لايزال الحاج محمد علي المزعل - كشأن الشيوخ وكبار السن - يعيش على ذكرياته الجميلة التي قطع بها جزءا مهما من حياته في رحاب المأتم الحسيني وخطبائه وأدبائه. يتذكر المزعل كيف كان يعمل في شركة بابكو ويتوجه مباشرة بعد العمل الى مأتم بن سلوم في المنامة.
لماذا مأتم بن سلوم بالذات؟! يجيب: "في العام 1960 كان مأتم بن سلوم موفقا جدا في اختيار الخطيب الذي يقرأ مجالسه في عشرة محرم، فقد كان المرحوم الشيخ أحمد الوائلي يستقطب جمهورا غفيرا من المستمعين، فكنت لا تجد موضع قدم في المأتم بسبب التزاحم للاستماع الى مجلسه، وتم وضع الرمال من مأتم بن سلوم الى مسجد المهزع ليتسنى لعدد أكبر من الناس الجلوس والاستماع إلى محاضرته التي تحلق في أجواء الفن والتاريخ. لقد كان الوائلي وقتها مشهورا كخطيب مفوه، وكنت أمازحه من شدة اعجابي به فأقول له إنه لا يوجد شيء فيه يعاب، فصوته جميل، ووجهه أجمل وأنفه كالسيف".
ويضيف المزعل: "لقد كنا نقصد الوائلي ونحن نضع في اعتبارنا أننا ذاهبون الى الفن والتاريخ وليس للبكاء، فقد كان وقتها الشيخ هادي خير من ينزل الدموع من مآقي العين، الأمر الذي يدفعني الى تحمل السفر إلى كربلاء للاستماع إلى مجلسه، إذ كان قادرا بمجرد حديثه عن الحسين وأهل بيته أن يثير الأشجان ويستمطر الدموع في المجلس. وأتصور أن قدرته هذه كانت السبب في عدم خروجه من العراق، عندما حكي لي أن نفرا من أهل الكويت طلبوه للقراءة في مجلسهم، وبعد إبداء موافقته على ذلك وتهيئة لباسه للخروج للكويت في اليوم التالي، نام ليلته الأخيرة فإذا برجل يأتيه في المنام ليقول له: "يا شيخ هادي هل تريد الدنيا أم الآخرة؟"، فتساءل الشيخ هادي عمن يكلمه فقال: "أنا مولاك الحسين فكيف هان عليك تركي إلى الكويت". عندها استمر الشيخ هادي يقرأ في مأتم البحارنة في كربلاء"
العدد 897 - الجمعة 18 فبراير 2005م الموافق 09 محرم 1426هـ