إن الله تعالى جعل الموت محتوما على جميع العباد، فهو نهاية المرء وغاية الاقتصاد، من دار الاعتداد، قضى فأسقم الصحيح، وعافى السقيم، وقسم عباده قسمين: طائع وأثيم، وجعل مآلهم دارين: دار النعيم ودار الجحيم، فلا مفر لأحد من الموت ولا أمان، لقوله تعالى: "كل من عليها فان" "الرحمن: 26". قال تعالى: "الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون، أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون" "البقرة: 156 و157" قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: نعم العدلان ونعم العلاوة "أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة".
وقال تعالى: "ما أصاب من مصيبة إلا بإذن الله ومن يؤمن بالله يهد قلبه" "التغابن: 11"، قال علقمة وجماعة من المفسرين: هي المصائب تصيب الرجل، فيعلم أنها من عند الله فيرضى ويسلم.
وروى عكرمة مرسلا: أن مصباح النبي صلى الله عليه وآله وسلم انطفأ ذات ليلة فقال: "إنا لله وإنا إليه راجعون"، فقيل: أمصيبة هي يا رسول الله؟ قال: "نعم! كل ما آذى فهو مصيبة".
ولاريب ان مصيبة موت الحسين بن علي بن أبي طالب سلام الله عليهم من مصائب هذه الأمة.
وقد جعل الله كلمات الاسترجاع وهي قول المصاب: "إنا لله وإنا إليه راجعون" ملجأ وملاذا لذوي المصائب، وعصمة للممتحنين من الشيطان، لئلا يتسلط على المصاب فيوسوس له بالأفكار الرديئة، فيهيج ما سكن، ويظهر ما كمن، فإذا لجأ إلى هذه الكلمات الجامعات لمعاني الخير والبركة، ذهب ما به.
فإن قوله: "إنا لله" توحيد وإقرار بالعبودية والملك، وقوله: "وإنا إليه راجعون" إقرار بأن الله يهلكنا ثم يبعثنا فهو إيمان بالبعث بعد الموت، وهو إيمان أيضا بأن له الحكم في الأولى، وله المرجع في الأخرى، فهو من اليقين، أن الأمر كله لله فلا ملجأ منه إلا إليه.
وقد جعل الله تبارك وتعالى علاجين للمصائب علاجا إلهيا وعلاجا نبويا؛ فالإلهي قوله تعالى: "... وبشر الصابرين، الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون" "البقرة: 155 و156".
والنبوي قوله صلى الله عليه وآله وسلم: "ما من مسلم تصيبه المصيبة فيقول ما أمره الله به، إنا لله وإنا إليه راجعون... الحديث".
فإنا لله وإنا إليه راجعون، وعظم الله أجوركم في مصابنا بأبي عبدالله الحسين عليه السلام.
السيد أبوعلي
العدد 903 - الخميس 24 فبراير 2005م الموافق 15 محرم 1426هـ