العدد 907 - الإثنين 28 فبراير 2005م الموافق 19 محرم 1426هـ

الفخار والخزف الإسلامي... توافق مع بيئات محلية

صناعة تدل على ثراء الفنان المسلم

الوسط - محرر الشئون الثقافية 

تحديث: 12 مايو 2017

في الزيارة التي قامت بها "الوسط" لمؤسس بيت القرآن وأمينه العام عبداللطيف كانو كانت هناك فرصة للتعرف على مجموعته المهمة من الفنون الإسلامية وتحديدا مجموعة الفخار والخزف الإسلامي. وهي مجموعة من مقتنيات نادرة متنوعة تقدم منظورا شاملا لما وصلت اليه الفنون الإسلامية وتقنيات الصناعات والحرف المرتبطة بها. اذ تعرض تلك المجموعة أنماطا متنوعة ونماذجا أساسية تروي قصة تطور صناعة الخزف الإسلامي. وفي ذلك مجال للتعرف على الثراء في التنوع مع الاتقان والقدرة المستمرة على الابداع والتطور للفنان والحرفي المسلم في هذه الصناعة، صناعة الفخار والخزف الإسلامي. وعرض الكتاب الذي أصدره بيت القرآن عن هذه المجموعة للكثير من المعلومات المهمة المتعلقة بصناعة الفخار والخزف الاسلامي.

لقد تميزت منتجات الفخار والخزف الإسلامية بخصوصية التوافق مع البيئات المحلية للمجتمعات الإسلامية وامكاناتها وظروفها المحلية، والاستفادة من الموروثات الحضارية والتقاليد الحرفية للحضارات السابقة على الاسلام، وتطويع وتطوير تلك الموروثات بما يتناسب والاحتياجات الجديدة والمتغيرة للانسان المسلم، وقد اتبع الخزافون المسلمون في أول الأمر الأساليب التقليدية التي سادت الأمصار التي فتحها المسلمون خصوصا في العراق وإيران وسورية ومصر، ولكن هؤلاء الحرفيين أخذوا يبتكرون تدريجيا أساليب جديدة في صناعة الخزف، فكانت لهم خلال القرن الثاني الهجري ابتكارات على جانب كبير من التنوع، سواء في الزخارف أم الألوان أم في تقنية الحرف أو أساليب الصناعة. وتميزت المنتجات الفخارية في صدر الاسلام بالبساطة اذ كانت غير مزججة واقتصرت على تحليات زخرفية بسيطة محفورة أو مشكلة بقوالب أو مركبة فوق سطح الآنية.

اتقان إنتاج القصدير

ومن أبرز ما قدمه الحرفي المسلم في تطوير صناعة الفخار في القرن الثالث الهجري/ التاسع الميلادي هو اتقان تقنية انتاج القصدير الأبيض المزجج، وكذلك اضافته استعمال الألوان الأزرق والأخضر اذ انتشر حينئذ استعمال تلك الألوان في صورة بقع أو طرطشة على التزجيج وأحيانا في صورة كتابة بسيطة لا تفتقر الى الروعة بالاضافة الى ما تحمله الكلمات من معاني معبرة ورمزية. كما طور الحرفيون المسلمون في عصر الدولة العباسية في العراق طلاء البريق المعدني عن تقنيات سابقة من مصر، وكان هذا التطور الحادث نقطة تحول رئيسية في صناعة الخزف، واحتفظت تلك التقنية بمكانتها في العالم الاسلامي على رغم التحولات السياسية في ذلك الوقت حين انتقل مركز الدولة من العراق الى سورية فمصر وايران.

تصميمات خطية كوفية

لقد انتشرت صناعة الخزف في أرجاء الدولة الإسلامية وظهرت مراكز جديدة لانتاج الخزف في أفغانستان وايران وعن مدن سمرقند ونيسابور وغيرها، ولما كان تأثير الأنماط الصينية الشائعة منعدما أو ضئيلا في تلك المنطقة، فإن معامل ترانسوكسيانا وخراسان بدأت في تطوير انتاج خزف إسلامي أصيل. وانتشر استعمال الطين الأحمر في الرمادي كمادة تكوين غطيت بطلاء فخاري كأسلوب لتلوين الفخار، وذلك بمزج العناصر الملونة مع الطين المخفف ما يؤدي الى ثبات التصاميم المطلية تحت طبقة شفافة من التزجيج الرصاصي. وكانت الأنماط الزخرفية السائدة تتنوع بين التصميمات الخطية بالخطوط الكوفية لكتابة الأمثال والحكم والقليل من الكتابات الدينية بالاضافة الى التصوير الآدمي أو الحيواني بصورة مجردة، واستعمل في كل هذا اللون الأبيض الزاهي والمائل الى الصفرة بالاضافة الى الألوان المنجنيز والأرجواني والألوان الأرضية.

مادة الكوارتز

وكانت من أهم المنجزات في فن الخزف في الحقبة السلجوقية ابتكار مادة تكوينية من الكوارتز المطحون والطين النهري الأبيض ومسحوق الزجاج والرماد، اذ كانت تلك المركبات تحرق وتبرد ويعاد طحنها فاذا خلطت بالماء أصبحت مرنة وسهلة التشكيل بأشكال متنوعة وشبيهة بالبورسلين الصيني. كما أدت الطبيعة القلوية لهذه الأداة التكوينية الى شدة التصاق التزجيج القوي على سطحها ما فتح المجال على مصراعيه للكثير من أعمال التجميل والزخرفة والخزف الإسلامي اكتسبته سمعة عالمية في القرن السادس الهجري/ الثاني عشر الميلادي والقرن السابع الهجري/ الثالث عشر الميلادي لما وصلت اليه من تطور تقني في هذه الصناعة، ورقي جمالي في التشكيل والزخرفة.

أنماط جديدة

بحلول القرن العاشر الهجري/ السادس عشر الميلادي وظهور الدولة العثمانية ظهرت آنذاك أنماط جديدة بتشجيع وتنشيط ورعاية من الخلافة الإسلامية الجديدة، وكان من أبرز انجازات هذه الفترة خزف الازنك الذي ظهر من القرن العاشر الهجري/ السادس عشر الميلادي الى القرن الثاني عشر الهجري/الثامن عشر الميلادي، وكان مركز انتاجه مدينة ازنك التركية التي تقع شمال غربي الأناضول، وكان هذا الطراز ينتج تحت رعاية السلاطين متأثرا بذلك بالأذواق المتغيرة للبلاط العثماني





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً