العدد 897 - الجمعة 18 فبراير 2005م الموافق 09 محرم 1426هـ

تجار سوق المنامة: لو لم نكن نمتلك محلاتنا لهربنا مثل الآخرين

حين ندير ظهورنا لتراثنا

بتوجيهات من رئيس الوزراء صاحب السمو الشيخ خليفة بن سلمان آل خليفة تبدأ قريبا أولى خطوات البدء في تنفيذ مشروع تطوير سوق المنامة القديم. هذا المشروع الذي طالما انتظره تجار السوق ممن أمضوا حياتهم فيه، وعاصروا مراحل شهرته، ليس على مستوى البحرين فحسب، بل تجاوزت شهرته لتصل الى الدول المجاورة والشقيقة والصديقة.

وخلال تلك الفترة التي شهدت رواجا اقتصاديا متميزا، ساهم في دفع الحركة الاقتصادية، انعكست بدورها على إقبال الكثير من المواطنين والمقيمين وزوار البحرين للتسوق من هذا السوق التراثي القديم ودفع عجلة مسيرته الاقتصادية. واليوم يشهد سوق المنامة القديم ركودا اقتصاديا صعبا كما عبر عنه تجار السوق أنفسهم، لأسباب كثيرة يتحدثون عنها عبر هذا التحقيق. ووضعوا آمالا كبيرة على مشروع تطوير السوق، ويتابعون خطواته، ويواسون أنفسهم بإنجازات الماضي، وبالوعود التي قطعها لهم المسئولون باتخاذ خطوات جادة لإنقاذ السوق وإنعاشه، ليبقى معلما تراثيا وصرحا اقتصاديا مهما يعبر عن حقبة مهمة من تاريخ البحرين الناصع.

نظرات الأمل

التاجر قاسم بن يوسف الشيخ صالح، تاجر ملابس رجالية ويعمل في السوق منذ العام .1950 والذي استقبلنا بنظرات الأمل قائلا: "إن تطوير سوق المنامة كان مطلبنا جميعا منذ سنوات طويلة، وتم تتويج هذا المطلب بطرحه مباشرة على سمو رئيس الوزراء أثناء زيارته التفقدية للسوق، وشرحنا له ما يعانيه التجار من ركود اقتصادي صعب، يتطلب قيام الحكومة الرشيدة بواجبها نحو تبني مشروعات تطويرية، تساهم بشكل فعال في إنعاش السوق وإنقاذه، بعدما أصبح سوق المنامة في حال يرثى لها.

ويضيف الشيخ قائلا: "نحن لانزال متمسكين بسوق المنامة لأننا نملك هذه المحلات ولا ندفع عليها إيجارات ونعمل فيها بأنفسنا، وإلا هربنا كما هرب الكثير من التجار المعروفين الذين لم يستطيعوا أن يقاوموا الالتزامات المالية المتراكمة مقابل ضعف الإيرادات".

ويأمل أن يرى التجار والمستهلكون شيئا ملموسا قريبا من هذا المشروع التطويري ، لتنعكس آثاره سريعا لإنقاذ السوق التراثي المهم الذي أصبح معلما مهما من معالم البحرين. ويقترح أن يشمل المشروع التطويري مواقف للسيارات التي سترفع حال الحصار التي تقوم بها إدارة المرور حاليا في مراقبة حركة سير سيارات زوار السوق واستخدام سلاح الغرامات المالية للمخالفين، ما يدفع هؤلاء الزوار إلى الذهاب إلى المجمعات التجارية الأخرى والجديدة التي لا تعاني من مشكلة مواقف السيارات.

الاسناد الغائب

كما يؤكد التاجر محمد محمود العلي - الذي يعمل في السوق في مجال بيع الأقمشة الرجالية منذ العام 1952 ويدير محله الخاص - يؤكد المضمون نفسه، ويشير الى أن سبب استمراريته في السوق على رغم التدهور الاقتصادي الذي يشهده سوق المنامة يعود لأمرين رئيسيين: أولهما امتلاكه للمحل، وثانيهما الأمل في أن يعود السوق إلى ماضيه ويستعيد عافيته.

ويضيف قائلا: "للأسف إن المنابر النيابية والمجالس البلدية لم تتبن مطالبنا ولم تساند طموحاتنا وقدم لنا المترشحون الوعود المعسولة أثناء حملاتهم الانتخابية، إلا أن هذه الوعود تبخرت فور فوزهم بمقاعد بلدية أو نيابية، على رغم مخاطبتنا لهم في مناسبات عدة. ويأمل أن يشمل التطوير المرتقب توفير مواقف سيارات ودورات مياه لزوار السوق، كما يؤيد فكرة ربط سوق المنامة القديم بمشروع مرفأ البحرين المالي بجسور وأنفاق تساهم في زيادة عدد المترددين على السوق".

رسائلنا في سلة المهملات

والتقينا كذلك برجل الأعمال فيصل صادق العرادي والذي يعمل مع أبنائه في السوق منذ العام ،1959 إذ قال: "نحن سمعنا عن مشروع تطوير سوق المنامة ولكن لم نر شيئا ملموسا بعد، ونأمل أن يتم التحرك بخطوات تنفيذه سريعا، لأن السوق يعاني من تحديات عدة، أولها عدم مساهمة المجالس البلدية في التعبير عن مطالبنا، ومخاطباتنا لهم مصيرها سلة المهملات. إضافة إلى افتقار السوق إلى مواقف للسيارات ودورات المياه ما يزيد الأمور صعوبة لوصول الراغبين في التسوق إلينا. كذلك فإن التحدي السافر من قبل منظمي المعارض لاستقطاب القوة الشرائية نحوها من دون وجود رقيب أو صوت يحمي مصالحنا ويوقف هذا العبث وسوء التنسيق".

آلية التجارة في السوق

أما التاجر محمد بن علي المسقطي الذي يعمل في تجارة المواد الغذائية منذ العام 1952 قال بنبرة صاحبها الإحباط الشديد: "لا يمكن أن يتم تنفيذ مشروع تطوير سوق المنامة القديم من دون وضع ضوابط للكيفية التي يجب أن تمارس فيها التجارة. فقد وضعت الأجهزة الرسمية قوانين وسنت تشريعات ووضعت ضوابط واشتراطات وعلى رأسها وجوب الحصول على ترخيص لممارسة التجارة.

ولكن المتفحص لواقع سوق المنامة القديم يجد أن التجار غير الرسميين ممن لا يمتلكون رخصا تجارية ولا يدفعون رسوما ولا يدفعون إيجارات، يمارسون نشاطهم التجاري في الشوارع العامة ما يشكلون لنا منافسة كبيرة. إذ تراهم يبيعون المعروضات نفسها والبضائع بقيمة أقل بسبب عدم تضمينها الرسوم والالتزامات الأخرى ما يضر بشكل كبير بسمعة السوق والتجار أصحاب الوضع الرسمي... من هنا لابد من سن تشريعات تلزم المواطن بممارسة نشاطه بنفسه أو الاكتفاء بالوظيفة الحكومية حتى نمنع تجارة السجلات التجارية".

نبكي على اللبن المسكوب!

السيدمحمد حسين حسن مدير مبيعات بشركة مواد غذائية معروفة تعمل في هذا المجال وفي سوق المنامة منذ عام .1930 يؤكد أن تطوير سوق المنامة أصبح مطلبا ملحا في ظل التنافس الشديد من قبل الصروح والمجمعات التجارية الأخرى ذات الامتيازات الكثيرة.

ويشير إلى انه قام حديثا بزيارة عمل لدولة الكويت زار خلالها السوق القديمة، إذ لمس اهتماما كبيرا بتطويره ورعايته على رغم وجود مجمعات تجارية حديثة أيضا، ويضيف قائلا: "إن التدهور الذي واجهه سوق المنامة دفع الكثير من الأجيال اللاحقة إلى ترك مجال التجارة والاكتفاء بوظيفة حكومية محدودة ما يهدد بحدوث أمرين:

1- توقف العمل التجاري للكثير من رجال الأعمال بعد وفاتهم نتيجة عدم حرص أبنائهم على تكملة مشوار آبائهم، على رغم المعاناة الكبيرة التي قام بها هؤلاء الآباء في تأسيس أعمالهم التجارية حتى أصبح هؤلاء "يبكون على اللبن المسكوب".

2- عدم تنظيم مزاولة الأجانب والوافدين للأعمال التجارية في سوق المنامة ما يجعل المستفيدين من مشروع تطوير السوق هم الأجانب وحدهم وليس المواطنين، فالغالبية اليوم التي تمارس التجارة في سوق المنامة هم من الوافدين وليسوا من المواطنين.

وبارك محمد خطوات التفكير في تطوير سوق المنامة على رغم أنها تأخرت قليلا، ويرى أن دور البلدية والمنابر النيابية والشورية مازال دون المستوى المطلوب في نقل هموم تجار السوق الى المسئولين.

كل يغني على ليلاه

ويثير رجل الأعمال محمد بن مبارك المداوي الدوسري - الذي يعمل في مجال المساحات الإعلانية -، الكثير من الهموم، إذ يعتقد بوجوب مراعاتها عند البدء في مرحلة تنفيذ تطوير السوق قائلا: "غياب التنسيق الواضح بين كل من وزارة الأشغال، وزارة البلديات، المجالس البلدية، محافظة العاصمة، وإدارة المرور يمنع تحقيق أي مشروع تطويري، فكل من هذه الأجهزة يغني على ليلاه.

أحدثكم عن معاناة شخصية حينما حاولت أن أساهم من خلال مجال نشاطي التجاري في تطوير سوق المنامة من خلال وضع شاشة إعلانية إلكترونية تساهم في تنشيط السوق إضافة إلى توفير مجسم جمالي، ولكن للأسف ضاع الترخيص الخاص بين ردهات الإدارات المختلفة في الدوائر المختصة لعدم وجود التنسيق بينها، إضافة إلى افتقارها إلى الحد الأدنى من الصلاحيات لاتخاذ قرار يساهم في دعم التاجر.

وعلى رغم ثقتنا الكبيرة في المشروع الإصلاحي الذي تبناه جلالة الملك المفدى الذي مازال على رأس أولوياته مساعدة المواطنين في تحقيق أهدافهم ودعم مصالحهم وكذلك توجيهات سمو رئيس الوزراء بوجوب تسهيل و تبسيط الإجراءات لتشجيع الاستثمار، إلا أن هذه الأطر وهذه التعليمات تجد عوائق عدة لها عند وصولها إلى الأجهزة التنفيذية المختلفة لتقوم بتحوليها إلى واقع".

لم يعد المشروع من نافلة القول

ويختتم لقاءنا محمد بن علي ناصر الصائغ "تاجر مجوهرات" بالقول: "ان مشروع تطوير سوق المنامة لم يعد من نافلة القول، بل أصبح ضرورة تستوجبها التطورات الاقتصادية المتسارعة التي تشهدها المملكة، فهذا السوق يفتقر إلى دورات مياه ومصلى للنساء واستراحات ومواقف سيارات ما يجعل زوار السوق يفضلون المجمعات الأخرى على سوق المنامة.

واستنكر الصائغ عدم وجود ضوابط لممارسة الأجانب للتجارة في المملكة على رغم أن القوانين تم سنها منذ زمن طويل ولكن للأسف لم يتم تنفيذها أو مراعاتها. فأصبح التاجر الأجنبي الذي يمارس التجارة باسم مواطن مقابل رسوم شهرية منافسا قويا للتاجر المواطن الذي يعمل بجد واجتهاد في إدارة مشروعه التجاري.

كما عاب الصائغ على المجالس البلدية بعدم القيام بدورهم المطلوب في حماية التاجر البحريني ورفع صوته ليكون مسموعا بصورة كافية من قبل المسئولين

العدد 897 - الجمعة 18 فبراير 2005م الموافق 09 محرم 1426هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً