تباينت آراء المحامين بشأن مناقشة مجلس النواب قانون إعادة تنظيم دائرة الشئون القانونية الهادف إلى إبعادها عن وصاية مجلس الوزراء، وانشق المحامون إلى فريق يطالب باستقلالية الدائرة وآخر يدعو إلى إبقاء تبعيتها إلى الحكومة، فيما رأى عدد منهم أنه من "السخف" القول باستقلالية الإدارة حين اتباعها بإحدى الوزارات كونها ستكون تابعة إلى الحكومة أيضا، وطالب محامون بضرورة ضمها إلى مجلس النواب كونه الجهة المشرعة للقوانين ووصفوا أن ذلك سيقطع الطريق على الحكومة ويمنعها من الافتاء القانوني.
يأتي ذلك كردود فعل لما يثيره حاليا مجلس النواب بشأن تبعية الشئون القانونية إلى مجلس الوزراء وسيطرته عليها "ما يؤثر على صوغ القوانين وإصدار فتاوى قانونية لا تتماشى مع العهد الاصلاحي".
فمن جانبه أكد المحامي أحمد الذكير أهمية أن تكون الإدارة هيئة مستقلة بذاتها تنفرد بموظفيها وجهازها كي يتسنى لها أن تتعامل باستقلالية في الأمور التي تعرض عليها لضمان حريتها في إدارة عملها وإبداء الرأي القانوني.
ورأى الذكير أن تبعية إدارة الشئون القانونية إلى مجلس الوزراء ربما يكون له تأثير فيما يتعلق بطبيعة العلاقة الوظيفية، مشددا على ضرورة الاستقلالية لتتمتع بسلطاتها في العمل من دون تبعيتها إلى من يأمرها أو ينهيها ويملي عليها ما يريد من آراء قانونية.
في الموضوع ذاته دعا المحامي عبدالله هاشم إلى ضم الدائرة القانونية إلى مجلس النواب كونه الجهة المنوط بها الجانب التشريعي وخصوصا أن الدائرة مهمتها تنحصر في صوغ مشروعات القوانين من الناحية الفنية ويمكن للحكومة في المقابل ان كان يعنيها ذلك إيجاد جهاز قانوني في كل وزارة يسند إليه عمل ما تريد على أن تتبع الوزارات آلية تقديم مشروعات بقوانين إلى مجلس الوزراء كي يقوم بدوره بإحالتها إلى مجلس النواب.
وشدد هاشم على أن صوغ القوانين فنيا يجب أن تتم عن طريق جهاز فني يتبع مجلس النواب واصفا السعي لإلحاق دائرة الشئون القانونية إلى وزارة العدل انها خطوة غير موفقة، إذ ستمنح الدائرة صلاحيات قضائية في حين أن اعمالها تتحدد بصوغ القوانين فنيا، كما أن القضاء هو من ينفرد بتفسير القانون وتأويله من دون سواه، ما يوجد توجسا أمام فكرة إلحاق الدائرة القانونية بوزارة العدل لتحصل على هذه السلطة والصلاحيات.
إلى ذلك اعتبر المحامي سلمان سهوان تبعية الدائرة إلى مجلس الوزراء لا تتعدى الجانب الإداري وأيد سلمان الإبقاء على هذا الوضع، لكنه دعا إلى أن تكون فتاواها القانونية مستقلة، كما قال إن إلحاق الدائرة بوزارة العدل أو أية وزارة أخرى لا يغير واقع بقائها تحت مظلة الحكومة وخصوصا أن الوزارات متضامنة فيما بينها. وعلق سهوان أن على المستشارين التابعين للدائرة القانونية تحكيم ضمائرهم في عملهم و إبداء رأيهم القانوني من دون التأثر بأمور أخرى.
من ناحيته ركز المحامي عبدعلي العصفور على أن الوقت حان لأن ترقى المملكة في تشريعاتها إلى مستوى الدول المتقدمة قائلا: ان ذلك يتطلب تحويل إدارة الشئون القانونية إلى هيئتين مستقلتين تهتم الأولى بقضايا الدولة وتمثل الوزارات في الحضور أمام المحاكم كمدعية أو مدعى عليها وتهتم الهيئة الثانية بمجلس الدولة كما هو معمول به في مصر وفرنسا ويختص بالقضاء الإداري والفتوى، إضافة إلى صوغ القوانين المحالة إليها من قبل الحكومة وتطرق في حديثه إلى أن استقلالية الهيئتين ستجعل المملكة تواكب التشريع العصري.
وقال المحامي محمد المطوع إن الدفع نحو استقلالية الشئون القانونية وتحقيق ذلك لن ينتج إلا استقلالا شكليا، إذ ستبقى في كل الأحوال من الإدارات التي تخضع إلى هيمنة الحكومة. وواصل أن العمل المنوط بالإدارة المتمثل في صوغ قوانين تقدمها الحكومة كمشروعات أمام مجلس النواب يجعل منها جهة رسمية، وان استقلت أو تقرر نقلها إلى وزارة العدل إذ لا يغير ذلك من واقع الحال.
وأضاف المطوع "القول بالاستقلالية حال نقلها إلى وزارة أو جهة أخرى غير صحيح... أرى أن الحكومة ستطلب منها صوغ ما تريده من قوانين.
إلى ذلك قال القانوني عبدالله جاسم إن استمرار الحكومة في توجيه الإدارة القانونية بإعداد ما تريده من قوانين يؤثر سلبا على العهد الاصلاحي، وأكد أن طلب إلحاق الإدارة بوزارة العدل يبقي هيمنة الحكومة عليها، داعيا مجلس النواب إلى العمل على ضم "القانونية" إليه لضمان استقلالها، وأوضح المتحدث أنه يتفق مع آراء عدد من المحامين الذين يرون أنه يمكن للحكومة عن طريق الإدارات القانونية الموجودة في الوزارات صوغ المشروعات بقانون وإحالتها إلى مجلس النواب.
في غضون ذلك رأى المحامي حسين الحداد أن اللغط المثار بشأن تبعية الإدارة إلى الحكومة يؤدي إلى النتيجة ذاتها، معتبرا أن للدولة الحق في صوغ القوانين وإصدارها بعد إحالتها إلى مجلس النواب، وقال إن الإفتاء القانوني يجب أن لا يضر بالحقوق والحريات العامة وهو ما يجعل مجلس النواب مسئولا عن التصدي لمثل هذه القوانين وتعديلها
العدد 897 - الجمعة 18 فبراير 2005م الموافق 09 محرم 1426هـ