عندما أرسل وزير المالية الشيخ أحمد بن محمد آل خليفة رسائل الدعوة إلى من سيحضر ورشة العمل التي رعاها سمو ولي العهد يوم الخميس الماضي 24 فبراير/ شباط الجاري فإنه كان واضحا في تحديد هدف الورشة، وهو "استعراض وتبادل الآراء بشأن التصورات الأولية لوضع رؤية استراتيجية مستقبلية عن مسارات الاقتصاد الوطني ومناقشة السياسات والنظم والمبادرات والإجراءات الضرورية لتطوير البيئة الاستثمارية ورفع المقدرة التنافسية للقطاع الخاص، وإزالة المعوقات التي تحد من انطلاقة الاقتصاد الوطني".
وهكذا كانت الورشة... بدأت باستعراض الآراء التي جمعتها الشركات المختصة التي استعان بها مجلس التنمية الاقتصادية. فقد استمعنا إلى عرض من مؤسسة "ماكينزي" واستعراض آخر من مؤسسة "آرثر دي ليتل"، والمؤسستان معروفتان دوليا على مستوى توفير الاستشارات الاقتصادية والإدارية، وبلاشك فإنهما جلت معهما معلومات عن التجارب الناجحة في الدول الأخرى أثناء تحليلهما وتشخصيهما واقع الاقتصاد البحريني حاليا.
بدأ الاستعراض بمقارنة الناتج المحلي البحريني بعدد من الدول وكيف ان الاقتصاد البحريني حقق نموا بمعدل يزيد عن 5 في المئة "5,2 في المئة". وكيف ان هذه الزيادة تتمثل في زيادة القوى العاملة بمعدل 3,7 في المئة، ما يعني اننا حققنا زيادة في الإنتاجية مقدارها واحد ونصف في المئة "وهو الفارق بين النمو في الاقتصاد والنمو في الأيدي العاملة". وعند مقارنة الأرقام مع سنغافورة للفترة ذاتها "1998 حتى 2003" فإن الاستعراض يشير إلى ان الزيادة في الإنتاجية السنغافورية هي 2,6 في المئة.
في المقابل فإن حصة الاستثمار الذي يعد عاملا أساسيا في الإنتاجية والنمو الاقتصادي تعادل نحو 16 في المئة من الناتج المحلي بينما في سنغافورة تصل النسبة نحو 30 في المئة. وفي الحالتين فإن الأرقام في سنغافورة تشير إلى ان انتاجيتهم أفضل من انتاجيتنا، وان الاستثمار ضعف ما لدينا.
الأخطر من ذلك هو ان دور الحكومة في الاستثمار في العام 2002 بلغ 75 في المئة من مجموع الاستثمار، مقارنة بسنغافورة التي يبلغ دور الاستثمار الحكومي فيها 26 في المئة. وإذا علمنا ان حكومتنا تعتمد على موارد النفط أساسا وان دورها في الاقتصاد هو الغالب من كل جانب فإن ذلك يعني أن القطاع الخاص ما هو إلا لاعب صغير يلهث وراء الحكومة التي تدير الاقتصاد وتوزع النشاط الاستثماري بحسب رؤيتها.
دعوة وزير المالية أشارت إلى أن الورشة تستهدف "رفع المقدرة التنافسية للقطاع الخاص"، وهذا يتطلب ان يكون لدينا قطاع خاص واثق من نفسه وقوته وغير خائف ومرعوب من الحكومة. ففي الدول الصناعية الكبرى تتسابق الحكومات من أجل إرضاء القطاع الخاص لاجتذاب رؤوس أمواله بهدف تنمية الاقتصاد، أما ما لدينا فإن التجار وأصحاب الأعمال والشركات المهمة في القطاع الخاص تلهث من أجل أن تحصل على رضا الحكومة.
أمس الأول، كانت الورشة أكثر وئاما عند مقارنتها بورشة إصلاح سوق العمل التي عقدها مجلس التنمية في 23 سبتمبر/ ايلول الماضي، والسبب يعود إلى ان القطاع الخاص فوجئ بعدد من الحقائق تعرض علانية بينما كانت تتناول سرا في السابق
إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"العدد 904 - الجمعة 25 فبراير 2005م الموافق 16 محرم 1426هـ