لم يتبق على الانتخابات البرلمانية والبلدية المقبلة سوى مدة قصيرة بالحسبة السياسية، وبدلا من دخول المعارضة في الجد، دخلت في مماحكات مضرة بعملها وبتحالفاتها البينية، وهذا الطرح ليس من قبيل الاستخفاف بما يحدث كإهانة مرجع ديني يقلده الكثيرون من أبناء الشعب في قضاياهم الدينية، إلا ان المعارضة إذا كانت جادة في تنفيذ مقررات مؤتمرها الدستوري، والضغط للوصول إلى توافق مع الدولة بشأن المسألة الدستورية، فإن عليها عدم هز تحالفها بأية ظروف طارئة، وأن يعض أطرافها على جروحهم، وأن يكف الجميع عن استيراد جدلنا الداخلي من الخارج.

إن التأمل في التحالفات المعارضة في الوطن العربي وفي العالم، يكشف كم تحتاج هذه التحالفات من تضحيات وتنازلات، فكم من معارضة وصلت إلى مراحل متقدمة من العمل السياسي، بفضل ثباتها على قواسم مشتركة، بينما في البحرين دائما ما تنشغل الأوساط السياسية والمجتمعية لدينا كل يوم بقصة، والمؤسف أن معظم هذه القصص ليست محكية من محيطنا الداخلي، فمرة تشتعل الساحة بالمظاهرات المعارضة للغز والأميركي البريطاني للعراق، وهذا طبعا ليس شيئا سيئا، لكن السيئ هو جمود ملفاتنا الداخلية وتأجيلها "فلا صوت يعلو فوق صوت المعركة"، وبعد احتلال العراق، انشغل المجتمع ببعض المقترحات البرلمانية التي أغضبت فئة من الناس وخصوصا المقترحات المتعلقة بعدم خروج مواكب ذات طابع ديني إلى الشوارع، وبعدها تعددت الرؤى بين من يريد التركيز على المسألة الدستورية، وبين طرح آخر يرى طرح ملفات الفقر والبطالة من دون التركيز على الشأن الدستوري فقط، وبعد اعتقالات ومظاهرات أيدها بعض وعارضها آخرون، انشغل الناس بمماحكات حادة بشأن قضية جلسة الفلوجة الشهيرة، وهكذا تضيع لحظات غالية من الزمن في قضايا غير مشتركة، وينسى الجميع المشتركات من القضايا، ما يجعل السؤال عن فائدة استيراد الجدل بشأن قضايا خارجية إلى الداخل البحريني، أكثر إلحاحا