العدد 897 - الجمعة 18 فبراير 2005م الموافق 09 محرم 1426هـ

سكوت الأمة على إهانة رموزها قبول ضمني بإهانة دينها

قاسم في خطبة الجمعة:

تنوعت وقفات خطباء الجمعة إزاء مختلف الموضوعات الدينية والسياسية والاجتماعية، ففي حين تطرق خطيب إلى قضية التعدي على المرجعيات الدينية، معتبرا محاولات تحطيم هذه المرجعيات محاولات لتحطيم الدين، وأن سكوت الأمة على إهانة الرموز هو قبول ضمني بإهانة الدين، واجه خطيب آخر خطاب الغلو والتكفير، واصفا إياه بأنه خطاب يعتمد الفتوى لأغراض شخصية لا تمت إلى الدين بصلة، ودعا إلى مواجهة هذا الخطاب من خلال الإعلام وأن يتحمل العلماء مسئوليتهم في التصدي لهذا الغلو عبر شرح المباني الحقيقية للدين. أما الخطيب الثالث، فتطرق إلى العلاقة بين أهل البيت "ع" وصحابة رسول الله، إذ أكد حميمية هذه العلاقة، ودعا المسلمين إلى اتخاذها قدوة في توحيد الصف والكلمة ومواجهة خطر الأعداء.

إلى ذلك، تكلم الشيخ عيسى قاسم في خطبة الجمعة أمس في جامع الإمام الصادق في الدراز عن عاشوراء الحسين، فقال: "عاشوراء بدمها الزكي، وبمواقفها البطولية الباسلة، وبتضحياتها السخية المعطاءة، وبمسيرتها التاريخية الطويلة العامرة، وبتخطيطها الهادف، وبأخلاقياتها العالية، وبانضباطها الكبير، وبآهاتها الحارة، وبدمها الغزير، وبصرختها المدوية، وبندائها اللاهب، وبوعيها العميق، وبدروسها الإيمانية الثرة، كربلاء بكل هذا هي من أجل معرفة الله ورعاية حقه، واحترام شريعته، واستقامة الدين في الناس، وهو المستقيم في نفسه".

وأشار قاسم إلى "أن نصرة الحسين "ع" بكل صورها وألوانها وجزئياتها ومصاديقها لا تكون نصرة حقيقية حتى تكون خطوات على هذا الطريق، ومحاولات من أجل هذه الغاية، وحتى تكون خاضعة لقيم الدين، وضوابط الحكم الشرعي، ولن ينال عمل عند الله أجرا، وإن كان من عمل الخير ظاهرا، ما قصد به الإضرار بالمؤمنين، ومن قصد بإحسانه غير الله، فليطلب من غير الله أجره".

وفي موضوع آخر، أثار قاسم ما يوجهه البعض من طعون إلى المرجعية الدينية، فأكد أن مرجعية السيدالسيستاني هي مرجعية من المرجعيات العليا، ويرجع إليه ملايين المسلمين في تلقي أحكامهم من كتاب الله وسنة المعصومين "ع" يقينا بعلمه وورعه، وشأنه الكبير واضح وثابت في الأوساط العلمية المتقدمة، وعلى مستوى المرجعيات الدينية قبل أوساط العامة من المؤمنين، وبهذا فهو يمثل رمزية كبيرة للوجود المؤمن بكامله وعلى جميع مستوياته، وكلمة السوء الموجهة إليه موجهة إلى كل ملايين المؤمنين.

وأضاف "كثيرا ما تعني محاولات تحطيم الرموز الدينية الصادقة محاولة تحطيم الدين نفسه، والعداء بصورة رئيسية له لا للرمز، فعلى تقدير انتهاء رمزيته، فإنه لا تلاحقه محاولات النيل من شخصيته" معتبرا أن "الأمة التي تعتز بدينها وهويتها وانتمائها، لابد أن تعتز برموز هذا الدين، وهي تشعر بعمق الجرح الذي يمس ذاتها الدينية عند النيل من هذه الرموز، وسكوت الأمة على إهانة رموزها الدينية فيه قبول ضمني بإهانة دينها وسحق كرامتها، ودليل على غيبوبة خطيرة، وسبات أشبه بالموت تعيشه هذه الأمة".

وشدد قاسم على أن المؤمن إذا رد على السوء لا يظلم، مؤكدا أن السيدالسيستاني وفي لأمانته، وسيبقى الأمين - كما هو بإذن الله - على دينه ومصلحة أمته، وستواصل قيادته الدينية الحقيقية انتصاراتها، آخذة بالعراق الكبير بكل مكوناته من نصر كبير إلى نصر أكبر.

وفي سياق آخر، وجه قاسم نصيحته إلى الشباب، إذ قال: "أريد من شبابنا ألا يكونوا يوما ثوريين غير مستعدين على الإطلاق للمسالمة عند مقتضاها، أو شبابا آخر موادعين مسالمين غير مهيئين أبدا للثورة عند موجبها، فكن ثوريا مستعدا للمسالمة، وكن مسالما مستعدا دائما للثورة، فأنا أريد من شبابنا أن يكونوا مسالمين وهم في قمة الثورة إذا اقتضت مصلحة الإسلام، وكلهم متهيئ للثورة والتضحية وهم في أجواء الدعة والسلم إذا جاء نداء الإسلام، فهكذا كان المؤمنون الواعون الخلص".

أما النوع الآخر بحسب قاسم، فكان يخلق المتاعب للنبي الكريم "ص" والأئمة من أهل بيته "ع"، ومازال يفعل ذلك مع القيادات المخلصة على هذا الخط، متسائلا: من يشخص؟ وأردف: القواعد العامة تمد قيادتها عبر القنوات المعقولة بكل ما لديها من خبر وخبرة ونصح، والقرار لا يتخذ في الشارع، وإنما تتخذه القيادة بمشورة الصفوة من أهل الخبرة، بعد أن تتجمع كل الخبرات والأخبار والمداخلات.

من جانبه، تكلم خطيب جامع مركز سار الإسلامي الشيخ جمعة توفيق عن الغلو والتطرف في الدين، مؤكدا أن أخسر الناس عملا من يخطئ، ويرى أنه مصيب، ومن يسيء ويرى أنه محسن، ومن يخسر ويرى أنه يربح، ومن يسير في طريق الضلال ويرى أنه في طريق الهدى يسير، ومن يهدم ويرى أنه في طريق البناء، ومن يفسد ويرى أنه يؤسس للإصلاح.

واعتبر توفيق ظن أهل الفساد والضلال والبدع أنهم يحسنون صنعا حينما يعملون الأعمال السيئة بسبب مكر الله بهم يجعلهم لا يرون الأمر على حقيقته، مبينا أن الغلو وتعدي الحد في الشيء سبب لمخالفة أمر الله تعالى حتى وإن كان في طاعة، لأن الله يحب أن يعبد بما أمر من دون زيادة أو نقصان.

وأوضح توفيق أن الغلو في الدين لا يتوقف على الأنبياء والصحابة والصالحين، بل حتى على العلماء، مؤكدا ضرورة أن يزن المسلم الأمور بكتاب الله وسنة رسول الله الصحيحة، وأن يسأل العالم عن دليله على كل مسألة من مسائل الدين، ولا يكون هذا العالم بحسب توفيق مقدسا لا يخرج عن قوله، أو تكون له عصمة تمنعه من الخطأ، فالمؤمن كيس فطن في دينه، يتحرى من يسأله في أمور دينه، ولا يكون إمعة يأخذه الهوى، فيتبع هوى في الفتوى والتقليد الأعمى والتعصب المذموم، لأن هذا من الغلو وإعطاء المتبع العصمة التي هي لرسول الله "ص".

وشدد توفيق على أن الواجب على المسلم تفهم نصوص الشرع بحيث يستحضر مراد الشرع منها والمخاطب بها ومقيدات النصوص ومطلقاتها، وغير ذلك مما يدركه أهل العلم ورثة الأنبياء، معتبرا أن الخطر في فهم النصوص فهما منحرفا، أقرب إلى الهوى بل هو الهوى نفسه، فيحور النص لينتصر لهواه ورأيه، أو يتأول النصوص ليحقق مقصدا شخصيا في نفسه من دون علم أو رجوع إلى العلماء الربانيين الذين عرفوا بالعلم وقوة الدين.

وأضاف "من كان هذا منهجه، كان من البديهة أن يضل عن سواء السبيل، والأمثلة على ذلك كثيرة"، فالفكر المنحرف الذي يرى قتل الناس والأبرياء والتفجير والاغتيال، هذا الفكر لديه نصوص فهمها بحسب هواه، أو أخذها قولا ليس عليه إجماع ليقضوا إربهم، وظنوا أنهم يحسنون صنعا، فالإيمان والجهاد الذي يدعونه بريء منهم".

وختم توفيق حديثه بالقول: "إن مكافحة الفساد الفكري والغلو في الدين ليست منوطة بفئة دون أخرى، وليست واجبة على جهة دون أخرى، بل يجب أن يتحرك لها كل غيور في وسائل الإعلام والمناهج الدراسية، إضافة إلى نهوض العلماء والمفكرين بواجبهم، وكذلك توظيف شبكة الإنترنت وعقد اللقاءات والمؤتمرات، كما تم ذلك في مؤتمر مكافحة الإرهاب في بلاد الحرمين، إذ تصدى الإعلام والعلماء لهذه القضية، وآتت ثمارها بحمد الله، فجاء العلماء وأدلوا بدلوهم، والمفكرون أصلوا الأصول، وجمع المؤتمر الأسباب وطرق العلاج والوقاية، وما يجب أن يكون عليه الحال في بلاد المسلمين أجمع".

خطيب جامع الفاتح الشيخ عدنان القطان تطرق إلى العلاقة الطيبة - كما قال - بين أهل البيت "رض" والصحابة الكرام "رض"، وما بينهما من مصاهرة تدل على العلاقة الحميمة في الله، داعيا المسلمين إلى اتخاذ هذه العلاقة قدوة لهم في التراحم والتآخي والتواد والحب والتناصح والتواصل، كما دعا إلى الحرص على وحدة الكلمة ووحدة الصف، والتعامل مع حوادث التاريخ ووقائعه المضيئة بإيجابية، تعود علينا كمسلمين وعلى الإنسانية، وعلى مجتمعاتنا وأوطاننا بالنفع والفائدة، بحيث يحدث ذلك تلاحما وتماسكا بين أتباع المذاهب الإسلامية، حتى نتمكن من مواجهة التحديات الكبرى العالمية، ونحن متراصين متكاتفين متحابين.

وشدد القطان على أن الرعيل الأول من آل البيت الأطهار والصحابة الكرام إخوان في الله متحابين متراحمين، يوالي بعضهم بعضا، ونزع الله عنهم عصبية الجاهلية وضغائنها وأحقادها، وألف بين قلوبهم بعدما دخلوا في دين الله أفواجا، وتواترت الأخبار بتأكيد هذا الأمر بينهم، مشيرا إلى أن ما يحدث بينهم من خلاف إنما هو خلاف اجتهادي يعذر المخطئ فيه.

وأكد القطان أن العلاقة الحميمة بين أهل البيت "رض" وصحابة رسول الله "ص" كانت بادية للعيان، وواضحة الأمر عند كل منصف، واستفاضت الآثار عنهم سواء عند أهل السنة أو الشيعة، على حد قوله، وهذه الحقائق المتواترة بحسب القطان هي التي يجب أن تعتمد وتوظف وتستثمر لتوحيد كلمة المسلمين ورص صفوفهم عند دراسة حياة ذلك الجيل الرباني الفريد، مشددا على أنه لا يمكن لأية رواية تاريخية مهما بلغت من الصحة أن تعارض الحقائق المتواترة المتفق عليها.

وذكر الخطيب في هذا المجال مجموعة روايات تؤكد مصاهرة الإمام علي "رض" إلى الخليفة عمر بن الخطاب "رض" عبر تزويجه ابنته أم كلثوم من زوجته فاطمة الزهراء "رض" كما ذكر روايات تؤكد تكنية الكثير من أهل البيت "رض" بأسماء الخلفاء الراشدين، وهم أبوبكر وعمر وعثمان، فضلا عن تسمية الكثير من أولادهم بأسمائهم.


ردا على ما نشر حول السيستاني في احدى الصحف

نجاتي: المقال اشتمل على إهانات ولا يجوز السكوت

المحرق - الوسط

قال الشيخ حسين نجاني في بيان له أمس "إنه لا يصح للمؤمنين الكرام أن يغضوا النظر و الطرف عن مثل هذه الحرمات التي تنتهك ، و لابد من الرد عليها بالتي هي أحسن و الأدبيات التي تمثل أخلاق الإسلام العالية ، بل إن السكوت عن مثل ذلك يعد من المنكرات التي أمرنا بالنهي عنها ، فالواجب على الجميع أن يقوم بواجب الرد بالموعظة و الحكمة و الأساليب الحسنة".

جاء ذلك ردا على المقال الذي وصفه بأنه "غير مسئول" ونشر في احدى الصحف المحلية والذي "تعرض لواحدة من المقدسات في العالم الشيعي بل الاسلامي ، ألا و هو رمز المرجعية البارز آية الله العظمى السيد علي السيستاني" ، مشيرا الى ان المقال "اشتمل على إهانات كثيرة و لا يصح لأحد أن يقيم الآخرين فضلا عن مثل هذه الشخصيات الدينية المقدسة بمثل هذه الأدبيات و الأساليب غير المسئولة"

العدد 897 - الجمعة 18 فبراير 2005م الموافق 09 محرم 1426هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً