أنت السماء التي شقت وأي سما
أجل من تربة قد ضمت العظما
أنت السماء التي من نور كوكبها
تنزل الوحي في أبياتنا قدما
تلبدي بسحاب الحزن واتشحي
وأمطرينا إباء يشحذ الهمما
أنت الزمان الذي قامت قيامته
على الضلال ليرسي العدل والقيما
أنت الدموع التي جابت عواصمنا
وأغرقت كل من بالباطل اعتصما
أنت الفناء الذي تأويه أفئدة
عطشى وتجعل من تطوافه حرما
أنت الخلود الذي أحيا مبادئنا
لولا شموخك كنا في الهوى عدما
بالأمس شفت مآسي الطف موج دمي
وأشعلت في حنايا أضلعي ضرما
فبت أرقب رزء الآل عن كثب
والليل يملأ ذياك الثرى ظلما
والصحب ما بين مطعون ومنطرح
وبين معتفر لم يبلغ الحلما
والخيل تعدو على أجسادهم حنقا
فتترك الصدر من تجوالها رمما
وفي القفار طفيلات يحاصرها
ليل من الرعب فيه الصارم ابتسما
فرت تريد خلاصا من قساوتهم
والذعر وشم على وجناتها ارتسما
ثرى تقر لهم بالطف أفئدة
وذا ابن سعد على خيماتهم هجما
مشاهد أخرستني من بشاعتها
وطال صمتي كأني ما ملكت فما
لكنني رغم ما شاهدت من محن
ففي خيالي ترامى الهول واحتدما
أبصرت فوق تراب الطف وا حزني
شمسين تقتسمان الثكل والألما
شمس تنوح أسى ما كنت أعهدها
محنية الظهر تبدي الهم والسقما
بكفها لزمت ضلعا يفور دما
أخاله يوم حرق الدار قد هشما
تصيح هل ذبحوا ريحانتي عطشا
أم ذاق قبل شفار الذبح قطرة ما
فأمسكتها فتاة غاب رونقها
وركنها من عميق الوجد قد هدما
راحت تقص عليها بالأسى قصصا
تفتت الصخر والأحجار والأجما
تصيح أماه إن القوم ما صفحوا
وما رعوا لبنات المصطفى ذمما
أماه إن العدى ماتت ضمائرهم
والغدر والظلم ما أبقى لهم شيما
أماه لم يرحموا طفلا شكا سغبا
ولا عليلا بكى أو طاعنا هضما
أماه هذا حسين بالطفوف لقى
عطشان لهفان عار يجرع الحمما
ما غسلوه ولا لفوه في كفن
وصدره من خيول الكفر ما سلما
أماه قومي بماء الدمع نغسله
ومنه ننزع سهما بدد الحلما
أماه قومي بماء العين نسعفه
فقد قضى نحبه في حرقة وظما
أماه هذا جواد السبط عاد لنا
محمحما وبنات الآل دون حمى
أماه هذا أبو الفضل ارتمى صعقا
ونازف الدم أضحى سيله عرما
وههنا أسفا نادى الحسين أخي
كسرت ظهري فقل من يحمل العلما
وههنا نطق السبط الشهيد ألا
من ناصر ينصر الأطفال والحرما
وههنا فجعوا قلب ابن فاطمة
بطفله إذ بسهم الموت قد فطما
ومن هنا انبعثت أماه صيحتنا
غداة أبناء حرب أحرقوا الخيما
حسن حبي
العدد 903 - الخميس 24 فبراير 2005م الموافق 15 محرم 1426هـ