اغتنمت الإدارة الأميركية اغتيال رئيس الوزراء اللبناني السابق رفيق الحريري فرصة للتصعيد ضد سورية وشرعت في اتخاذ إجراءات بهدف فرض مزيد من العقوبات عليها كما أخذت تناقش مع الأمم المتحدة ردود الفعل التي يتعين اتخاذها دوليا حيال دمشق بما "يليق" مع الجريمة ومن بين هذه الردود تكثيف الضغط لإخراج القوات السورية البالغ عددها 14 ألف جندي من لبنان.
إلا أنه من غير المحتمل أن تسارع دمشق إلى الاستجابة للضغوط وتنفيذ حتى القرار الأممي رقم 1559 القاضي بسحب قواتها. ومن الواضح أنها ستتشبث بنفوذها هناك على الأقل في الوقت الراهن. لقد وضع اغتيال الحريري دمشق في مشكلة حقيقية سيدرك السوريون ببطء مدى ضخامتها، مع استغلال واشنطن للمستجدات باتجاه التشدد وحتى اتخاذ مواقف متصلبة منها التفكير في إسقاط النظام بالقوة. ولذلك لابد أن يراجع السوريون سياساتهم من خلال القيام بحوار مع اللبنانيين على أساس أكثر تحقيقا للمنفعة المتبادلة وأن يعيدوا أيضا الحوار مع الغرب قبل أن تصل الأمور إلى نقطة اللاعودة.
إن السوريين بحاجة لاحتواء الغضب العام الذي تحاول المعارضة اللبنانية إثارته الآن رغم انه من المستبعد أن تستجيب الحكومة اللبنانية للدعوات بالاستقالة لان ذلك يمثل لها استسلاما.
صحيح أن الدور السوري في لبنان اجتاز عدة نكسات في السابق بما في ذلك الغزو الإسرائيلي العام 1982 ولكن يبدو أن الحوادث الأخيرة هي بمثابة القشة التي قصمت ظهر البعير. ولذلك يمكن لدمشق أن تبقي على نفوذها من دون قوات في لبنان ،إذ هناك مجالات كثيرة للتعاون بين الجانبين.
وعلى المجتمع الدولي أن يدرك أن أية محاولة لإجبار السوريين على انسحاب مهين لا تقبله حتى المعارضة اللبنانية ربما تكون له تداعيات غير مرغوبة، لا سمح الله ربما يحدث نوع من الانسحاب الخبيث الذي تلجأ له عادة الجيوش المحتلة.
ومن هنا يجب أن يترك الأمر برمته للبنانيين حتى يقرروا عبر استفتاء يجرى عقب الانتخابات المقبلة شكل العلاقة مع جارتهم سورية التي طالما وقفت معهم في أوقات المحن
إقرأ أيضا لـ "عزوز مقدم"العدد 899 - الأحد 20 فبراير 2005م الموافق 11 محرم 1426هـ