العدد 906 - الأحد 27 فبراير 2005م الموافق 18 محرم 1426هـ

"إسرائيل" تحث أميركا على ضرب إيران

على رغم محدودية خيارات حكومة بوش

محمد دلبح comments [at] alwasatnews.com

.

تصعد الحكومة الأميركية، في سياق محاولاتها منع إيران من تطوير برنامجها النووي، تصعد تهديداتها وتحذيراتها إلى إيران ملوحة بالعصا الإسرائيلية. ونقلت صحيفة واشنطن تايمز عن مسئولين ومحللين عسكريين أميركيين قولهم إن "إسرائيل" تضغط بصورة خاصة على حكومة بوش لحل ما يسمونه "المشكلة النووية الإيرانية" في إشارة إلى أن تل أبيب قد تكون الأداة العسكرية التي ستستخدم لقصف المنشآت النووية الإيرانية. ويرى محللون أن الولايات المتحدة "لن يكون لديها أية مشكلة في القضاء على منشآت إيران النووية إذا قررت توجيه ضربة استباقية لهذه المنشآت" في الوقت الذي تحذر فيه تل أبيب واشنطن بأنه "إما أن تهاجموا أو نفعل نحن ذلك".

غير أن مصادر مطلعة قالت إن مسئولين إسرائيليين كبارا غالبا ما أثاروا موضوع البرنامج النووي الإيراني أثناء زياراتهم إلى واشنطن في الأشهر الثمانية عشرة الماضية، وهو أحد الأسباب التي دعت حكومة بوش إلى أن تزيد في العام الماضي من بياناتها وجمعها للمعلومات الاستخبارية عن برنامج إيران النووي بما في ذلك التجسس من الجو بإرسال طائرات تجسس من دون طيار إلى إيران. ويعتقد مسئولون أميركيون أن بوش يسير في اتجاه شن عمل عسكري ضد إيران قبل انتهاء ولايته الثانية في العام .2009

ونفى الرئيس بوش في تصريحات لصحافيين أوروبيين يوم "الجمعة" الماضي وأيضا خلال وجوده في بروكسل هذا الأسبوع أنه يسعى إلى عمل عسكري ضد إيران وقال إنه يسمع شائعات عن هجمات عسكرية، "وهذه ليست الحقيقة، فنحن نريد للدبلوماسية أن تعمل" لكنه رفض أن تشارك الولايات المتحدة في الحوار الذي تجريه فرنسا وبريطانيا وألمانيا مع إيران لإقناعها بوقف أنشطة تخصيب اليورانيوم مقابل تزويدها بالوقود النووي فضلا عن ترتيبات تجارية أفضل وربما ضمانات أمنية.

ويرى محللون أن تصعيد حكومة بوش لموضوع الملف الإيراني يستهدف أو ربما يساعد في تحويل انتباه الرأي العام بعيدا عن المشكلات التي تعانيها في العراق.

ويقول محللون أميركيون إن الولايات المتحدة في سعيها للقضاء على أية محاولات لإيران لتطوير برنامج تسلح نووي تواجه عدة خيارات تتراوح ما بين تنازلات اقتصادية وسياسية وإجراء عسكري، ولكن الاحتمال المزعج، هو أن أيا من هذه الخيارات لا يضمن النجاح. وأن عقودا من عدم الثقة ومشاهد سفك الدماء تعقد المحاولات الأميركية إضافة إلى التعقيد الناجم عن عدم وجود إجماع دولي على أن لدى إيران برنامج أسلحة نووية أو أنها تحاول امتلاك هذا البرنامج. وأوضح بوش في خطابه عن حال الاتحاد بقوله إن "إيران تظل اليوم الدولة الرئيسية في العالم التي تتبنى الإرهاب، وهي تواصل متابعة امتلاك الأسلحة النووية في الوقت الذي تحرم فيه ابناء شعبها الحرية التي يسعون إليها ويستحقونها". غير أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الذي سيجتمع مع بوش يوم "الخميس" في سلوفاكيا قال يوم "الجمعة" الماضي إن الأعمال الإيرانية الأخيرة: "تؤكد أن إيران لا تعتزم إنتاج أسلحة نووية". كما أن مدير عام الوكالة الدولية للطاقة الذرية محمد البرادعي قال الأسبوع الماضي إنه لم ير أي دليل في الأشهر الستة الماضية يؤيد الجدل القائل بأن إيران تعمل بصورة سرية لإنتاج قنبلة نووية.

وعلاوة على ذلك فإن إصرار بوش بأن إيران تتابع الأسلحة النووية لا يحمل سوى أهمية قليلة لدى حلفاء الولايات المتحدة بسبب التأكيد الأميركي الكاذب بأنه كان لدى العراق ترسانة من الأسلحة المحظورة.

وفي ضوء كتابات ومقابلات لمحللين أميركيين فإن الخيارات الأميركية تجاه إيران تكون على النحو الآتي:

- شن غزو عسكري على نطاق كامل لمحاولة الإطاحة بنظام الحكم في إيران. ولم يسحب بوش الخيار العسكري عن الطاولة ولكنه أكد أنه مصمم على توظيف الدبلوماسية. وقال المحلل العسكري، الجنرال السابق في سلاح الجو الأميركي، توماس ماكينيرني "ليس لدى بوش أي خيار، وهو يدرك أن الإيرانيين هم ملوك الإرهاب الآن، وهم يكافحون من أجل الحصول على أسلحة نووية يمكن أن تصل إلى أيدي الإرهابيين وعندها يكون الوقت قد أصبح متأخرا جدا". ويضيف إن قاذفات ستيلث من طراز بي - 2 مسلحة بقنابل الأعماق الضخمة التي تدعى مدمرة الواقع تحت الأرض ستكون قادرة على اختراق دفاعات إيران وضرب نحو 20 موقعا إيرانيا أو أكثر. ويقول: "إنهم لم يحدثوا ذلك النظام الدفاعي القديم للغاية" مشيرا إلى أنه عندما كان برتبة عقيد في العام 1977 ذهب إلى إيران وأجرى تمرينا جويا ضد أهداف إيرانية مختلفة أثناء حكم الشاه وقال: "إنها لم تكن جيدة جدا آنذاك ومن الواضح أنها ازدادت سوءا وأستطيع أن أقول من خبرتي الشخصية إنه لن يكون لدينا أية مشكلة".

أما مدير مركز غلوبال سيكيوريتي، جون بايك فقال إن أية مهمة ستشمل على الأرجح مقاتلات قاذفة من طراز إف - 117 بالإضافة إلى طائرات بي - 2 تكون مرابطة سلفا في مطارات في المنطقة، وبسبب كون بعض المنشآت لاتزال قيد الإنشاء وليست نشطة حتى الآن، فإن الولايات المتحدة تكون لديها فرصة تتيح لها تدمير هذه المواقع من دون أن تسبب مشكلات بيئية ترافق تدمير مفاعل نووي نشط". وأضاف: "إن نافذة هذه الفرصة بتوجيه ضربات لنزع أسلحة إيران ستبدأ بالإغلاق في العام 2005".

وقال نائب قائد القيادة المركزية الأميركية الجنرال لانس سميث يوم التاسع من الشهر الجاري للصحافيين إنهم يقومون بصورة روتينية بتحديث خطط الحرب بما في ذلك الخطط من أجل إيران وأضاف: "إننا نسير في تلك العملية الاعتيادية في تحديث خططنا الحربية".

- تستطيع الولايات المتحدة القيام بعمليات عسكرية على نطاق أصغر بما في ذلك عمليات على غرار عمليات الكوماندوز والهجمات الجوية التي تستهدف شل البرنامج النووي الإيراني.

- يمكن فرض عقوبات اقتصادية من مجلس الأمن أو الدول الصناعية الكبرى بقيادة الولايات المتحدة لإرغام إيران على تقديم تنازلات. ولكن الكثير من المحللين يشير إلى عدم نجاح المسعى الأميركي بنقل الملف الإيراني إلى مجلس الأمن إذ من المرجح استخدام الصين التي طورت علاقات اقتصادية وتجارية مع إيران، حق النقض وقد يشاركها أيضا روسيا.

- أن تنضم الولايات المتحدة إلى الجهد الدبلوماسي الأوروبي في الحوار مع إيران.

- أن تقدم الولايات المتحدة تنازلات إلى إيران للحد من برنامجها النووي لكي يقتصر على الأغراض السلمية.

- ومن المحتمل إذا فشلت الجهود الدبلوماسية واستمرت إيران قدما في برنامج تخصيب اليورانيوم أن تفكر "إسرائيل" بشن عدوان عسكري على إيران. وكان وزير الحرب الإسرائيلي شاؤول موفاز قال أخيرا في لندن "إيران هي التهديد الرئيسي لـ "إسرائيل" على المدى الطويل". كما أن نائب الرئيس الأميركي ديك تشيني أثار سيناريو العدوان الإسرائيلي على إيران في شهر يناير/ كانون الثاني الماضي في مقابلة إذاعية حين قال: "أحد المخاوف الموجودة لدى الناس هو أن "إسرائيل" تقوم بذلك من دون أن يطلب منها إذا اقتنع الإسرائيليون في الحقيقة أن لدى الإيرانيين قدرة نووية مهمة في ضوء الحقيقة القائلة إن لدى إيران سياسة معلنة بأن هدفها هو تدمير "إسرائيل"، فقد يقرر الإسرائيليون العمل أولا ثم يتركون لبقية العالم مهمة تنظيف الورطة الدبلوماسية بعد ذلك".

غير أن خبراء أوروبيين يعتقدون أن الخيارات العسكرية ليست جيدة لأن المنشآت النووية الإيرانية تنتشر في أنحاء مختلفة ومتفرقة. ويقول الخبير في المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية في لندن، إن هناك سيناريو متفائلا وآخر متشائما: "المتفائل هو أن إيران لا تريد مواجهة مع مجلس الأمن وقد تقنع بما توصلت إليه حتى الآن، وهي على الأرجح لم تقرر بعد. أما السيناريو المتشائم، فهو أن إيران إنما تمضي في المحادثات مع الأوروبيين وإن كانت تلك المحادثات محكوم عليها بالفشل على أية حال"

العدد 906 - الأحد 27 فبراير 2005م الموافق 18 محرم 1426هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً