العدد 897 - الجمعة 18 فبراير 2005م الموافق 09 محرم 1426هـ

عواء الذيب

هذه الحكاية مجهولة الأبطال، إما لمضي وقت طويل عليها وإما لأن أبطالها ليسوا من المشهورين كالأمراء والفرسان الذين يحرص على ذكر أسمائهم قبل حكايتهم. .. يقول الراوي:

كان هناك رجل بالبادية متزوج من امرأة ليست من قبيلته، بل كان من قبيلة أخرى مجاورة لقبيلته... ومرت عليه سنة وهو وزوجته يعيشان بأحسن حال... ثم اختلفت القبيلتان وحصل بينهما نزاع كان زوجها طرفا فيه... وكان اخوتها في الجهة المقابلة أطرافا في هذا النزاع أيضا، واشتدت الأزمة بين طرفي النزاع مما حدا بإخوان الزوجة إلى أن يأخذوها ليلا من بيت زوجها نكاية به... وهي لم تكن راضية بفراقها لزوجها وكذلك زوجها الذي كان يحبها حبا كبيرا أيضا... ومرت فترة طويلة بعض الشيء على فراق الزوجين وكل منهما كان يريد الآخر ولكن النزاع الحاصل حال بينهما.

ضاقت الأرض بالزوج، فهو يريد زوجته ولا سبيل لوصوله إليها، ففكر بطريقة... إذ أرسل إليها إحدى عجائز القبيلة لتبلغها برغبته في لقائها... ورسم لها خطة للقاء... وفعلا ذهبت العجوز للزوجة وأبلغتها بذلك فرحبت الزوجة بالفكرة ولما كانت الليلة الموعودة، جاء الزوج للمكان المتفق عليه، وكان الوعد بينهما بعد غياب القمر، وكمن بحيث لا يراه أحد... ثم أخذ بالعواء كعواء الذئب ثلاث مرات متتابعة... عرفته الزوجة، إذ كانت تعلم بالخطة سلفا، فذهبت إليه وجلسا بعد طول الفراق يشكو كل منها حاله للآخر بعد الفراق حتى إذا ما جاء الفجر افترقا وعاد كل منهما إلى قبيلته. مضت على هذا اللقاء أشهر... ويقدر الله سبحانه أن تحمل المرأة من زوجها نتيجة لذلك اللقاء... ويكبر بطنها فيراه أخوها ويهددها بالقتل، فمن أين لها بهذا الحمل وقد فارقت وزجها منذ فترة طويلة ولم تكن حاملا؟ فأعلمت شقيقها بحقيقة ما حصل بينها وبين زوجها ووصفت له المكان وأعلمته بكل ما جرى... فقال الأخ سأذهب أنا لزوجك وأتأكد من حقيقة ما حصل، فإن لم يكن صحيحا فليس لك عندي غير السيف.

ولم تكن القبيلتان على وفاق فكيف يذهب... فكر الأخ واهتدى إلى طريقة... فلما جن الليل تنكر وذهب إلى قبيلة زوج أخته ودخل مجلسه وجلس ولم يعرفه أحد... ولما سكت المجلس تناول الربابة وأخذ يغني عليها

يا ذيـب يللـي تالـي الليـل عويـت

ثلاث عوياتـن على سـاق وصـلاب

سايلـك بالله عقبـها ويـش سويـت

يوم الثـريا راوسـت القمـر غـاب

وغنى هذه الأبيات على الربابة ثم توقف ووضع الربابة مكانها وعاد إلى مكانه... فعرف الزوج أن هذا أخو زوجته وفهم أن زوجته حامل كعادة البدوي في سرعة اللمح وشدة الذكاء... فتقدم وتناول الربابة وأجاب:

أنا أشهـد إني عقـب جوعي تعشيـت

وأخـذت شاة الذيب من بين الاطنـاب

على النقـا وإلا الـردى ما تهقويـت

وادوا حلالـي يـا عريبيـن الأنسـاب

فلما فرغ الزوج من أبياته فهم الأخ أن رواية أخته كانت صحيحة وانسحب من دون كلام... وفي الصباح أعادوا له زوجته





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً