، حتى بات كل السياسيين والمهتمين بالشأن البحريني في حالة توتّر وترقب للأسوأ، فليس هناك أمان في أي شيء وكل شيء.
وفي الأيام القليلة الماضية قامت الصحافة بتنوير الشارع عن مسألة التجسس على بعض الناس، وطرَح بعض الصحافيين هذا الموضوع بشكل مؤثر وحزين.
إذ كيف لنا أن نؤمن بالمشروع الإصلاحي لجلالة الملك، ونلاقي الأمرّين من بعض المؤسسات الحكومية في الدولة، وكيف نقتنع بأن جرجرة الصحافيين إلى المحاكم أمرٌ صحيح، وكيف لنا أن نؤيّد ما يقوم به البعض من تنصت على الآخرين.
للأسف هذا يقودنا إلى خلاصة هي عدم انتهائنا من إفرازات أمن الدولة على المواطن البحريني، ويقودنا كذلك إلى أنّ الحريات في المجتمع البحريني باتت تُطوَّق يوما بعد يوم.
ولكي تنتهي مأساة البحرينيين والمشكلات الموجودة على الساحة، من ضغط وعنف وغيرها، لابد للحكومة أن تلجأ إلى لغة الحوار، الذي هو أساس الدولة المتقدّمة، وألاّ تلجأ إلى العنف وتطويق الحريات.
المشروع الإصلاحي الذي بدأ منذ ثماني سنوات تقريبا، لابد له من النجاح، ولكي ينجح لابد له من الحوار، والبُعد عن المشادات ولغة التهديد والخصومات، ورفض تعزيز الطائفية المقرفة.
فالمواطن البحريني البسيط تعب وأُرهق كاهله من هذه الشعارات المزيّفة، والتي تخدم جهة معينة يعرفها الكثيرون... فلنلتفت إلى حقوق المواطن البحريني الأصيل، ولنعطه بعض الامتيازات التي تُعطى للمجنسين، ولنعدّل وضعه الاجتماعي والمادي قبل أن ندخل في حروب كلامية، ومشادات طائفية، تؤدي إلى وجود هذا العنف وانتهاء لغة الحوار داخل وطننا الحبيب.
إقرأ أيضا لـ "مريم الشروقي"العدد 2399 - الثلثاء 31 مارس 2009م الموافق 04 ربيع الثاني 1430هـ