يوم العاشوراء يوم مشهود في البحرين على مر الأعوام، وهو في هذا العام أكثر تألقا من الأعوام السابقة. .. العاشوراء يوم استشهاد الإمام الحسين "ع" في العام 680م على أرض كربلاء. واسم "كربلاء" مستمد من اللغة البابلية القديمة "كرب أبلا" وتعني "حرم الاله"، وهي عند استشهاد الإمام الحسين مجموعة من القرى من بينها "الغاضرية" و"نينوى"، ولكن البقعة التي استشهد فيها الإمام الحسين هي تلك المنطقة التي حاصر فيها جيش عبيدالله بن زياد الإمام الحسين "ع" وأهل بيته لمنعهم من الوصول إلى ماء الفرات لعدة أيام قبل يوم المعركة الحاسمة... في العاشر من محرم من العام 61 للهجرة "680 م".
في يوم العاشر طرح عبيدالله بن زياد "الوالي الأموي على الكوفة" على الإمام الحسين أن يعطي بيعته ليزيد بن معاوية على رغم أنفه أو يقتل مع من بقي معه من بيته وأصحابه... فكان جواب الحسين: "إن الدعي بن الدعي قد ركز بين اثنتين بين السلة والذلة، وهيهات منا الذلة، يأبى الله لنا ذلك ورسوله والمؤمنون ونفوس أبية، وأنوف حمية، وحجور طابت وطهرت أن نؤثر طاعة اللئام على مصارع الكرام...". اختار الإمام الحسين "السلة"، بمعنى "سل السيوف" بعد أن هتف "هيهات منا الذلة".
الحسين استعد نفسيا ومبدئيا وتاريخيا ليوم العاشوراء... فقد أعلن "ألا ترون الى الحق لا يعمل به، وإلى الباطل لا يتناهى عنه؟ ليرغب المؤمن في لقاء ربه محقا"... وقال "إن الناس عبيد الدنيا، والدين لعق على ألسنتهم، يحوطونه ما درت معايشهم، فاذا محصوا بالبلاء قل الديانون".
في عاشوراء البحرين هذا العام دشن المرسم الحسيني مشروع "أطول شمعة في العالم" باسم "شمعة المحبة والسلام"، وجمعية التوعية تبنت التوقيع على "أكبر راية تحمل بصمات لليد" وسيتم تسجيلها عالميا وارسالها إلى كربلاء في العراق تحت عنوان: "لبيك يا حسين". ورسم الفنان عباس الموسوي "جدارية" كبيرة تحت شعار: "ساهموا في نصرة ضحايا تسونامي"، وفي عدة قرى افتتحت مراسم للأطفال والفنانين الكبار، كما برزت ظاهرة المواقع التمثيلية التي تصور أرض المعركة وتحيط بها جداول مائية مع مؤثرات صوتية وضوئية، إضافة إلى البث الإلكتروني المباشر الذي يعرض على شاشات كبيرة في مواقع مفصلية بحيث يشعر المرء بأنه يذكر اسم الحسين في كل مكان.
النشرات الإعلامية في كل مكان، والخيام الاستعراضية في كل مكان، والخدمات الغذائية والصحية في كل مكان، والكل يعمل كخلايا نحل منهمكة في انتاج أفضل رحيق يتذوقه الإنسان... الكتب والأشرطة والأقراص المدمجة والمنتجات الإعلانية والإعلامية ازدادت كثيرا، بل النشرات الحسينية تضمنت "إعلانات" مدفوعة الأجر ما يبشر ببداية ظهور سوق جديدة "ولو أنها مازالت صغيرة جدا" في هذا المجال المهم. المسرح الشعبي ينتشر في كل مكان، وهناك أفلام ومسرحيات بإمكانات متواضعة، ولكنها جادة، لأن كثيرا منها موجه إلى الأطفال والشباب الذين سيكبرون ويكبر معهم حلمهم وإنتاجاتهم النوعية.
لفتة جميلة تراها هذا العام تتمثل في قيام مجموعات الشباب والكشافة بالتنظيف المستمر في أماكن الازدحام وسير المواكب، إضافة إلى تنظيم الحركة والسير والتجاوب والتناغم مع الناس والجهات الرسمية المختصة.
عاشوراء البحرين ربما هي أفضل عاشوراء في أي مكان في العالم... أقول ذلك ليس لأني بحريني، ولكني زرت الكثير من الدول فوجدت البحرين تتفوق على غيرها، على رغم أن هناك ما يحتاج إلى التطوير لمواكبة حركة العصر، فالإمام الحسين لكل زمان ومكان، وأساليب الاحتفال يجب أن تتطور مع الزمان والمكان، والبحرينيون حققوا كثيرا... وهناك ما هو أكثر ويمكن تحقيقه في الأعوام المقبلة
إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"العدد 897 - الجمعة 18 فبراير 2005م الموافق 09 محرم 1426هـ