البحرين بحاجة لإيجاد هيئة وطنية للتنافسية الاقتصادية وذلك في ظل الاهتمام والتوجه العالمي نحو التركيز على مواطن القوى في الاقتصادات. تكمن وظيفة الهيئة المقترحة إجراء مراجعة دورية لمعرفة مواطن القوة والضعف في الاقتصاد المحلي. وعلى هذا الأساس يتسنى التركيز على الجوانب الايجابية وفي الوقت نفسه العمل على القضاء على السلبيات في اقتصادنا الوطني. وبمقدور الهيئة تبني معايير المنتدى الاقتصادي العالمي لمعرفة الجوانب القوية والضعيفة في الاقتصاد.
وفي هذا الصدد لابد من الإشارة إلى أداء البحرين في تقرير "التنافسية الاقتصادية" للعام 2004 والصادر من قبل المنتدى الاقتصادي العالمي والذي يتخذ من منتجع دافوس بسويسرا مقرا له. فقد حصلت البحرين على المرتبة رقم 28 على مؤشر التنافسية الاقتصادية وذلك ضمن 104 بلدان شملها التقرير. بالمقابل حققت الإمارات العربية المتحدة المرتبة رقم 16 على مستوى العالم إذ يعد ذلك أفضل نتيجة للدول العربية المشمولة في التقرير. يذكر أنها المرة الأولى التي يتم فيها تغطية دول خليجية منذ صدور التقرير السنوي ابتداء من العام .2001
ثلاث ركائز
يستند تقرير مؤشر التنافسية الاقتصادية على ثلاث ركائز رئيسية وهي أولا بيئة الاقتصاد الكلي وثانيا وضع المؤسسات العامة وثالثا الاستعداد التقني للبلد. يقيس المعيار الأول أمورا مثل نتائج الموازنة العامة فضلا عن بعض المؤشرات الاقتصادية الأخرى مثل البطالة والتضخم. ويلاحظ أن وزارة المالية تتوقع عجزا ماليا مقداره 137 مليون دينار في العام الجاري على أن يرتفع إلى 172 مليون في العام المقبل. أما البطالة فتعد المعضلة الاقتصادية الرئيسية عندنا إذ تبلغ النسبة 16 في المئة إذ لايزال 20 ألف مواطن من دون وظيفة.
ويهتم المتغير الثاني بمدى وجود الشفافية في المعاملات الرسمية ومدى انتشار الفساد الإداري. ولا شك في أن مرجعنا هنا هو تقرير منظمة الشفافية الدولية للعام .2004 بيد أنه سجل التقرير تراجع أداء البحرين على مؤشر "مدركات الفساد" من المرتبة 27 في العام 2003 من بين 133 دولة إلى المرتبة 34 في العام الماضي من بين 146 بلدان شملها التقرير. وبالتالي تراجع ترتيب البحرين سبع مراتب في غضون عام واحد "بالمقابل تقدمت الإمارات ثماني مراتب في الفترة نفسها إذ حلت في المرتبة 29 على مستوى العالم".
أما المعيار الثالث فيقيس مدى انتشار وسائل الاتصالات مثل تقنية المعلومات والانترنت. ويبدو أن البحرين متقدمة في هذا المعيار مع وجود اختلاف بين الاحصاءات المنسوبة للجهات المحلية والدولية للعام .2003 فبحسب أرقام شركة بتلكو وهيئة تنظيم الاتصالات هناك 600 مشترك للهاتف النقال لكل ألف من السكان بينما تشير أرقام الاتحاد الدولي للاتصالات إلى 583 مشتركا لكل ألف من السكان. أيضا بحسب الإحصاءات الرسمية هناك 220 مشتركا للانترنت لكل ألف من السكان مقارنة بـ165 مشتركا لكل ألف من السكان بحسب الاتحاد الدولي للاتصالات. بالمقابل هناك انتشار أقوى للتقنية في الإمارات "758 و506 لكل ألف من السكان فيما يخص انتشار الهاتف النقال والانترنت على التوالي.
تدفق الاستثمارات
أخيرا وليس آخرا بمقدورنا الاستعانة بإحصاءات حجم تدفق الاستثمارات الأجنبية المباشرة لمعرفة مدى القدرة التنافسية لاقتصادنا. فبحسب تقرير الاستثمار العالمي المنبثق من مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية "أونكتاد" ارتفع حجم تدفق الاستثمارات الأجنبية المباشرة إلى البحرين من 217 مليون دولار في العام 2002 إلى 517 مليون دولار في العام .2003 ويمثل هذا الارتفاع زيادة قدرها 138 في المئة في سنة واحدة الأمر الذي يشكل إنجازا. لكن تتغير الصورة بملاحظة أن حجم تدفق الاستثمارات الأجنبية المباشرة إلى الخارج ارتفع من 190 مليون دولار في العام 2002 إلى 741 مليون دولار في العام .2003 ويمثل هذا الارتفاع زيادة قدرها 290 في المئة في غضون سنة واحدة. وبالتالي كان هناك صاف سلبي للاستثمارات الأجنبية المباشرة في العام .2003 ولا تتوفر حتى الآن أرقام العام .2004 عموما تؤكد احصاءات العام 2003 وجود خلل في قواعد المنافسة الاقتصادية عندنا.
نقول هناك حاجة لهيئة وطنية للتنافسية الاقتصادية وذلك في ظل توجه عربي وخليجي في هذا الصدد. فدول عربية مثل مصر والأردن أنشأت لها هيئات وطنية كما بدأت كل من دولة الإمارات العربية المتحدة وقطر باتخاذ خطوات مماثلة
إقرأ أيضا لـ "جاسم حسين"العدد 897 - الجمعة 18 فبراير 2005م الموافق 09 محرم 1426هـ