العجز المالي الذي تعاني منه جامعة الدول العربية والديون المتراكمة عليها هو الملف الساخن في تقرير غير معلن تبحثه حاليا الدورة العادية رقم 67 للجنة الدائمة للشئون المالية والإدارية، التي تلتئم في مقر الجامعة في القاهرة، ويتضمن جدول أعمالها الموقف المالي للجامعة العربية، وموقف الدول من سداد حصصها.
ومن المتوقع ان يكون البند المالي أحد أبرز البنود المدرجة على جدول أعمال القمة ضمن التقرير الخاص الذي سيعرضه أمين عام الجامعة عمرو موسى، مشيرا إلى أن موازنتها للعام 2005 الجاري تبلغ 35 مليون دولار، وان مجمل الديون المتأخرة وغير المعترض عليها بلغت 114 مليون دولار، فضلا عن المتأخرات المعترض عليها التي تتجاوز قيمتها 50 مليون دولار. باختصار إجمالي ما تحتاجه جامعة العرب للخروج من عنق زجاجة الأزمة المالية التي تعصف بها يتجاوز الـ 200 مليون دولار بقليل.
مبلغ ضئيل لا يتجاوز الأرباح السنوية لإحدى الشركات العربية الخاصة أو التابعة للقطاع العام في إحدى تلك الدول. البعض يرجع أسباب الأزمة إلى إحجام عدد كبير من الدول الأعضاء عن دفع حصصها المالية في موازنة الجامعة، بالإضافة إلى إعفاء دول أخرى من دفع الحصص نظرا لظروفها الاقتصادية القاسية ومنها السودان والصومال وجزر القمر والعراق.
وهذا صحيح نظرا لأن موازنة الجامعة تغطيها اشتراكات الأعضاء. لكن ما ينبغي التفتيش عنه هو السبب الحقيقي الكامن وراء إحجام تلك الدول عن دفع تلك المستحقات. البعض يقفز إلى القول ان الجامعة العربية قد شاخت ولم تعد قادرة على الاستمرار في أداء الأدوار المطلوبة منها على نحو معاصر يتلاءم وطبيعة ونمط العلاقات الدولية التي تسود العالم بعد انتهاء مرحلة الحرب الباردة. البعض الآخر يكتفي بالإشارة إلى تشظي الجامعة العربية إلى تكتلات إقليمية داخلية مثل مجلس تعاون دول الخليج العربي الذي يبدو أنه أكثر قدرة على تلبية احتياجات ومطالب أعضائه من الجامعة العربية.
ويضع التقرير مستقبل الجامعة أمام خيارين، الأول هو عدم دفع رواتب العاملين فيها أو تقليص أنشطتها، وقد رأت الجامعة أن الحل الثاني أفضل لأن عدم دفع رواتب العاملين قد يؤدي إلى نتائج خطيرة على كيان الجامعة، التي وصفها التقرير بأنها باتت على وشك إعلان إفلاسها رسميا.
ليست هذه المرة الأولى التي واجهت الجامعة مثل هذين الخيارين، وفي كل المرات السابقة كانت الأمور تحل بشكل قبلي حيث يسارع بعض أو إحدى الدول الأعضاء إلى التلويح بما ستصاب به سمعة الأمة العربية، وتنتخي مجموعة أخرى من الدول الأعضاء وتلتزم بسداد العجز الحاصل في الموازنة وتغطية الديون المتراكمة حفاظا على تلك السمعة.
هل يتكرر المشهد مرة أخرى ونصل إلى النهايات السابقة نفسها... ربما... لكن الأمور لا يمكن ولا ينبغي أن تستمر على النحو الذي تسير فيه.. فسواء أفلست الجامعة ام لم تفلس ماليا فهي بحاجة إلى إصلاح إفلاسها السياسي وعجزها الإداري قبل حاجتها إلى إغاثة مالية. فليس بالأموال وحدها يحقق التطوير والتقدم ويضمن الاستمرار
إقرأ أيضا لـ "عبيدلي العبيدلي"العدد 906 - الأحد 27 فبراير 2005م الموافق 18 محرم 1426هـ