العدد 896 - الخميس 17 فبراير 2005م الموافق 08 محرم 1426هـ

لبنان على حافة الهاوية

أمنة القرى comments [at] alwasatnews.com

.

واصلت الصحف الغربية تسليط الضوء على تداعيات جريمة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري على الصعيد الدولي. فعشية تشييع الرئيس الراحل برزت تطورات ومواقف ذات مغزى كبير لعل أهمها: قرار واشنطن استدعاء السفيرة الأميركية في دمشق مارغريت سكوبي لمناقشة وتقويم العلاقات مع سورية. وإصدار مجلس الأمن الدولي لبيان رئاسي دان فيه "التفجير الإرهابي" الذي أودى بحياة الرئيس الحريري، ففي السياق الأميركي، اتهمت الصحف الأميركية والغربية عموما سورية بأنها وراء اغتيال الحريري. وأوردت جميعها مزاعم عن التطورات في لبنان إذ لاحظت ان الرفض للوجود السوري يزداد باضطراد فالتظاهرات في مختلف أنحاء لبنان أطلقت خلالها هتافات مضادة لسورية واتهامات لدمشق بالوقوف وراء اغتيال الحريري. لكن اللافت هو وصف جميع القادة العرب بأنهم "طغاة" وان الرئيس بشار الأسد لا يختلف عن أقرانه من العرب. وطالبت بعزل النظام السوري. أما أسباب الاغتيال فعزتها إلى نجاح الانتخابات في كل من العراق وفلسطين المحتلين. وسجلت الصحف أيضا توقعاتها لصعوبات حادة سيواجهها الاقتصاد اللبناني على خلفية غياب الحريري من جهة والقرار 1559 من جهة أخرى، ما يعيد لبنان مجددا إلى حافة الهاوية تقول إحدى القراءات السويسرية.

واتهمت "واشنطن بوست" في افتتاحية تحت عنوان "جريمة في بيروت" سورية باغتيال رفيق الحريري إذ كتبت انه ليس هناك من مستفيد من اغتياله خارج النظام السوري الذي وصفته بالـ "مارق" مطالبة المجتمع الدولي بالتحرك بناء على ذلك. ورأت ان الرئيس السوري بشار الأسد مثل جميع من أسمتهم "الطغاة" العرب لديه أسباب وجيهة ليخشى على مستقبله. فالانتخابات الناجحة في العراق والأراضي الفلسطينية التي زعمت الصحيفة الأميركية ان عملاء سوريين حاولوا عرقلتها، أثارت المطالب بإجراء تغييرات في المنطقة عموما وداخل سورية خصوصا. وفي لبنان، تضيف "واشنطن بوست" بدأت التوقعات تثار بشأن الانتخابات النيابية المقررة في الربيع المقبل وبدأت أحزاب المعارضة ترص صفوفها في محاولة لتقليص السيطرة السورية على السلطة التشريعية في لبنان. وأشارت إلى انه إذا بدا اغتيال الحريري، الذي وصفته بأنه أفضل الزعماء لقيادة لبنان المستقل، وكأنه عمل مسعور لطاغية في مأزق، فإن أصابع الاتهام ستتجه بالتأكيد نحو الأسد دائما بحسب "واشنطن بوست". وأشادت الصحيفة بالخطوة التي اتخذتها الولايات المتحدة ردا على ما وصفته بالعمل الإرهابي عندما استدعت السفيرة الأميركية من دمشق ودعت الأمم المتحدة إلى فتح تحقيق دولي عن عملية الاغتيال. غير ان "واشنطن بوست" استدركت بأن هذا التحقيق مثله مثل التحقيقات السابقة التي جرت، من أجل الكشف عن اغتيالات لسياسيين لبنانيين، لن تفضي إلى أية نتيجة. ودعت بناء عليه إدارة بوش إلى العمل مع فرنسا من أجل تشديد الضغوط على سورية للالتزام بالقرار .1559 وختمت مطالبة المجتمع الدولي بعزل النظام السوري. ونشر سكوت ويلسون في "واشنطن بوست" تحليلا إخباريا عن التطورات والآراء التي تلت عملية اغتيال الحريري. فلفت إلى ان مسئولين لبنانيين رفيعي المستوى حذروا بعد يوم من الاغتيال من ان لبنان يدخل مرحلة متفجرة كالتي سبقت الحرب الأهلية، ودعوا بناء عليه زعماء المعارضة وآلاف المواطنين الغاضبين إلى الهدوء. وعلق ويلسون، على استدعاء الولايات المتحدة لسفيرتها في دمشق، لافتا إلى ان هذه الخطوة تدل على ارتفاع حدة التوتر الذي يسود العلاقات الأميركية - السورية. ورأى انه نظرا إلى خطورة جريمة الاغتيال التي تعد أخطر الاغتيالات السياسية التي شهدها لبنان منذ انتهاء الحرب الأهلية في العام ،1990 دعا زعماء المعارضة والمسئولون في فرنسا - التي انتدبت لبنان بعد الحرب العالمية الأولى - دعوا إلى فتح تحقيق دولي. وأضاف ان عملاء المخابرات السورية في لبنان الذين يعملون مع حلفاء في قوات الأمن اللبنانية كانوا المشتبه بهم في الاعتداءات السياسية السابقة بما في ذلك محاولة اغتيال الوزير السابق مروان حمادة الذي استقال احتجاجا على التمديد لرئيس الجمهورية. في إيحاء منه بأن المخابرات السورية تقف وراء اغتيال الحريري. ونشرت "فايننشل تايمز" البريطانية، مقالا افتتاحيا تحت عنوان "صمت مخيف يسيطر على بيروت قبل تشييع الحريري" لاحظت خلاله انه في الوقت الذي تتم فيه الاستعدادات لمراسم تشييع رئيس الوزراء اللبناني السابق الحريري، خيم صمت غريب على بيروت في الوقت الذي عم لبنان إقفال تام حدادا على الرئيس الراحل. وأضافت ان هناك مخاوف من أن يثير التشييع مواجهات بين المشيعين وعناصر الجيش اللبناني. لافتة إلى ان أعمال شغب اندلعت في أحياء من العاصمة وصيدا مسقط رأس الرئيس الراحل إذ قام مناصروه بإحراق مكاتب "حزب البعث السوري" والتعرض بالضرب عمال سوريين. وفي مقال آخر أشارت "فايننشل تايمز" إلى ان آلاف اللبنانيين يعتقدون ان لسورية يدا في عملية اغتيال الحريري. وأشارت إلى ان عددا كبيرا من عمليات الاغتيال السياسي التي وقعت في لبنان لم تكشف ملابساتها حتى الآن. إلا ان الشبهات ظلت تحوم حول سورية في اغتيال عدد من الشخصيات اللبنانية السياسية البارزة. ونشرت "لوموند" الفرنسية خبرا افتتاحيا تحت عنوان "التوتر يخيم على لبنان قبيل تشييع الحريري" أحاطت خلاله بكل التطورات التي تلت اغتيال الرئيس الحريري. فأشارت إلى ان عائلة الرئيس الراحل رفضت حضور السلطة في مراسم التشييع ودعت إلى جنازة شعبية. وأوردت انه قبيل المراسم نظمت تظاهرات في مختلف أنحاء لبنان أطلقت خلالها هتافات مضادة لسورية واتهامات لدمشق بالوقوف وراء اغتيال الحريري. ولفتت إلى ان عددا من الشخصيات العربية والدولية سيشاركون في مراسم التشييع من بينهم رئيس الجامعة العربية عمرو موسى ومساعد وزير الخارجية الأميركية لشئون الشرق الأوسط وليام بيرنز. هذا وأوردت الصحيفة الفرنسية النصيحة التي أسداها الزعيم الدرزي وليد جنبلاط إلى الرئيس إميل لحود وجميع أركان السلطة بعدم حضور المراسم لأنهم سيقابلون بالبيض والحجارة. وتوقفت "لوفيغارو" الفرنسية عند الأجواء المخيمة على بيروت في اليوم التالي لاغتيال رئيس الوزراء اللبناني السابق رفيق الحريري. فلاحظت ان العاصمة كانت صامتة وحزينة كأنها فقدت فرح الحياة الذي عرفته بعد انتهاء الحرب الأهلية العام .1990 غير انها لفتت إلى ان دارة الرئيس الراحل في قريطم غصت بالمعزين بدءا بالبطريرك الماروني صفير وصولا إلى نواب "حزب الله". وفي مقال آخر تحت عنوان "اللبنانيون في حالة من الارتباك" لفتت الصحيفة الفرنسية إلى ان غياب الرئيس الحريري ترك فراغا كبيرا في لبنان، فالرجل شغل الساحة اللبنانية والسياسية منذ انتهاء الحرب. وأضافت انه خارج الصدمة التي أحدثها هول الاغتيال، يشعر المواطنون اللبنانيون بالقلق على مصيرهم. وأوضحت ان أكثر القضايا التي تثير قلق الشعب اللبناني هي مسألة الحفاظ على سعر صرف الليرة، فالجميع في لبنان يخشون من تدهور مستوى الليرة الذي سيؤدي بالتالي إلى أزمة اقتصادية واجتماعية خطيرة. مذكرة بأن الحريري كان وضع هذه المسألة في صلب سياسته الاقتصادية على رغم انها كلفت الدولة اللبنانية ثمنا باهظا أدى إلى ارتفاع الدين العام إلى ضعف الناتج المحلي. وفي السياق، نشر موقع "كريدي سويس" السويسري على الانترنت، تقريرا تحت عنوان "اغتيال الحريري يعيد لبنان إلى حافة الهاوية" عن تداعيات اغتيال رئيس الوزراء اللبناني رفيق الحريري. ورجح الموقع أن يؤدي اغتيال الحريري إلى عزل لبنان دوليا. وأوضح ان العلاقات السعودية - اللبنانية قد تتعرض لنكسة إذ ان الحريري كان حليف العاصمة السعودية الرئيسي في لبنان. كما ان الزعماء الغربيين الذين عرضوا الدعم على لبنان في الماضي بفضل جهود الحريري الشخصية بمن فيهم الرئيس الفرنسي جاك شيراك، قد ينأون اليوم بأنفسهم عن الحكومة اللبنانية الحالية. وتوقع الموقع أيضا أن تضغط الولايات المتحدة من أجل فرض عقوبات على لبنان لتنفيذ القرار .1559 واستنتج بأن هذه العوامل ستؤدي إلى تضاعف التحديات المالية التي ستواجه الحكومة اللبنانية في المرحلة المقبلة. من جهة أخرى أشار الموقع السويسري إلى ان المخاوف من الفوضى السياسية في لبنان قد يكون لها تداعيات سلبية على ثقة المستثمرين على الأقل على المدى القريب. كما ان اغتيال الحريري قد يجعل من الإصلاحات الاقتصادية مسألة مستحيلة إذ ان الرئيس الراحل كان أحد أبرز مهندسي مؤتمر باريس 2 الذي أبعد لبنان عن حافة الهاوية. مستنتجا أن غياب الحريري قد يعيد لبنان مجددا إلى حافة الهاوية

العدد 896 - الخميس 17 فبراير 2005م الموافق 08 محرم 1426هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً