العدد 896 - الخميس 17 فبراير 2005م الموافق 08 محرم 1426هـ

تستكثرونها على الحسين؟

قاسم حسين Kassim.Hussain [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

تستكثرون على الحسين "ع" إنفاق الأوقاف 350 ألف دينار على إحياء موسم عاشوراء؟ وهي ليست من أموالكم أيها السادة، ولا هي من أموال الدولة ولا من أموال النفط، إنما هي من أموال الحسين الشهيد، أخذت منه وأنفقت على مجالس إحياء ذكراه وموائد ضيافته. تستكثرونها على الحسين ولا تستكثرون إنفاق 150 ألف دينار على نافورة؟ تسألون عن 350 ألفا، ولا يسأل أحدكم عن عشرات الآلاف من الدنانير التي تتفنن وزارة الإعلام في صرفها على حفلات الطرب والغناء؟

جزء قليل من هذا المبلغ أيها السادة تعمر به الموائد التي يؤمها الفقراء وغير الفقراء من أبناء هذا الشعب طوال عشرة أيام، يكونون خلالها في ضيافة البطل الشهيد ابن الأكرمين.

350 ألف دينار، من أموال صاحب كل هذه المآتم والحسينيات المنتشرة في طول البلاد وعرضها، تدفعها الأوقاف، ويدفع أضعافها عامة الناس لإعمار هذه المآتم والمؤسسات الدينية، كانوا على ذلك وسيبقون، من دون أن يمدوا أيديهم إلى أحد، أو ينتظروا مساعدة من أحد، حتى يستكثر عليهم المستكثرون إنفاق الأوقاف 350 ألف دينار!

وهكذا استمر الناس على هذه السيرة المحمودة عبر القرون، ينفقون من أموالهم في سبيل إحياء ذكراه وتعريف الناس بقضيته، بينما كانت أموال الطغاة والحكام الجائرين تنفق طوال القرون لتشويه صورته وتحريف حكايته، فمن قائل إنه "خرج عن حده فقتل بسيف جده"، ومن قائل إنه طاول السلطان من أجل كرسي الحكم فقتل دونه، فكل ما جرى في كربلاء مجرد تنازع على الحكم والسلطان، وجهلوا جوهر القضية: "ألا وإن الدعي ابن الدعي قد ركز بين اثنتين، بين السلة والذلة، وهيهات منا الذلة"، وعندما لم يجد مناصا غير الأسنة ركبها غير هياب، بعد أن أقسم: "وحجور طابت وطهرت، ونفوس أبية، أن نؤثر طاعة اللئام على مصارع الكرام".

عاشوراء موسم قضى الله بأن يكون موردا ينهل من نميره العطاشى والظامئون، الذين يموتون شوقا إلى العدل والحرية والمساواة بين أبناء البشر، ولكن بعضهم لا يفقهون، فيظنون المسألة مجرد نزاع قبلي بين "هاشم" و"أمية"، وليس أكبر تجل لصراع الإرادة بين الحق والباطل.

والأوقاف، هذه الإدارة المدانة السيئة المتخلفة، يكاد يكون إنفاق هذا المبلغ من قبلها، هو التصرف الوحيد الذي لا يرتقي إليه الشك ولا يطاله النقد.

كل الأموال يمكن أن نسأل عنها، من أين جاءت وإلى أين ذهبت، إلا هذه الأموال التي نعرف صاحبها جيدا، مادامت تصرف فعلا لإحياء ذكرى صاحب هذه المآتم، وضيافة عشرات الآلاف على مائدته، في العشر الأوائل من كل عام

إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"

العدد 896 - الخميس 17 فبراير 2005م الموافق 08 محرم 1426هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً