"كونوا أحرارا في دنياكم وارجعوا الى أحسابكم إن كنتم عربا كما تزعمون" "الحسين بن علي بن أبي طالب" "طوبى لك أيتها الأم العظيمة التي حملت كائنا غريبا لا يشبه غيره من البشر يترك كل ما له ويحارب من أجلنا ومن أجل إعلاء كلمة لطالما ذرفنا الدموع وأطلقنا الآهات والحسرات لمجرد سماعها متحسرين على فراقنا لها وحرماننا منها هذه الكلمة التي طالما أدخلت البهجة والسرور في قلوب الصغار وأفئدة الكبار وألهمت الكثير من الشعراء وأدفأت أغاني الفنانين المتحسرين على سماعها بدون خوف أو وجل تاركين كل شيء يرتطم بعرض الحائط ويطلق العنان لأشجانه وإحساسه بأن يتغنى بها ويتفاخر وهو يميل من وقع موسيقاها التي أدفأت قلوب هؤلاء الشهداء الذين ضحوا بأغلى ما يملكون من أجل أن نعيش نحن بدفئها". "مسعود عكو"
مضى الآن ما يقارب من مئة عام وأكثر "القرن التاسع عشر والعشرين وربما أيضا قرننا هذا الذي نحيا" والعالم العربي يصرخ صراخا مدويا من أعمق نقطة متأصلة في عقله وروحه ووجدانه صراخا تخرجه حنجرته التي أعياها الصراخ والعويل طالبا الحرية من كل القيود التي تفرضها الدولة والمجتمع عليه وعلى حرية تفكيره وحرية معتقده من دون وجه حق يذكر.
وبما أنه وقد تخلص من رقبة الاستعمار بكافة أشكاله - تقريبا - بعد أن بذل في سبيل ذلك ما بذل من دم ومال وفكر. هذا العالم الآن جدير جدا بالحصول على حريته المطلقة دون قيد أو شرط من أي كائن كان، حرية يكون أساسها احترام الإنسان وحفظ كرامته. الحرية التي هو جدير بها الآن هي تماما مثل تلك التي انتزعتها الشعوب الحية من طغيان وطغاة حكوماتها هي ذاتها التي يطمح إليها الشعب العربي من المحيط إلى المحيط على عكس ما جاء به عنوان عجالتنا: "صوت واحد لا صوتين من مراكش للبحرين: الحرية، الحرية، الحرية مطلب الشعوب العربية" وذلك فقط من أجل أن تتناغم مع بقية المفردات وليصبح لها وقع موسيقي قد لا يكون بمستوى وقع موسيقى كلمة الحرية، الكلمة السحرية تلك التي دفعت الشعوب من أجلها كثير من الدماء والدموع.
ماذا تعني كلمة الحرية؟ أكاديميا هي كما جاءت بها قواميس اللغة وموسوعات الفكر: "الحرية: "الإطلاق من ربقة الاستعباد وهي خلاف الرق والعبودية"؛ وهي "أثمن ما يملكه الإنسان" وهي "الخلوص من كل عقال أو قيد"؛ هي "حرية فردية ومدنية، حرية المعتقد والتعبير والأفكار/ حرية الصحافة والكلام". هي: "القدرة على التصرف بملء الإرادة والاختيار؛ ليس للمريض والسجين حرية لأنهما لا يستطيعان أن يفعلا ما يريدان" و"مذهب الحرية، هو مذهب سياسي يقرر وجوب استقلال السلطة التشريعية والسلطة القضائية عن السلطة التنفيذية ويعترف للمواطنين بضروب مختلفة من الضمان تحميهم من تعسف الحكومات، ومذهب الحرية بهذا المعنى نقيض مذهب الاستبداد بالسلطة" "قاموس المحيط" أما في "الغني" فالحرية: "حرية - ج: حريات. "ح ر ر". 1 "حقق الشعب حريته": أصبح سيد أموره يسيرها ويمارسها كما يريد، التخلص من السيطرة الأجنبية. 2 "من حقوق الإنسان أن يتمتع كل مواطن بحرية التجول وحرية الرأي وحرية الاعتقاد وحرية التعبير": حقه في اختيار ما يريد حسب اعتقاده، اقتناعه. أ: "الحرية الفردية": ما ينبغي أن يتمتع به المواطن من الحقوق المدنية التي يخولها له القانون. ب: "الحرية السياسية": هي حق المواطن في التمتع بحقوق المواطنة في ظل نظام ديمقراطي. ج: "حرية الاعتقاد": هي حق الإنسان أن يعتقد الدين الذي يرتئيه. د:"حرية النشر": حق الإنسان في أن يكتب وينشر آراءه وأفكاره. هـ: "الحرية الطبيعية": حق الإنسان في أن يتصرف في الحياة بطبيعة دون أي ضغط خارجي. و: "الحرية المدنية": هي حق المواطن أن يتصرف ويعمل حسب القوانين المدنية". أما "لسان العرب" فيأتي بما يلي:
"الحر من الناس: أخيارهم وأفاضلهم . وحرية العرب: أشرافهم، وقال ذو الرمة:
فصار حيا ، وطبق بعد خوف
على حرية العرب الهزالى
أي على أشرافهم . قال: والهزالى مثل السكارى، وقيل: أراد الهزال بغير إمالة، ويقال: هو من حرية قومه أي من خالصهم. والحر من كل شيء: أعتقه. وفرس حر عتيق. وحر الفاكهة: خيارها. والحر: رطب الأزاذ. والحر: كل شيء فاخر من شعر أو غيره . وحر كل أرض: وسطها وأطيبها. والحرة والحر: الطين الطيب، قال طرفة:
وتبسم عن ألمى كأن منورا،
تخلل حر الرمل ، دعص له ند
وحر الرمل وحر الدار: وسطها وخيرها".
لم يورد القرآن الكريم مفردة "الحرية" بصورتها هذه، إنما على هذه الصورة: "تحرير رقبة" "المائدة 89" "فتحرير رقبة" "المجادلة 3 "وجاء في سورة البقرة آية 178 "يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم القصاص في القتلى الحر بالحر والعبد بالعبد والأنثى بالأنثى فمن عفي له من أخيه شيء فاتباع بالمعروف وأداء إليه بإحسان ذلك تخفيف من ربكم ورحمة فمن اعتدى بعد ذلك فله عذاب أليم". نفهم "تحرير رقبة" هو أن يكون الإنسان حرا حرية مطلقة جسدا وفكرا، لا كما يتصور البعض: حرية جسدية.
لقد نظر مفكروا الإسلام للحرية من منظور إسلامي بحت ومن منظور إنساني عام عبر تاريخ الإسلام، فهناك فرق وجماعات كثيرة نظرت نظرة فاحصة لمفهوم الحرية من هذه الفرق الأكثر شهرة بالطبع "إخوان الصفا" "المعتزلة" "الأشاعرة" "المتصوفة" و"السلفيون"، فالمعتزلة لم يفصلوا فقط الدولة عن الدين ولكنهم فصلوا الله عن العالم: "ما كان من فعل الله فليس من أفعال العباد، وما كان من أفعال العباد فليس من أفعال ذي العزة والإياد" "العروي، مفهوم الحرية".
في عصرنا الحاضر يرى الكاتب الجزائري "محمد دادي" من منظور إسلامي خالص بأن الحرية "فطرة بشرية فطر الله الإنسان عليها وجعلها مرتبطة بسعادته وهنائه، فهي التي تعبر عن شخصيته المستقلة البعيدة عن كل إكراه والقادرة على تحمل المسئولية، فيحس من خلالها بالعزة والثقة بالنفس. وبها تحقق معنى المساواة بين الناس في تصرفاتهم، ولذلك كانت أصل جميع الحقوق، إذ لا يمكن لأي إنسان أن يمارس حقا من حقوقه بعيدا عن الحرية، إن كان ذلك من قبل الفرد نحو الفرد، أو من قبل الفرد نحو الجماعة، أو من قبل الجماعة نحو الفرد. وتتضح الصورة أكثر حين نضع الحقوق مع غياب الحرية بشكل كامل، فعندها لا تكون هناك حقوقا أصلا، بما يعني أنها لم تعد حقوقا بأي شكل من الأشكال. فإلغاء الحرية هنا استلاب وتضييع لأي حق، وهذا ما يجعلنا نطابق بين المفردتين في النهاية، حيث تصبح الحرية حقا، والحق حرية".
ويربط جل ذلك بالدين الإسلامي من دون تحديد لمذهب معين لكونه كما الحرية "هو دين الفطرة" يعتمد على حرية الفرد. ويرى أن الإسلام "أقر الحق" "كامتداد طبيعي لهذه الحرية في إبداء الرأي تجاه كافة القضايا والأمور التي تفرض نفسها على واقع المجتمع الإسلامي". وينقل عن "الإمام الطاهر بن عاشور" أن "الإسلام يرى في الحرية الشيء الذي يحقق معنى الحياة للإنسان: فيها حياته الحقيقية وبفقدها يموت الإنسان حتى ولو عاش يأكل ويسعى في الأرض كما هو حال الدواب والأنعام. ولقد بلغ من تقديس الإسلام للحرية الإنسانية أن جعل السبيل إلى إدراك وجود الذات الإلهية هو العقل الإنساني فحرر سبيل الإيمان من تأثير الخوارق والمعجزات المادية".
أما "السيد محمد حسن فضل الله" فيجيب على سؤال عن "الحرية" ومفهومها بالقول أن الحرية "إنسانيتك، أي أن لا تكون عبدا لغيرك، وهذا ما جاء في كلمة الإمام علي "ع": "لا تكن عبد غيرك وقد جعلك الله حرا"، أي كن الحر في نفسك، وأيضا في كلمة الإمام الصادق "ع": "إن الحر حر في جميع أحواله، فإن أنابته نائبة صبر لها، وإن تداكت عليه المصائب، لم تكسره، ولم تقهره وإن استعبد أو أسر"، فهو يؤكد أن يعيش الإنسان حريته في داخل ذاته، من خلال إرادة الحرية في إرادته".
تورد "الموسوعة السياسية" "المؤسسة العربية للدراسات والنشر" في الصفة 225 القول بأن: "من الصعب تعريف الحرية بالنظر إلى تباين وجهات النظر في ذلك. غير إنه يمكن القول بأن الحرية من الناحية البيولوجية هي فقدان الارغام ومن الناحية النفسية هي القدرة على الاختيار بين عدة حلول. وقال الفيلسوف "كانت" أن الحرية هي قانون العقل ومن ثم فإنها تتحد بلاستقلال المنزه فوق تعارض الرغبات. ويسود الاعتقاد في عصرنا هذا بأن التحقيق الحر هو تحقيق الذات أي تحقيق سعادة الإنسان ذاته وذلك بأن يكون ألإنسان حرا في خلق "حياته".
ويعتقد بعض الاشتراكيين أن الحرية هي التحرر من قهر الدولة واستبدادها لأن القدرة على تسير أمور المواطن بذاته والادارة الذاتة إنما تعني تحرير العامل من القهر الاداري ومن قهر الدولة. إلا أن الأهم من كل ذلك في الحرية، حسب التحديد الاشتراكي لها، هو إمكانية تحقيقها من خلال الارتكاز إلى قاعدة مادية صلبة كتوزيع الثروة وتوفير العمل والرفاهية للجميع وما عدا ذلك فإن الحرية تظل مجرد شعور أو إمكانية".
وتورد إلى جانب ذلك تعريفات تحت رؤوس الموضوعات التالية: "حرية الإعلام، حرية التجارة، حرية التعبير، حرية التنظيم، حرية دولية، حرية الدين، حرية الصحافة، حرية الطيران، الحريات المدنية، حرية الملاحة.
أما "المعجم الدستوري" فيعرف "الحرية" في صفحة 457 بما يلي: "الحرية هي الإمكانية في عمل كل شيء لا يضر بالغير" "المادة 4 من دستور العام 1789 الفرنسي" وقد جرى تصحيح بالمادة 5 إذ جاء "يجب أن لا يمنع القانون إلا الأعمال المضرة بالمجتمع" وتوضح نفس المادة 5 أن "كل ما لا يحرمه القانون لا يمكن منعه، ولا يمكن إكراه أحد على ما لا يأمر به". والحرية بذلك هي: "تقضي بفعل كل ما ليس ممنوعا بموجب قانون متوافق مع الدستور والالتزامات الدولية". وهي "حق تؤكده المادة 2 من الإعلان أنه طبيعي وغير خاضع للتقادم. ولـ "الحرية" حدود يجب الأخذ بها ضمن الدستور. وتضمن المعجم تعريفات فرعية تحت رؤوس الموضوعات التالية: "حرية الاتصال السمعي والبصري" "حرية إنشار الرابطات" "حرية التجارة والصناعة" "حرية تقديم الخدمات" حرية التعليم" "حرية تنقل الاشخاص" حرية تنقل رؤوس الأموال "حرية تنقل السلع" "حرية دينية" "الحرية الفردية" "حرية الصحافة" "حرية الضمير" "حرية النشاط الاقتصادي" "الحرية النقابية".
"جون ستيورت مل" وهو أشهر من كتب عن الحرية في العالم الغربي يؤكد على أن الحرية هي "نتيجة التقدم" الذي "أحرزته فصائل متطورة من بني الإنسان" "وليس بشكل طبيعي وليس لكل البشر" ثم ما لبث أن انبثق هذا المفهوم "من أجل تقييد سلطة الحاكم من قبل المحكومين، وظهرت بعد ذلك الأنظمة الديمقراطية، فأصبح القائمون على السلطة وكلاء عن الشعب، وتتمثل إرادتهم إرادة الأمة مدة إنابتهم عنها".
ومن هنا شدد على "تقييد سلطة الحاكم على المحكوميين حتى ولو كانت ديمقراطية" ويرى إن استبداد المجتمع هو "أخطر أنواع الاستبدد" "الذي يطوق الفرد بعادات وتقاليد لا يستطيع الفرار منها بسهولة ويسر".
الرئيس الثالث والأربعون للولايات المتحدة "جورج بوش الإبن" نادى بحرية الشعوب جميعا في خطاب تنصيبه لولاية ثانية وأعلن حربه على الطغاة والمتجبرين ومن حذا حذوهم وقد ردد المفردة الحرية أكثر من "خمسة آلاف مرة" منذ توليه سدة الحكم في بلاده حتى الآن كما ورد في إحصائية مستقلة؛ وهو منذ توليه السلطة حمل شعلة الحرية وسقط نظام طلبان وضرب القاعدة في عقر دارها وأسقط نظام المعتقل القابع في سجن يدخله النور من منافذ عدة بعد أن أدخل بلده في عتمة ليس مثلها عتمة، نعيش الآن نتائج ذلك السقوط حيث نرى الآن ذلك الشعب يحاول جاهدا التخلص من هذه العتمة العبء الثقيل الذي ليس كمثله عبء ويقدم التضحيات الكبيرة والجليلة في آن. إنه ثمن الحرية باهض وعلينا أن ندفعه بجدارة كما دفعته الشعوب العظيمة في مسارها نحو شمسها التي لا تضاهيها شمس على الإطلاق. من أقوال الرئيس "بوش" الأخيرة في شأن الحرية: "سنقوم بإصرار توضيح الخيار أمام كل حاكم وكل أمة: الاختيار المحتمل بين الاضطهاد، وهو خيار خاطئ دائما، والحرية، التي هي خيار صحيح لا نهائي".
واضاف قائلا إن: "الولايات المتحدة لن تتجاهل الاضطهاد، أو تعذر المستبدين. فعندما تناضلون للحرية، سنقف إلى جانبكم. دعاة الإصلاح الديمقراطي الذين يواجهون القمع، المسجونين أو في المنفى عليهم أن يعلموا: أميركا تدرك حقيقتكم كما أنتم عليها... القادة المقبلون لبلدكم الحر". وقال: "أشعلنا النار... وهي تدفئ هؤلاء الذين يشعرون بقوتها، وتحرق أولئك الذين يحاربون تقدمها، ويوما ما فإن نار الحرية غير المروضة هذه ستصل إلى أكثر الزوايا ظلاما من عالمنا". وقال: "نحن مصممون على إظهار معنى ووعود الحرية". وختام قال: "بقاء الحرية في أرضنا يعتمد على نحو متزايد على نجاح الحرية في أراض أخرى. فأفضل أمل للسلام في أرضنا هو نشر الحرية في كل العالم".
نحن الآن خارج أزمنة الثورات الدموية وخارج أزمنة طرد المستعمرين، ونقطن داخل أروقة الثورات العقلية والسلمية ونرقص فرحا في ساحاتها ونغني؛ ثورات تحاول أن تحاور الحكومات الجائرة والعودة بها إلى الرشد في التعامل مع شعوبها وحفظ حقوقهم وكرامتهم وعدم المساس بمستقبل أبنائهم تبعا لأهوائها غير العقلانية؛ ولكوننا على ما أظن أضحينا شعوب عقلانية على عكس ما يقال عنا بأننا أصبحنا مجتمعات "تستجدي الحرية" ولا نبدي أي جهد أو مقاومة لشرف نيلها وإن تاريخنا العربي برمته وتاريخ الإسلام ليس للحرية فيه وجود، غير إن هذا الأمر ليس بالحقيقي فأكبر شاهد على استحقاقنا للحرية هو ما بذله الشعب الجزائري لنيل حريته وقد استحقها بجدارة كما هو الحال بالشعب المصري والعراقي وكما هو الحال بالشعب الفلسطيني الذي يبذل كل ما يستطيع لتحقيق وجوده نعم إن مطالب الحرية هذه كانت لطرد المستعمرين والغزاة ولحرق جميع مخططاتهم؛ قد تصدق مقولتهم بأننا "نستجدي الحرية" إذا ما أخذنا العراق مثالا فهو لم يستطع أن يسقط "ديكتاتوره" بنفسه لولا أن تدخلت دولة عظمى ودول أخرى حليفة لها في إسقاطه و"حبسه" إلى حين تقديمه للمحاكة.
بعد "صدام حسين" اليوم نحن أمام طغاة أشد قساوة من المستعمرين فهم منا وأقرب الأقرباء لنا وهم في سكرة من أمرهم لا يعون الحقيقة ولا يريدون أن يعوا فتلك مصيبة غير أن المصيبة الأعظم أننا كشعوب حقيقة لا نعرف كيف ننتزع الحرية ممن يقف في وجه إنطلاقها لتحلق بنا في السماء الوسعة لنقف مع أمم الأرض قاطبة نسهم في رقي البشرية.
مما يثير الدهشة حقا، أن جميع الدول العربية موقعة على "الاتفاقية الدولية لحقوق الإنسان" وقدمت إلى الأمم المتحدة تقارير عن تقدم الحفاظ على "حقوق الإنسان" في بلدانها وقد قامت "الأمم المتحدة" برفع توصياتها الي الدولة الطرف لتعديل أوضاعها الخاصة بهذه الحقوق: "حقوق الإنسان" ومنها "مملكة البحرين" التي قدمت تقريرا موحدا يحمل رقم ،1390 ،1391 1397 للعام .2000
غير أن هذه الدول لم تصل بعد إلى المستوى الذي تطمح إليه هيئة الأمم المتحدة بشأن "حقوق الإنسان" فلايزال هناك تمييزا بين المواطنين على أساس "المعتقد" وأن "العهد" وقعوا عليه "يقتضي احترام الحرية الدينية لمعتنقي جميع المعتقدات الدينية، وعدم اقتصارها على الأديان التوحيدية وعدم تقييد الحق في تغيير الدين بطريقة مباشرة أو غير مباشرة". فإنه لا تزال ولأسباب عدة تشعر اللجنة "بالقلق إزاء عدم ضمان حرية الدين والمعتقد على أكمل وجه؛ من جانب أخر فإن عالم "الصحافة" هو الآخر لايزال يرزح تحت وطأة التخلف والراقابة إذ "ومازال يساور اللجنـة القلـق إزاء قانون الصحافة"؛ إلى جانب ذلك هناك شكوك حول صدقية الحكومات حول "العنصر" و"الطائفة" و"اللون" و"الجنس"؛ وهناك بلا أدنى شك قصور في الاعتراف بحرية الرأي إذ "يساور اللجنة قلق خاص لأن أشخاصا أعربوا عن آراء سياسية معارضة للحكومة". تم اقتيادهم إلى السجون؛ أما بالنسبة إلى القضاء فإن اللجنة تعرب "عن قلقها لأن حياد جهاز القضاء ليس مضمونا بالكامل".
طبعا هناك دولا عربية لاتزال تطبق "عقوبة الإعدام" على كل من يخالفها الرأي وهي بالطبع في مؤخرة الركب العالمي لحقوق الإنسان وللإنسانية. وهذا الحديث ليس من لبنات أفكاري المحبة لحرية الإنسان بل هي مأخوذة من تقارير قدمتها الدول العربية نفسها إلى هيئة الأمم المتحدة. ومما يثير حقيقة هو الإنتباه إلى أنه كيف تتطور دولة "مزروعة" وهي ترزخ تحت هذا القدر من عدم المسئولية والعنصرية والتبجح بأخلاقيات هي أبعد ما تكون عنها، فهي - هذه الدولة - تغتصب وتنفي وتبعد وتميز حسب تقاريرها إلى الأمم المتحدة وحسب توصيات الأمم المتحدة للدول الطرف للارتقاء بإنسانيتها المزعومة "1".
مهما قلنا وقال المجتمع الدولي عن الحرية فهي - الحرية - تبقى مطلبا للشعوب الحية ذات الفكر النير والمعترفة من دون أي نقاش يذكر بأن الحرية تؤخذ ولا تعطى أبدا، فالمجتمعات العربية إن هي أرادت الحرية فعليها أن تنتزعها انتزاعا مهما كلف الثمن لتصير مثل بقية الشعوب حرة بحق وحقيقة. أما هي إن انتظرت أن تمنح لها الحرية من دول ذات شأن فإنها تضع أقدامها في وحل هو أخطر من وحل الوضع القائم حاليا.
الأصوات التي تنادي بالحرية ليست وليدة هذا العصر، فالرسول العربي العظيم نادى بالحرية، الخلفاء الراشدون نادوا بالحرية، المعتزلة نادوا بالحرية، أخوان الصفا نادوا بالحرية، كل الأحزاب العربية وليدة القرن الماضي والحاضر نادت بالحرية.
أن الذين حرموا من الحرية على المدى الطويل ولم يستطيعوا أن يحققوا ولو جزءا بسيطا منها وتركوا الدنيا ورحلوا بعد أن أمضوا زهرة عمرهم وشبابهم وضحوا من أجلها كثيرا هم من أوئل الذين سينالون الفرح وسوف تعظمهم شعوبهم وتنصب لهم النصب في ميادينها وتفرشها لهم بالورد وعبق الياسمين. سيكون جزاء هؤلاء وعرفانا لهم بالجميل الذي كان البذرة الجيدة التي غرسوها في دماء الشباب وأفكارهم لكي يقفوا في وجه الطغيان وفي وجه من تسول له نفسه في إهانة كرامة الإنسان واللعب بأقداره ومستقبل أجياله.
ختاما نقول إن المرددين لشدو سيدة الغناء العربي السيدة أم كلثوم: "أعطني حريتي أطلق يدي، إنني أعطيت ما استبقيت شيأ" لكل من يأملون في منحهم الحرية سيبقون يرددون معها هذا القول إلى قيام الساعة ولن يحصلوا على الحرية المنشودة أبدا. يأمة العرب أنتزعوا الحرية إنتزاعا ومهما كلف الثمن.
لقد أصبحنا كشعوب نمتلك كثرا من "المعلومات والحنكة السياسية" ولذلك أصبح يحق لنا أن نعيش في دول ديمقراطية وأن نمارسها كما يمارسها الآخرون.
يقول المفكر الإسلامي "فهمي هويدي": "إن سنن الكون في انتصار الشعوب وظفرها بحريتها قد تتأخر لسبب أو آخر، لكنها لا تخيب أبدا. وليس مطلوبا منا سوى أن "نعقلها"، ثم نتوكل". وتقول لوحة السيارة ولاية نيوإنجلند المسجلة لديها: "عش حر أو مت"؛ ويقول النشيد الوطني الشيشاني "الحرية أو الموت" بودنا هنا أن يردد الجميع صرخة الشعوب العربية المتأصلة في كيانها: "نحب الحرية ومن أجلها نموت". تماما كما تحبها أميركا وجميع الأمم المتحررة من رقبة الطغاة والموهومين بالسلطة والقوة وإهانة كرامة الناس
العدد 899 - الأحد 20 فبراير 2005م الموافق 11 محرم 1426هـ
اين ما طلبتة
انا طلبت من الشعراء الذين نادوا بالحرية ولكن لا اريد كل هذا انة جيل ومنطقى ولكن لا اريدة